تغيّر عادات النوم يزيد من تعرض المراهقين لمشكلات سلوكية

لندن - وجد الباحثون أن التغير في نمط النوم يزيد من خطر التعرض لمشكلات سلوكية ويؤخر تطور المخ في مرحلة المراهقة المتأخرة، حيث يتحول العديد من المراهقين من كائنات صباحية إلى ليلية، مفضلين النوم متأخرا والاستيقاظ متأخرا.
وبحثت الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة “ذا جورنال أوف تشايلد سيكولوجي آند سايكايتري”، في كيفية ظهور العلاقة بين الاختلافات في النوم وبنية الدماغ، وكيف يؤثّر كلّ منهما في الآخر، وذلك من خلال متابعة المراهقين طوال بضع سنوات.
وسلّطت الدراسة الضوء على أهمية التركيز على عادات النوم والاستيقاظ لدى المراهقين في بداية سنوات المراهقة، لدعم صحتهم العاطفية والسلوكية مستقبلا.
المراهقون الذين يتحولون إلى كائنات ليلية يتبعون سلوكيات غير اجتماعية وعدوانية ويميلون أكثر إلى كسر القواعد
واتضح أن المراهقين الذين يتحولون إلى كائنات ليلية في بداية المراهقة المتأخرة (ما بين عمر 12 و13 عاما) أكثر عرضة للمشكلات السلوكية في الأعوام اللاحقة، ويتضمن ذلك اتباع سلوكيات غير اجتماعية وعدوانية أكثر والميل إلى كسر القواعد، لكن لم تزدد نسبة التعرض لمشكلات عاطفية مثل القلق وسوء المزاج.
وأظهرت الدراسة أيضا أن المراهقين الذين يتحولون إلى كائنات ليلية لديهم معدل مختلف لتطور المخ أكثر من المراهقين الذين يظلون كائنات صباحية، فقد وجد الباحثون أن المادة البيضاء لا تتطور في المراهقين الليليين إلى نفس معدل المراهقين الصباحيين، والمادة البيضاء، وفق الباحثين، مهمة في سنوات المراهقة لدعم التطور المعرفي والعاطفي والسلوكي.
وأشار الباحثون إلى أن الأشخاص الصباحيين والليليين لديهم بنية عقلية مختلفة، يتضمن ذلك اختلافات في المادتين الرمادية والبيضاء المرتبطتين بالاختلافات في الذاكرة والرفاهية العاطفية والانتباه والتعاطف.
وطلب الباحثون من أكثر من 200 مراهق ووالديهم الإجابة عن سلسلة من الاستبيانات تخص تفضيلات نوم المراهقين ورفاهيتهم العاطفية والسلوكية، وتكرار المشاركة في تلك الاستبيانات عدة مرات خلال سبع سنوات.
وخضع المراهقون أيضا لفحصين للدماغ يفصلهما عدة أعوام، لفحص تطور المخ، وقد ركز الباحثون على تحديد التغيرات في بنية المادة البيضاء، وهي النسيج الضام في المخ الذي يسمح للعقول بمعالجة المعلومات والعمل بفاعلية.

وأظهرت النتائج المبكرة أن بنية المادة البيضاء تختلف لدى الكائنات الصباحية والمسائية، ومع ذلك، فإن هذه الدراسة هي الأولى التي تفحص كيفية تأثير تفضيلات النوم على نمو المادة البيضاء بمرور الوقت.
ووفقا لموقع “ذا كونفرزيشن”، فإنه قد يحدث تأخير شديد في إيقاع الساعة البيولوجية لدى بعض الأشخاص، والذي قد يكون نتيجة حالة تُعرف باسم “اضطراب مرحلة النوم المتأخر”. وقد وجدت دراسة حديثة أن معدّل انتشار هذا الاضطراب لدى طلاب المدارس الثانوية النرويجية يبلغ 8.4 في المئة، وارتبط ذلك بتدنّي الدرجات في المدرسة، إضافة إلى التدخين وتعاطي الكحول، وارتفاع درجات القلق والاكتئاب.
ويذكر الخبراء سببا آخر وراء رغبة المراهقين في التأخر في النوم ليلا، وهو أن المراهقة تعدّ فترة من زيادة الرغبة في التفرّد والانفصال عن الوالدين. لذلك يمكن أن تكون قدرة المراهقين على البقاء مستيقظين إلى وقت متأخر مظهرا بيولوجيا لهذه العملية. ويقترح باحثون من جامعة ميشيغان أن عندما يتجنّب المراهق والديه بالبقاء ساهرا والتواصل الاجتماعي مع أقرانه، فقد يكون ذلك استجابة لدافع هرموني لتأسيس حياة مستقلة في وقت من اليوم، لا يهيمن عليه الأفراد الأكبر سنا.