تغيّر الإستراتيجيات الإيرانية يقوض خطط الولايات المتحدة في شمال سوريا

دمشق - يعكس استقطاب إيران للعشائر العربية في شمال سوريا تغيّرا في الإستراتيجيات الإيرانية لبسط نفوذها في المنطقة ومواجهة الأكراد والقوات الأميركية المتمركزة هناك بعناصر محلية عوض استهدافها من قبل الفصائل العراقية.
ومن أجل ذلك أقدم النظام السوري مؤخرا على خطوة اعتبرها محللون دعما لأجندات حليفه الإيراني في المنطقة تمثلت في منح عدد من الترقيات العسكرية لضباط مقربين من طهران.
وحذر الباحث السوري سامر الأحمد، من أن الوضع في شمال شرق سوريا يتطور بسرعة ما قد يعقد الجهود الأميركية ويزيد من التوترات الإقليمية.
وقال الأحمد في منشورات على منصة ” إكس” إن النفوذ الإيراني بات يتعزز في القامشلي والحسكة شمال شرقي سوريا، مع ترقية العميد أحمد شعبان، “الحليف القوي لإيران”، من رئيس فرع المخابرات الجوية في القامشلي إلى رئيس لأقوى الفروع الجوية في سوريا، وهو فرع المنطقة الجنوبية في حرستا، المسؤول عن دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة والسويداء.
وأوضح أن هذا التحول قد يعكس زيادة دعم ونفوذ الميليشيات الإيرانية داخل المخابرات الجوية في سوريا، وتعزيز قوتها في القامشلي.
واعتبر أن محاولة اغتيال الحاج إياد الصالح، “أبرز أذرع إيران” في الحسكة، قد يدفع الإيرانيين إلى زيادة وتسريع نشاطهم لكسب رجال جدد يمكن الاعتماد عليهم في المرحلة المقبلة.
وأضاف أن ذلك يتزامن مع قلق أميركي من تحول طهران إلى استخدام العشائر المحلية لاستهداف قواعد التحالف الدولي، بدلاً من الفصائل العراقية.
ورجح الأحمد، تغير طرق الاستهداف من المدى البعيد عبر الصواريخ والطائرات المسيرة إلى استخدام الهجمات المباشرة على الدوريات الأميركية، متسائلاً عن وجود إستراتيجية أميركية واضحة للتعامل مع هذه التطورات.
محللون يرجحون تغير طرق استهداف القوات الأميركية من المدى البعيد إلى استخدام الهجمات المباشرة
واستثمرت إيران جيدا الصراع على النفوذ والحكم المحلي بين قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) والقبائل العربية بما يخدم مصالحها طويلة الأمد في المنطقة الحيوية.
ويرجح محللون أن يتسارع تطوير إيران للميليشيات القبلية العربية في شرق سوريا باستخدام نموذج ميليشيات حلب وبدعم من أجنحة اجتماعية واقتصادية وإدارية جديدة ممولة من الحرس الثوري الإيراني.
وتُعتبر معظم المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال وشمال شرق سورية مناطق ذات طابع عشائري، مما فرض على قسد والإدارة الذاتية الكردية منذ تأسيسهما التعامل على هذا الأساس والتواصل بشكل رئيسي مع الفاعلين المحليين من شيوخ ووجهاء قبائل وعشائر وَفْق سياسات مختلفة بين الاستثمار أو التحالف أو التفكيك أو تغيير مراكز القوى للقبائل والعشائر بالشكل الذي يضمن مصالحهما واستدامة مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، لكن الخلافات تصاعدت مؤخرا وتحولت إلى اشتباكات مسلحة بين الحليفين وهي حالة لم تتخلف إيران عن استثمارها لصالحها.
وتستثمر إيران الصراعات المتصاعدة بين المكون العربي والكردي في شرق سوريا لتحقيق هدفين أساسيين وهما مواجهة الأكراد والسيطرة على منطقة شرق الفرات الحيوية لمصالحها بهدف إقامة ممر متواصل لانتقال المقاتلين التبعين لها.
ويرى محمد صالح، وهو زميل أول في برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية أن هذه التطورات تستلزم إعادة تشكيل شاملة لإستراتيجية الولايات المتحدة على مختلف المستويات لتعزيز المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية باعتبارها العنصر الأساسي لهدفها المتمثل في دحر داعش.
ويضيف صالح أن هناك أربعة مجالات رئيسية تتطلب اهتمامًا متزامنًا في إستراتيجية متعددة الأوجه: مكافحة داعش، وتعزيز الحكم المحلي، وإدارة العلاقات بين شمال شرق سوريا وتركيا، والتعامل مع دمشق.
ويجب أن تركز الإستراتيجية الأميركية الجديدة على تعزيز الحوكمة السياسية والاقتصادية في المنطقة، مع السعي إلى تخفيف الأعمال العدائية بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية وتعزيز علاقة المنفعة المتبادلة بين الطرفين من خلال تعزيز العلاقات التجارية. وعلاوة على ذلك، يجب أن تدعو الإستراتيجية إلى التوصل إلى اتفاق سياسي بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد وقوات سوريا الديمقراطية لإرساء الأساس لاستقرار أوسع في سوريا وضمان استمرار النفوذ الأميركي في المنطقة.