تفاؤل صندوق النقد لا ينسجم مع المؤشرات الداخلية للاقتصاد الجزائري

تقرير صندوق النقد يتناقض مع مؤشر غضب شعبي صامت حول الغلاء فضلا عن استقرار معدل التضخم مما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للجزائريين.
الاثنين 2024/11/11
مشروع قانون الموازنة العامة حمل رقم إنفاق غير مسبوق

الجزائر - قدر تقرير حديث لصندوق النقد الدولي أن يقترب سقف النمو الاقتصادي الجزائري من حاجز الأربعة في المئة خلال العام الجاري، لتكون بذلك في صدارة اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن مؤشرات الاقتصاد الجزئي توحي بعكس ذلك تماما في ظل استمرار ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، في حين تجري مناقشة مشروع قانون موازنة عامة مثيرة، كون مبلغ الإنفاق ناهز الـ130 مليار دولار، لكن نصفها عبارة عن عجز لم تتضح كيفية تغطيته.

وأفاد تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد الإقليمي للعام 2024، بأن الجزائر ستسجل نموا اقتصاديا يقدر بنسبة 3.8 في المئة خلال العام الجاري، وهو ما يجعلها في صدارة نسب معدلات النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متجاوزة بذلك اقتصادات ناشئة في المنطقة.

وينضاف المؤشر الجديد إلى مؤشرات إيجابية سابقة صدرت عن مؤسسات مالية عالمية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، الأمر الذي تستغله السلطة في تنفيذ أجندتها السياسية، وفرض مقاربتها على المناوئين لها، كما ظهر خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وذكر التقرير، الموسوم بـ”خوض غمار المشهد الجغرافي – الاقتصادي المتغير” أن “الجزائر ستتمكن من المحافظة على نمو مستدام رغم التحديات الاقتصادية والمالية العالمية، وأن الاقتصاد الجزائري يتجه نحو انتعاش قوي بفضل تعافي أسعار النفط والغاز إلى جانب انخفاض في التضخم، مما ينعكس على قوة الدينار وانخفاض أسعار الأغذية الطازجة والواردات”.

◙ تقرير صندوق النقد الدولي اعتبر أن النمو المتوقع في الجزائر سيساهم في تحسين مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل

ويأتي ذلك في خضم غضب شعبي صامت حول استشراء ظاهرة الغلاء التي مست مختلف المواد الاستهلاكية والخدمات، فضلا عن استقرار معدل التضخم، مما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، بشكل لم يعد بالإمكان معه تلبية الحاجيات الأساسية لأفراد أسرهم.

وبالموازاة مع الجدل القائم في الأوساط السياسية والبرلمانية، على هامش عرض مشروع قانون الموازنة العامة، التي حملت رقم إنفاق غير مسبوق قدر بـ128 مليار دولار، لكن نسبة العجز تساوت نسبيا مع قيمة العائدات، الذي طرح مخاوف حول آليات تغطية العجز وإمكانية اللجوء إلى طبع النقود، مما يرشح العملة المحلية إلى المزيد من الانهيار وإلى المزيد من الغلاء.

ويرى تقرير صندوق النقد الدولي أن "هذا التحسن في الإيرادات، والنمو المتوقع أيضا، يعود إلى الإصلاحات الاقتصادية المحلية التي تبنتها الحكومة الجزائرية في السنوات الأخيرة، والتي تستهدف التنوع الاقتصادي وتحفيز القطاعات غير النفطية، خاصة الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى تعزيز المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم”.

ولفت إلى أن “الجزائر ستكون في صدارة دول منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2024″، الأمر الذي يجعلها تتفوق لأول مرة على اقتصادات عربية، لكنها لا تزال تعتمد على النفط والغاز كمورد أساسي للخزينة العمومية ولتلبية حاجيات الاستهلاك وتحريك عجلة التنمية.

وذهبت التوقعات إلى أن النمو المتوقع في الجزائر سيساهم في تحسين مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل، مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي، وأنها تمكنت من الاستفادة من الوضع الاقتصادي العالمي الصعب وتحقيق تقدم اقتصادي على الرغم من الظروف الجيوسياسية المحيطة بالمنطقة.

وهي رسالة واضحة على استفادة الجزائر من الأزمة الأوكرانية، التي تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة، وحولتها إلى وجهة أوروبية لتأمين حاجياتها من الغاز، في ظل الحصار الغربي المضروب على روسيا، لكن التحول في البيت الأبيض الأميركي بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يضع تلك العائدات على المحك، في ظل ميل الرئيس القديم الجديد في الولايات المتحدة، لوقف الحرب وحتى رفع العقوبات عن روسيا.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد أكد في وقت سابق أن “الجزائر تجاوزت المؤشرات الحمراء على المستوى الاقتصادي، وأن الاقتصاد الوطني أصبح يسير على سكة النجاعة والتنافسية، بفضل الإصلاحات التي شهدتها المنظومة القانونية من أجل تشجيع الاستثمار والحد من البيروقراطية”.

4