تفاؤل أميركي بالتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران خلال أيام

واشنطن - أعلنت الولايات المتحدة الخميس إحراز "تقدم كبير" في مفاوضات فيينا، معتبرة أن إمكانية إبرام اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني ممكنة "في غضون أيام"، إذا أظهرت طهران "جدية" في هذا الشأن.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إنه "تم إحراز تقدم كبير في الأسبوع الماضي"، ولكن "لن يكون هناك اتفاق شامل ما لم يتم الاتفاق على أدق التفاصيل".
وأضاف "باستطاعتنا، بل ينبغي علينا أن نتوصل إلى تفاهم بشأن العودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة في غضون أيام"، في إشارة إلى اتفاق 2015 الذي يُفترض أن يمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية.
وشدد المتحدث على أن أي تأخير "يتجاوز ذلك بكثير، من شأنه أن يعرض إمكانية العودة إلى الاتفاق لخطر جسيم".
ونفت طهران على الدوام سعيها إلى تطوير سلاح نووي، وهو ما سبق لدول غربية في مقدمها الولايات المتحدة وإسرائيل، أن اتهمتها بالعمل عليه.
وخلال المحادثات الحالية لإحياء اتفاق 2015، يشدد الغربيون على ضرورة الإسراع في التفاهم، نظرا إلى تسارع الأنشطة النووية الإيرانية، وتقلّص المدة الزمنية التي تحتاجها طهران لإنتاج كمية من اليورانيوم عالي التخصيب كافية للاستخدام في إنتاج سلاح ذرّي.
وجدد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي التأكيد الخميس أن إيران لا تسعى إلى تطوير سلاح ذري، معتبرا أن اتهامها بذلك "ادعاء سخيف"، وذلك مع بلوغ المحادثات لإحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي مراحل حاسمة.
وأبرمت إيران عام 2015 اتفاقا بشأن برنامجها النووي مع كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، أتاح رفع عقوبات كانت مفروضة على الجمهورية الإسلامية، في مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
لكن مفاعيله باتت في حكم اللاغية منذ أن قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه عام 2018، معيدا فرض عقوبات قاسية على طهران. وردت الأخيرة ببدء التراجع تدريجيا عن الكثير من التزاماتها بموجب الاتفاق.
ومنذ أشهر تخوض إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بمشاركة أميركية غير مباشرة، محادثات في فيينا تهدف إلى تحقيق عودة كل من واشنطن وطهران إلى احترام كامل بنوده.
وتشدد طهران على أولوية رفع عقوبات حقبة ما بعد انسحاب ترامب من الاتفاق، والتحقق من ذلك عمليا، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي.
وتركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على عودة إيران إلى احترام كامل التزاماتها في الاتفاق.
وأكد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني عبر تويتر مساء الأربعاء أنه "بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، اقتربنا من التوصل إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى، ولكن ما لم يتم الاتفاق على كل شيء، لن يتم الاتفاق على أي شيء"، معتبرا أن الأمر يعود الآن إلى "شركاء المفاوضات" لاتخاذ "قرارات جدية".
والخميس قال دبلوماسيون إن اتفاقا أميركيا - إيرانيا في طور التكوين لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، يرسم خطوات متبادلة من الجانبين على مراحل وصولا إلى الامتثال الكامل، لكن أولى هذه الخطوات لا تتضمن إعفاءات من عقوبات النفط.
ولا يزال المبعوثون من إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتفاوضون على التفاصيل، وسط تحذيرات غربية من أن الوقت ينفد قبل أن يصبح الاتفاق الأصلي شيئا من الماضي ويتجاوزه الزمن. ويقول المبعوثون إن قسما كبيرا من نص المسودة تمت تسويته، لكن بعض القضايا الشائكة ما زالت قائمة.
ويتمثل الهدف العام في العودة إلى الاتفاق الأصلي الذي يقايض رفع العقوبات، بما فيها قيود تقلص مبيعات النفط المهمة لإيران، مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية.
وتنص مسودة الاتفاق، التي يزيد طولها عن 20 صفحة، على مجموعة من الخطوات واجبة التنفيذ بمجرد إقرارها، بدءا بمرحلة تتضمن تعليق إيران التخصيب فوق 5 في المئة، حسبما يقول ثلاثة دبلوماسيين مطلعين على المفاوضات.
ويتضمن النص أيضا إشارات إلى إجراءات أخرى، يقول الدبلوماسيون إنها تشمل رفع التجميد عن حوالي 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الكورية الجنوبية بموجب عقوبات أميركية، بالإضافة إلى إطلاق سراح سجناء غربيين محتجزين في إيران، وهو إجراء يشير إليه كبير المفاوضين الأميركيين روبرت مالي باعتباره شرطا لإبرام اتفاق.
وبمجرد تنفيذ هذه المجموعة الأولية من الإجراءات والتأكد منها، تبدأ المرحلة الرئيسية لرفع العقوبات، وتبلغ ذروتها عند ما يسميه الكثير من الدبلوماسيين بيوم إعادة التطبيق.
ويقول دبلوماسيون إن الاتفاق لم يتم على أمد هذه المراحل، وإن النص يتضمن العلامة "إكس" في موضع الإشارة للفترة بين الأيام الهامة مثل يوم إعادة التطبيق. ويقدر مسؤولون المدة الزمنية من يوم الاتفاقية حتى يوم إعادة التطبيق بما يتراوح بين شهر واحد وثلاثة أشهر.
وقال دبلوماسيون إن إيران ستعود إلى الحدود الأساسية مثل الحد الأقصى للتخصيب عند درجة نقاء 3.67 في المئة.
ومثلما كان الحال في الاتفاق الأصلي، الذي يُطلق عليه رسميا اسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، يستلزم الاتفاق الجديد أن تمنح الولايات المتحدة قطاع النفط، وهو شريان حياة في إيران، إعفاءات من العقوبات المفروضة عليه، وليس رفعها تماما. ويستلزم هذا تجديد الإعفاءات كل بضعة أشهر.
وقال دبلوماسي من الشرق الأوسط مطلع على المحادثات "في ما يتعلق بصادرات النفط، بموجب الاتفاق، كان (الرئيسان الأميركيان السابقان باراك) أوباما وترامب يصدران إعفاءات مدتها من 90 إلى 120 يوما مع تجديدها باستمرار، إلى حين توقف ترامب عن ذلك بعد الخروج من الاتفاق.
ويقول دبلوماسيون مشاركون في المحادثات، التي بدأت قبل عشرة أشهر، إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق بالفعل، مستشهدين بمقولة "لا اتفاق على شيء إلى حين الاتفاق على كل شيء".
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء إن على إيران أن تقرر في غضون أيام ما إذا كانت ستنتهز الفرصة، وقال مسؤولون آخرون إن اليومين المقبلين سيكونان حاسمين.
ومن بين القضايا الأخرى التي لا تزال تستعصي على الحل طلب إيران الحصول على ما يضمن عدم انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى. يقول المسؤولون الغربيون إن من المستحيل إعطاء ضمانات قوية نظرا لصعوبة إلزام الحكومات في المستقبل.
رغم ذلك، أشار الدبلوماسي الشرق أوسطي ومسؤول إيراني إلى أن طهران مستعدة لقبول إجراء أخف من خلال النص على أنه في حالة انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق، يُسمح لإيران بالتخصيب بدرجة نقاء حتى 60 في المئة مرة أخرى.
ووقع خلاف في السابق بين إيران والقوى الغربية حول ما إذا كان الانسحاب الأميركي يمنح إيران الحق في انتهاك الاتفاق بموجب النص الأساسي، مثلما فعلت طهران، وأيضا بخصوص تعريف ما هو الانتهاك.
وقال عدد من الدبلوماسيين إن رفع بعض العقوبات الحساسة على نحو خاص قد يتطلب أيضا لقاء مباشرا بين مسؤولين إيرانيين وأميركيين. وترفض إيران حتى الآن عقد اجتماعات مباشرة. وقال المسؤولون من إيران ومنطقة الشرق الأوسط إن تحركا من هذا القبيل سيحدث في نهاية المفاوضات.