تفاؤل نمو ثروات الأسر ينهار على وقع الأعباء المعيشية المكلفة

لندن – أظهر مسح دولي نشر الاثنين أن اثنين من كل خمسة أشخاص فقط يعتقدان أن أسرتيهما ستكونان في وضع أفضل في المستقبل من حيث الدخل والحماية الاجتماعية.
وتبدو الإحصائيات، التي رصدها مقياس إيدلمان تراست بارومتر، مخيفة في ظل التغييرات الراهنة على ملامح الاقتصاد العالمي، الذي يعاني من أسوأ الكوابيس منذ سنوات بسبب تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
ووجد المقياس الذي استطلع آراء الآلاف من الأشخاص على مدى أكثر من عقدين أن التشاؤم كان في أعلى مستوياته في بعض الاقتصادات الكبرى في العالم مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان.
وأكد كذلك مدى تقسيم المجتمعات بسبب آثار الأزمة الصحية والتضخم، إذ لا تزال الأسر ذات الدخل المرتفع تثق على نطاق واسع بالمؤسسات مثل الحكومة والشركات والإعلام والمنظمات غير الحكومية، لكن الاغتراب منتشر بين الفئات ذات الدخل المنخفض.
وقال ريتشارد إيدلمان الذي نشرت مجموعته إيدلمان للاتصالات الاستطلاع الذي شمل أكثر من 32 ألف مشارك في 28 دولة وتمت مقابلتهم في نوفمبر الماضي “لقد أظهر هذا حقا الانقسام الطبقي الجماعي مرة أخرى”.
وأضاف “لقد رأينا ذلك خلال الجائحة بسبب النتائج المتفاوتة من حيث الصحة، والآن نراه من حيث تأثير التضخم”.
ولاحظت منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات المالية الدولية المانحة ارتفاع حصيلة الجائحة وتداعيات ذلك على الفقراء، في حين أن ذوي الدخل المنخفض يعانون أكثر من غيرهم بسبب زيادة كلفة المواد الأساسية.
وعلى الصعيد العالمي وافق 40 في المئة فقط على عبارة “أنا وأفراد عائلتي سنكون أفضل حالا في غضون خمس سنوات” مقارنة بنسبة 50 في المئة خلال العام السابق.
وكانت الاقتصادات المتقدمة الأكثر تشاؤما هي الولايات المتحدة بنسبة 36 في المئة وبريطانيا بواقع 23 في المئة وألمانيا بنحو 15 في المئة ثم اليابان بحوالي 9 في المئة.
وشهدت الاقتصادات سريعة النمو درجات أعلى بكثير، وإن كانت أقل من العام الماضي، باستثناء الصين التي خالفت الاتجاه بزيادة نقطة مئوية واحدة إلى 65 في المئة على الرغم من الاضطراب الاقتصادي الناجم عن سياسات “صفر كوفيد” التي تم تخفيفها الآن.
وتعكس هذه المخاوف حالة عدم اليقين العميقة بشأن حالة الاقتصاد العالمي مع استمرار حرب أوكرانيا ورفع البنوك المركزية معدلات الإقراض لترويض التضخم. وقد حذر البنك الدولي الثلاثاء الماضي من إمكانية أن “ندخل في ركود هذا العام”.
40
في المئة فقط وافقوا على عبارة "أنا وأفراد عائلتي سنكون أفضل حالا في غضون خمس سنوات" مقارنة بنسبة 50 في المئة خلال العام السابق
وبينما سجل مؤشر إيدلمان الائتماني طويل الأمد مستوى ثقة بنسبة 63 في المئة بالمؤسسات الرئيسية بين المشاركين في الولايات المتحدة من ذوي الدخل المرتفع، انخفضت هذه النسبة إلى 40 في المئة فقط بين الفئات ذات الدخل المنخفض. وظهرت اختلافات مماثلة على أساس الدخل في كل من السعودية والصين واليابان والإمارات.
وفي بعض الدول أشار ذلك إلى استقطاب صريح مع موافقة مستويات عالية من المستجيبين على عبارة “أرى انقسامات عميقة، ولا أعتقد أبدا أننا سنتجاوزها” في بلدان مختلفة مثل الأرجنتين والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا وإسبانيا والسويد وكولومبيا.
وفي حين أن مثل هذه المواقف تعكس حتما الأحداث الجارية، فقد كان انحسار الثقة بالحكومة على وجه الخصوص موضوعا رئيسيا للمسح على مدى عدة سنوات، كما أن مستويات الثقة به هذا العام أقل بشكل حاد من تلك الصحيحة نسبيًا التي سجلتها الشركات.
وعزا إيدلمان ذلك إلى التصورات الإيجابية لخطط إجازة الشركة أثناء الجائحة، والتصفيق لتحركات الشركات للخروج من روسيا بسبب شنها حربا على أوكرانيا، والشعور بأنها بدأت في زيادة لعبها على التنوع والشمول.
وأكد أن المشاركين بهامش ستة إلى واحد أرادوا أن تشارك الشركات بشكل أكبر في قضايا من إعادة تشكيل المهارات إلى تغير المناخ. واقترح إيدلمان أن يشجعهم ذلك على تجاهل الاتهامات مثل تهمة “أيقظ الرأسمالية” التي أطلقها الجمهوريون الأميركيون. وقال “أعتقد أن بياناتنا تعطي الكثير من الذخيرة للمدراء التنفيذيين، الذين أدركوا أن الأعمال التجارية يجب أن تكون قوة مهمة في القضايا المجتمعية”.
