تفاؤل تونسي بانتعاش النمو مع تحسن نشاطي الزراعة والسياحة

تونس - أرسل صناع القرار السياسي في تونس إشارات متفائلة حيال انتعاش الاقتصاد خلال العام الحالي والعام المقبل، رغم التحديات الكثيرة التي لا تزال جاثمة على المؤشرات بفعل ضغوط التضخم.

وتوقع رئيس الحكومة كمال المدوري الجمعة خلال افتتاح نقاشات موازنة 2025، أمام غرفتي البرلمان أن يتعافى نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي مدفوعا بتحسن أداء قطاعي الزراعة والسياحة.

وقال “تبرز مؤشرات تم تسجيلها تؤكد تحسن الأداء الاقتصادي خاصة على مستوى السياحة والفلاحة منذ بداية النصف الثاني، ما يجعلنا نتوقع نموا للناتج المحلي بنحو 1.6 في المئة لكامل 2024”.

وفي حين تبدو الزراعة أفضل حالا من السنوات الماضية على الرغم من الصعوبات المتمثلة في التمويل المقدم إلى القطاع والجفاف، إلا أن السياحة حققت إيرادات هامة في الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي بما يناهز الملياري دولار.

وفي أكتوبر الماضي خفّض البنك الدولي توقعاته بشأن نسبة النمو الاقتصادي لتونس خلال هذا العام إلى مستوى 1.2 في المئة، مقابل توقعات بنسبة 2.4 في المئة، أعلن عنها في شهر أبريل الماضي.

وكان معهد الإحصاء الحكومي قد سجل بنهاية العام الماضي نموا ضعيفا للاقتصاد بواقع 0.4 في المئة، نتيجة استمرار ضغوط أسعار الاستهلاك والفائدة المرتفعة وأيضا بسبب تقلبات الاقتصاد العالمي جراء الحرب في شرق أوروبا.

وأضاف المدوري في كلمته “كما ينتظر تواصل تحسن ميزان المدفوعات بفضل تراجع عجز الميزان التجاري إلى 2.7 في المئة من الناتج المحلي”.

وأردف “سجلنا مستوى مطمئنا لاحتياطي العملة بفضل التحسن المتواصل لتحويلات التونسيين بالخارج وعائدات السياحة، إلى جانب تسارع وتيرة الاستثمار الخارجي”.

وتظل التحديات المرتبطة باستقرار الاقتصاد الكلي وإدارة التضخم كبيرة، إذ أن التدابير الرامية إلى دعم التوظيف وتحفيز الاستثمار الخاص ستكون حاسمة في تحقيق انتعاش اقتصادي أكثر قوة ونمو مستدام.

وأشار إلى أن هدف النمو للعام 2025 هو تحقيق انتعاش اقتصادي مرجو. وقال إن “تقديرات العام المقبل تتضمن نمو الاقتصاد بنسبة 3.2 في المئة”.

ولكن هذا الرقم يظل أقل بكثير من المتوسط المسجل قبل عام 2010 عند حوالي 5.4 في المئة، وبالتالي فهو غير كاف لضمان الرفاه الاجتماعي والنمو والتنمية.

وتتعرض الحكومة لضغوط أكبر من قبل مجتمع الخبراء للإسراع في ترجمة خطط الإصلاح بإشراك المغتربين بشكل أكبر في مسار التنمية لأن البلاد في حاجة إلى جذب الاستثمارات لكسب رهان بناء الاقتصاد على أسس قوية.

وأظهرت أرقام أعلنتها وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية خلال جلسة للبرلمان في الثلاثين من أكتوبر الماضي، ارتفاع قيمة الموازنة لعام 2025 بنحو 3.3 في المئة مقارنة بموازنة السنة الحالية.

وتبلغ قيمة الموازنة المقترحة 78.2 مليار دينار (25.2 مليار دولار)، في حين أن موازنة العام الحالي تقدر بحوالي 24.96 مليار دولار.

وقالت نمصية إن “عجز الموازنة لسنة 2025 سيبلغ 10.1 مليار دينار (3.2 مليار دولار)، وسيتم تمويله أساسا عبر الاقتراض”.

ووفق أرقام نشرها إعلام محلي حول مشروع قانون المالية للعام المقبل، ستعمل الدولة على مضاعفة قيمة قروضها الداخلية، مقابل تقليص الاقتصاد من الخارج.

ومن المخطط أن يصل حجم القروض الداخلية إلى 7.08 مليار دولار من 3.57 مليار دولار بنهاية العام الماضي، بينما سيتراجع حجم القروض الخارجية إلى 1.98 مليار دولار في 2025 مقارنة مع 5.32 مليار دولار في 2024.

وحصلت الحكومة في شهر فبراير الماضي على تمويل مباشر استثنائي من البنك المركزي بقيمة 2.25 مليار دولار لسد العجز في موازنة هذا العام.

وتعتزم تونس زيادة نسب الضرائب المفروضة حاليا على الموظفين والشركات بداية من عام 2025 لتعزيز عوائدها المالية، أمام ضعف المؤشرات الاقتصادية الحالية.

وتسعى الإجراءات إلى معالجة أزمة المالية العامة الخانقة، في ظل عجز مالي لا يزال كبيرا وديون ضخمة في خطة قد تثير غضب الاتحاد العام التونسي للشغل، نقابة العمال القوية، وأيضا أوساط الأعمال والخبراء.

ويتوقع أن تؤثر الحزمة الجديدة التي تأتي في سياق برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تطمح إليه الحكومة لردم الفجوة الكبيرة في عجز الموازنة، بشكل غير مسبوق على قطاع الاستثمار والأفراد والتجار.