تغيّر المناخ يفرض تحوّلا في خارطة زراعة الحبوب في تونس

وزير الزراعة يحث على وجوب مراجعة برنامج الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
السبت 2024/11/16
خارطة مطرية جديدة تستوجب تغيير الخارطة الزراعية

باردو (تونس) - دفعت التغيّرات المناخية التي شهدتها مختلف المناطق التونسية في السنوات الأخيرة الحكومة التونسية للتفكير بجدية في فكرة تغيير الخارطة الزراعية بما يتلاءم وتلك التغيرات.

وبات من الواضح أن إقليم الشمال الغربي الذي يستأثر وفق أرقام رسمية بأكثر من 75 في المئة من الزراعات الكبرى في البلاد، لم يشهد نسب أمطار تمكّن من التطلّع لإنجاح الموسم.

وتمت برمجة زراعة مليون و147 ألف هكتار هذه السنة، منها حوالي 800 ألف هكتار في الشمال الغربي.

ويؤكد خبراء أن تركز التساقطات في الفترة الأخيرة بجهات الوسط والساحل وجنوب شرق تونس، يكشف تغيرا واضحا في الخارطة المطرية التقليدية بالبلاد والتي كانت تشمل خصوصا إقليم الشمال الغربي الذي تتركز فيه أهم السدود، فضلا عن الزراعات الكبرى وإنتاج الألبان.

وحثّ وزير الزراعة والموارد المائية والصيد البحري عزالدين بن الشيخ، على “وجوب مراجعة برنامج زراعة الحبوب والأسعار لتحقيق الاكتفاء الذاتي، في ظل تغير المناخ وتراجع التساقطات خلال فترة نمو الزراعات مع ارتفاع درجات الحرارة.”

مجموع الأراضي القابلة للزراعة في تونس يبلغ نحو خمسة ملايين هكتار، لكن المستغل منها لا يتجاوز 24 في المئة

وقال الوزير، خلال مناقشة ميزانية مهم ة وزارة الزراعة في إطار مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 خلال جلسة مشتركة بين مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم، إن “الوزارة قد وضعت إستراتيجية جديدة للنهوض بمنظومة الحبوب في تونس ترتكز على التطور المستدام للطاقة الإنتاجية وتطوير البحث والتجديد وتمويل المتدخلين وتطوير سلاسل القيمة في المجال.“

كما قامت الوزارة، وفق بن الشيخ، بدراسة سياسة الأسعار المعتمدة للحفاظ على دخل مقبول للمزارعين وتشجيعهم على تعاطي هذا النشاط، إذ تمت الزيادة في أسعار الحبوب عند الإنتاج حسب تطور كلفة الإنتاج على غرار ما تم خلال الموسم الماضي وإقرار منحة استثنائية تشجيعية في حدود 10 دنانير في القنطار تخص كل أنواع الحبوب.

 وأفاد أن “التوجهات العامة بالنسبة للزراعات الكبرى خلال موسم2024-2025، تقوم على مزيد أقلمة القطاع مع تغير المناخ، خاصة، بعد تواتر فترات الجفاف وتوجيه المزارعين لزراعة القمح الصلب في المناطق الملائمة في الشمال وفي المساحات المروية وإعادة إحياء زراعة القمح اللين والتوسع في زراعة الشعير في المساحات البعلية والنهوض بقطاع الحبوب المروية خاصة في ولايات الوسط والجنوب وتكثيف عملية تأطير المزارعين وتطوير أدوات أخذ القرار وتطوير النظم المعلوماتية لمتابعة المواسم.”

كميات الأمطار في مختلف محافظات الشمال الغربي لم تتجاوز الـ10 مليمترات في الشهرين الأخيرين، وهو ما أدى إلى تراجع مخزون السدود إلى 20.7 في المئة

 ولفت أنه “بخصوص تقدم موسم زراعة الحبوب والتزود بمستلزمات الإنتاج، فإن المساحات الجملية المبرمجة لزراعات الحبوب لموسم 2024-2025، قدرت بـ1،173 مليون هكتار منها قرابة 856 ألف هكتار بولايات الشمال وحوالي 317 ألف هكتار بولايات الوسط والجنوب، في ما قدرت مساحة الحبوب المبرمجة حوالي 80 ألف هكتار، منها قرابة 27 ألف هكتار بولايات الشمال وحوالي 53 ألف هكتار بولايات الوسط والجنوب.”

وأشار إلى أن نسبة تقدم عملية التزويد بالبذور المثبتة المتوفرة بالجهات، بلغت حوالي 180 ألف قنطار، ما يمثل 70 في المئة من جملة 260 ألف قنطار مبرمجة والعملية متواصلة لإتمام عمليات التكييف وتزويد الجهات بالكميات المتبقة في حدود 80 ألف قنطار، أما البذور العادية المراقبة، فقد بلغت كميات بذور الشعير المراقبة الموضوعة في الجهات، بحسب الوزير، حوالي 70 ألف قنطار، لافتا أن “العملية متواصلة لإتمام عمليات التكييف وتزويد الجهات بالكميات المبرمجة وهي 160 ألف قنطار“.

ويستهلك التونسيون أكثر من 3 ملايين طن من الحبوب سنويا موزعة بصفة متقاربة بين القمح الصلب واللين والشعير. ويرتكز النمط الغذائي التونسي حول تغذية الأسر بالأساس على الحبوب.

وتظهر أرقام وزارة الزراعة، أن مجموع الأراضي القابلة للزراعة في البلاد يبلغ نحو خمسة ملايين هكتار، لكن المستغل منها لا يتجاوز نسبة 24 في المئة، الأمر الذي لا يُمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي من الاستهلاك السنوي من الحبوب.

وتحتكرُ الدولة التونسية التصرف في قطاع الحبوب في البلاد، تجميعا واستيرادا وتوزيعا ومراقبة، ويتم ذلك حصريا عبر “ديوان الحبوب.”

وتعاني تونس منذ 3 سنوات موجة جفاف حادة، إذ انخفضت نسبة امتلاء السدود منتصف أكتوبر الجاري إلى 21 في المئة، وتسري في البلاد إجراءات رسمية لترشيد استخدام مياه الشرب.

ولم تتجاوز كميات الأمطار في مختلف ولايات (محافظات) الشمال الغربي الـ10 مليمترات، في الشهرين الأخيرين، وهو ما أدى إلى تراجع مخزون السدود إلى 20.7 في المئة، وهي نسبة غير مسبوقة منذ بناء السدود في الستينات.

اقرأ أيضاً: 

4