تفاؤل سعودي بموسم سياحي قوي في 2022

تسعى السعودية إلى تعزيز مكانتها كوجهة سياحية رئيسية في الشرق الأوسط ومنافسة وجهات أخرى بالمنطقة عبر الاستفادة من الانفتاح الذي كرّسته الإصلاحات بالتزامن مع تخفيف قيود الإغلاق لمضاعفة أعداد الزوار بما يرسم صورة عن جدّية المسؤولين في النهوض بهذا القطاع الواعد.
الرياض- كشفت السعودية الأحد في أول إعلان عن طموحاتها السياحية لما بعد الوباء أنها تتطلع إلى زيادة عدد زائريها من الأجانب بثلاثة أضعاف خلال العام الجاري مع تخفيف القيود المرتبطة بالأزمة الصحية العالمية وعودة حجاج الخارج.
ولسنوات خلت كانت السعودية المحافظة تكتفي بالسياحة الدينية لكنها بدأت في السماح للأجانب من مختلف الدول بدخول أراضيها في إطار سياسة الإصلاحات والانفتاح التي بدأ تطبيقها، قبل أن تغلق حدودها أمام الزوار في مارس 2020 مع بدء تفشي الجائحة.
وأصدر البلد النفطي الثري، تأشيرات سياحية فورية لمواطني 49 دولة معظمها أوروبية في سبتمبر 2019، بعدما كان القسم الأكبر منها يقتصر على العمل والحجّ والعمرة قبل أشهر من تفشي الوباء، والأضرار التي ألحقها بقطاع السياحة في أرجاء العالم.
وساعدت الزيادة في السفر الداخلي في عامي 2020 و2021 زخم القطاع، حيث سجلت السلطات رقما قياسيا بلغ 64 مليون “زيارة محلية” العام الماضي، في ما يشبه عملية إنقاذ لقطاع السياحة السعودي الناشئ من الانهيار.
وتريد السعودية التي يقطنها نحو 35 مليون نسمة أن تحصل على حصة إضافية من السوق الدولية عبر توفير كافة أسباب الانفتاح على الخارج.

أحمد الخطيب: الآن ندفع ونتحرك لجذب المزيد من الزوار الأجانب
وتؤكد وزارة السياحة أن ثمة رغبة في أن يستفيد القطاع العالمي من دروس الأزمة الصحية العالمية لتحقيق تغييرات إيجابية ترتقي به بما فيها السعودية.
وقال وزير السياحة أحمد الخطيب في مقابلة بالرياض مع وكالة الصحافة الفرنسية “الآن ندفع ونتحرك لجذب المزيد من الزوار الأجانب”.
وأشار إلى أن هدف العام الحالي هو تسجيل 12 مليون زيارة مقابل أربعة ملايين زيارة تم تسجيلها بنهاية العام الماضي. وأضاف “لقد عدنا ونحن متفائلون. شرعت الدول في فتح حدودها وبدأت القيود تُرفع وصار السياح يسافرون”.
ولدى أكبر اقتصادات المنطقة العربية طموحات عالية فهو يهدف إلى جذب مئة مليون سائح بحلول 2030، وهو أحد البنود المندرجة في “رؤية 2030” التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد المرتهن بالنفط والانفتاح على العالم.
وتسهم الخطوط السعودية التي ارتفعت قيمتها التجارية بمعدل 13.1 في المئة، وصعد تصنيفها إلى الفئة أي في التقرير السنوي لأفضل 50 علامة تجارية لقطاع الطيران، بحسب تصنيف شركة براند فاينانس، في هذا المجهود.
وأضافت الشركة مؤخرا العديد من الوجهات شملت مراكش المغربية والعاصمة الهولندية أمستردام ومدينة برشلونة وملقا الإسبانيتين وعنتيبي الأوغندية والعاصمة التايلاندية بانكوك.
وبالإضافة إلى ذلك ستسير الخطوط السعودية رحلات إلى كل من موسكو وبكين وجزيرة ميكونوس اليونانية وسيول وولاية شيكاغو الأميركية قريبا.
ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في عام 2017، تشهد السعودية إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة شملت إعادة فتح دور السينما، والسماح بالحفلات الغنائية، ووضع حدّ لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء وتنظيم مسابقات رياضية عالمية.
وتشكل السياحة أحد أعمدة خطة أكبر منتج للنفط الخام في أوبك لتنويع اقتصاده المرتهن تاريخيا للنفط. وبينما تروّج الحملات الدعائية لمواقع أثرية وطبيعة خلابة، تراهن السلطات على تنويع الوجهات لاستقطاب السياح، مركزة استثماراتها الأكبر في قطاع الترفيه.
وأوضح الخطيب أن من بين المئة مليون سائح المستهدفين بنهاية العقد الجاري، ينتظر وصول 30 مليونا من الخارج فيما العدد الباقي سيشمل المسافرين من داخل البلاد.
وستشمل 30 مليون زيارة من العدد الضخم المستهدف الرحلات الدينية التي يقوم بها السعوديون والأجانب إلى مكة المكرمة التي تضم المسجد الحرام قبلة المسلمين والمدينة المنورة حيث المسجد النبوي.
والشهر المقبل، يستعد البلد لاستقبال مليون شخص لأداء فريضة الحج، بعد عامين شهدا تقليصا حادا في أعداد الحجاج على وقع تفشي وباء كوفيد-19.
وتشكل المشاريع العملاقة التي أطلقها ولي العهد مثل مدينة نيوم المستقبلية التي تقدر كلفة الاستثمارات فيها بنصف تريليون دولار وتطوير مدينة الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى، جزءا من مخططات الحكومة السعودية لجذب السياح الأجانب.
ووفق الخطيب فمن المقرر افتتاح منطقة المطاعم في الدرعية في سبتمبر المقبل، فيما سيتم تشغيل عناصر أخرى من المشروع التراثي والترفيهي العملاق “بدءا من 2025 وصاعدا”.
وقال الخطيب العضو في مجلس إدارة نيوم إن “هذا مستوى جديد من السياحة غير موجود الآن”. وأضاف “ستغير السعودية المشهد السياحي عالميا فالوجهات التي ستقدمها بحلول عام 2030 شيء مختلف تماما”.
وأصدر المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد مؤخرا في دافوس السويسرية مؤشر تنمية السفر والسياحة، الذي أوضح تقدم السعودية إلى المركز 33 على مستوى العالم.

ويصنف المؤشر المستقل الأداء الاقتصادي في 117 دولة، وفقا لقرابة 17 من العوامل والسياسات الخاصة باستدامة ومرونة وتطوير قطاع السياحة والسفر. وقفزت السعودية 10 مراكز دفعة واحدة في العام الماضي مقارنة بالعام 2019، وهو ثاني أكبر تقدم في الترتيب نتيجة للتحسينات في جميع العوامل التي تشمل المؤشر تقريبا.
وكان الخطيب قد قال الأسبوع الماضي تعليقا على تقرير المنتدى إن “بلده يعد وجهة سياحية جديدة تماما، وقد فتحنا أبوابنا للسياحة الدولية قبل بداية الأزمة الصحية تماما، لذا مستعدون وقادرون على التفكير والتصرف بطرق جديدة ومختلفة”.
كما أكد أن الحكومة نجحت في إنشاء نموذج جديد للسياحة يتسم بمزيد من المرونة والاستدامة، عبر التنسيق بين جوانب الرؤية والقيادة والموارد. ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى وزير السياحة قوله حينها “نتطلع إلى مشاركة رؤيتنا والعمل مع شركائنا الدوليين لبناء مستقبل أكثر إشراقاً للسياحة”.