تغيير مسار الحكم في كردستان العراق عنوان رئيسي للحملة الانتخابية لحزب الاتحاد الوطني

هدف حزب طالباني من خوض الانتخابات الحصول على إحدى رئاستي الإقليم.
الثلاثاء 2024/10/01
حملة متشنجة

الطموحات الكبيرة التي يعلنها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من خوضه انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق لا تستثني إنهاء سيطرة غريمه الحزب الديمقراطي الكردستاني على أهم مفاصل السلطة في الإقليم عبر إعادة توزيع مناصبها القيادية بزيادة حصة حزب طالباني منها.

السليمانية (العراق) - جعل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من تغيير مسار الحكم في إقليم كردستان العراق عنوانا رئيسيا لحملته الانتخابية استعدادا لانتخابات برلمان الإقليم المقررة للعشرين من شهر أكتوبر الجاري.

ويعني النجاح في تجسيد هذا الشعار بالغ الطموح تغيير خارطة التوازنات السياسية في الإقليم والراجحة لمصلحة الحزب الديمقراطي المسيطر بشكل رئيسي على مقاليد السلطة والممسك بأهم منصبين فيها منصب رئيس الإقليم ورئيس حكومته.

وردّد رئيس حزب الاتحاد بافل جلال طالباني شعار تغيير المسار أمام حشد كبير من أنصار حزبه في تجمّع خصص للتعريف بمرشحي القائمة مائة وتسعة وعشرين الذين سيخوضون الاستحقاق الانتخابي، لتنطلق بعد ذلك حملة شرح وتفصيل للشعار.

وقال القيادي في الاتحاد غياث سورجي إنّ تغيير مسار الحكم يعني أنّ الحزب سيكون شريكا أساسيا في تشكيل حكومة الإقليم التي ستنبثق عن الانتخابات، وإنّه لن يكون متاحا للحزب الديمقراطي الفوز بالرئاستين معا. وتميّز خطاب طالباني في التجمّع المذكور بالحماس البالغ وبالتسويق لقدرة حزب الاتّحاد على تغيير معادلة الحكم في الإقليم.

واعتبر رئيس الاتحاد الوطني أنّ حزبه هو “الوحيد القادر على تصحيح مسار الحكم في إقليم كردستان العراق”، وقال مخاطبا الجمهور “نحن هنا اليوم لدعم قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني رقم مئة وتسعة وعشرين، وبالاعتماد على جماهير شعب كردستان سنغير السلطة الحاكمة ونصحح مسار الحكم في الإقليم”.

سعدي بيره: نعمل على إنهاء هذا الشكل الخاطئ من الحكم
سعدي بيره: نعمل على إنهاء هذا الشكل الخاطئ من الحكم

وتدور الانتخابات المرتقبة والتي تأخر إجراؤها عن موعدها الأصلي بسنتين جرّاء الخلافات السياسية حولها، في أجواء تجاوزت الحماس الناتج عن شدّة التنافس، إلى التوتّر الناتج عن كثرة التجاذبات وتراكم الخلافات، والذي انطلق مع قرار القضاء العراقي إدخال تعديلات على قانونها بناء على طلب حزب الاتحاد الوطني وضدّ رغبة الحزب الديمقراطي.

ومازال حزب طالباني يروّج لتمرير تلك التعديلات باعتباره انتصارا له ودليلا على قوّته التي تشرّع سعيه لتغيير خارطة الحكم في الإقليم. وتطرق طالباني لهذا الموضوع في خطابه قائلا “حاولنا مع جميع الأطراف السياسية التوصل إلى اتفاق حول قانون الانتخابات لكنهم رفضوا ذلك وعقدنا اجتماعات كثيرة معهم لكنهم لم يوافقوا على ذلك، فذهبنا إلى المحكمة الاتحادية وعدّلنا القانون بشكل يصبّ في مصلحة شعب كردستان”.

وتابع قوله “الاتحاد الوطني الكردستاني اليوم أقوى كثيرا من أعدائه ومن باقي الأطراف وأكثر إخلاصا منهم”، وأضاف “عدّلنا قانون الانتخابات بشكل يحفظ حقوق الجميع، والاتحاد الوطني يسير على نهج الرئيس مام جلال (جلال طالباني الرئيس العراقي الأسبق) ولا يسير خلف أيّ طرف سياسي آخر وليس تابعا لأيّ جهة”.

ويتضمّن ذلك نفيا غير مباشر للاتهامات التي يوجهها خصوم حزب الاتحاد لقيادته بالتحالف مع أحزاب وفصائل شيعية مسلحة حاكمة في العراق، ويقولون إنّه يستقوي بها لإحداث انقلاب في معادلة الحكم في إقليم كردستان.

ويعتبرون نجاحه في تمرير التعديلات القانونية المذكورة نموذجا عن ذلك الاستقواء ملمحين إلى لعب أطراف نافذة في مؤسسات الدولة الاتحادية دورا في تمريرها بما لتلك الأطراف من سطوة على جميع المؤسسات دون استثناء لمؤسسة القضاء.

ودعا طالباني “إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع بشكل فاعل والتصويت لقائمة الاتحاد الوطني”. ووجه رسالة “واضحة وصريحة إلى شباب ونساء وأبناء شعب كردستان”، مفادها أنّ “رئيس الوزراء والوزارات الأساسية بيد حزب معين منذ سنوات طويلة.. والمئات من الشباب تركوا البلاد ونزحوا إلى الخارج”، وأضاف “هذه البلاد جنة ولدينا النفط والغاز وكل شيء، فلنخدم بلدنا ونعمل على تطويره”، داعيا الناخبين للتصويت لحزبه الذي قال إنّه “ينفذ كل ما يقوله ويستطيع تغيير مسار الحكم”.

وعلى نفس المنوال نسج القيادي في حزب الاتحاد الوطني قوباد طالباني الذي يتولّى منصب نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق. ووصف في تصريحات صحفية الانتخابات القادمة بالمصيرية قائلا إنّ الاتحاد “هو الوحيد الذي يستطيع تصحيح مسار الحكم وتعديل الأمور الخاطئة”، وإن هدفه من خوض الانتخابات هو “تشكيل حكومة تنال ثقة المواطنين وتعالج المشاكل العالقة مع الحكومة الاتحادية”.

ويستشعر حزب الاتحاد حالة عدم الرضا الشعبي على أداء الحكومة التي هي بالنسبة إليه حكومة الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويعمل تبعا لذلك على استثمار الأوضاع الصعبة لسكان الإقليم.

وقال سعدي بيره المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني إنّ الأخير يعمل على إنهاء “هذا الشكل الخاطئ من الحكم وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين ومعالجة مشكلة رواتب الموظفين بشكل نهائي”.

ومشكلة الرواتب التي أشار إليها بيره هي إحدى المعضلات التي واجهتها على مدى السنوات السابقة سلطات إقليم كردستان العراق بسبب تشدّد الحكومة العراقية في تحويل الأموال لحكومة الإقليم بسبب خلافات بشأن تحويل الموارد التي تتأتى محليا والشكوك في مدى دقّة قوائم موظفي الإقليم المستحقين للرواتب.

"الانتخابات القادمة مصيرية ومؤثرة بالنسبة إلى الاتحاد وشعب كردستان عامة”، مؤكّدا أن “الهدف الرئيس للحزب هو تصحيح مسار الحكم في الإقليم"

ونجمت عن عدم الانتظام في حصول موظفي الإقليم على رواتبهم وتأخرها في أحيان كثيرة لعدّة أشهر متلاحقة أزمة اجتماعية يرى حزب الاتحاد الوطني فيها فرصة لحثّ الناخبين على التغيير. ويقوم منظور حزب الاتّحاد على تحميل الحزب الديمقراطي مسؤولية قضية الرواتب بعدم قدرته على إدارة الملف مع الحكومة الاتحادية نظرا إلى خلافاته مع أطراف فاعلة فيها. وفي مقابل ذلك يطرح حزب طالباني نفسه طرفا أقدر على محاورة السلطة الاتحادية وحلحلة جميع القضايا معها.

وفي ردّ مباشر على هذا الطرح قال عضو الحزب محمد عامر الديرشوي إنّ “نظام الحكم في إقليم كردستان ائتلافي والحكومة مشكّلة من الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني وحركة التغيير، والأزمات تتحملها كل الأحزاب ولا يجب تحميل الديمقراطي وحده لأيّ أزمة”. وأضاف في تصريحات صحفية “الاتحاد الوطني مشارك بالحكومة ولديه منصب نائب رئيسها.. وهو يدير خمسين في المئة من الإقليم، وتحديدا السليمانية وحلبجة، وإذا كان يحمّل الديمقراطي الفشل ويعتبر الحكومة فاشلة، فلماذا بقي مشاركا فيها”.

ورأى آراس محمد آغا عضو المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني أن “الانتخابات القادمة مصيرية ومؤثرة بالنسبة إلى الاتحاد وشعب كردستان عامة”، مؤكّدا أن “الهدف الرئيس للحزب هو تصحيح مسار الحكم في الإقليم”.

وبشكل أكثر تفصيلا شرح سورجي عبارة تغيير مسار الحكم التي اتّخذها حزب الاتحاد عنوانا رئيسيا لحملته الانتخابية بأنّها تعني أن الحزب الديمقراطي لن يحصل على الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده كما كان في السابق، وبالتالي سيكون بحاجة إلى الاتحاد الوطني”.

وأوضح أن الهدف المباشر للحزب هو الحصول على أحد أهم منصبين في حكومة إقليم كردستان الذي يتمتّع بنوع من الحكم الذاتي ضمن الدولة الاتّحادية العراقية. ونقلت عنه وكالة بغداد اليوم الإخبارية قوله “شرطنا هذه المرة أن نحصل على أحد المنصبين، إما رئاسة الإقليم أو رئاسة الحكومة، وإذا حصلنا على واحد من المنصبين فيمكننا تصحيح المسار وتحسين العلاقة مع بغداد، وحل المشاكل التي يعاني منها المواطن الكردي”.

وأبدى سورجي ثقته في حصول حزب الاتّحاد “على مقاعد أكثر من الدورة الأخيرة، وفي تراجع أصوات الحزب الديمقراطي”، موضحا أن ذلك هو سبب طرح مسألة استعادة الحكم  في خطابات الحزب ورئيسه. وعلى الطرف المقابل يرى الحزب الديمقراطي الكردستاني أن ما يطرحه غريمه الاتحاد الوطني مجرّد شعارات منفصلة عن الواقع ويبدي ثقة في تحقيق نتائج في الانتخابات القادمة لا تقل عن نتائجه في الدورات السابقة والتي أتاحت له لعب الدور الأول في قيادة الإقليم.

3