تغيير لافت في خطاب الطبوبي: حديث عن دعم الازدهار ونبذ التفرقة

خطاب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل خفف مخاوف التونسيين من موسم دراسي مضطرب على غرار ما حدث خلال المواسم الدراسية السابقة.
الاثنين 2024/09/16
رسائل طمأنة

تونس – لفت تغيير الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي لهجةَ خطابه، الذي كان يقوم أساسا على المطلبية وتوجيه انتقادات للسلطة هدفها حشد القطاعات المهنية والشارع عموما ضدها، نظر المتابعين للشأن السياسي في تونس الذين ربطوا الأمر بوقوف الاتحاد على حقيقة تراجع شعبيته خلال السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات التي يتهم بالوقوف وراءها في عدة قطاعات، خاصة الفوسفات والتعليم.

وحرص الطبوبي خلال خطابه على الحديث عن دعم الاتحاد لازدهار البلاد والاستثمار في العقول، وذلك قبل يومين من العودة المدرسية التي تنطلق اليوم الإثنين.

ودعا الطبوبي خلال اجتماع نقابي بمدينة سوسة (شرق) مساء السبت “التونسيين إلى تجنّب التفرقة في هذا الوطن والالتفاف حول مشاريع وطنية حقيقية تساهم في ازدهار بلادنا وترفع من شأنها دوليا”.

وقال “بلادنا تعيش مخاضا حقيقيا”، معربا عن أمله في “تجاوز هذه المحنة” ومؤكدا على ضرورة “رفع المعنويات”.

مراد علالة: تغيير نبرة الخطاب هو تفاعل مع الأوضاع الداخلية
مراد علالة: تغيير نبرة الخطاب هو تفاعل مع الأوضاع الداخلية

ويُتهم الاتحاد بالتسبب في تراجع مردودية أغلب المؤسسات الحكومية بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، بسبب رفع رواتب ومنح الموظفين دون وضع اعتبار لإمكانيات تلك المؤسسات، كما يتهم أيضا بالوقوف وراء تعطيل محتجين إنتاج الفوسفات لسنوات، ما كبد البلاد خسائر جسيمة، قبل أن تستعيد الدولة السيطرة على الأمور وتبدأ بإعادة الإنتاج تدريجيا بعد إجراءات 25 يوليو 2021 التي اتخذها الرئيس قيس سعيد.

ويعيش اتحاد الشغل وضعا هو الأصعب منذ 2011؛ حيث تراجع تأثيره وبات في قطيعة تامة مع السلطة، بعد أن لعب دورا هاما خلال العشرية السابقة، إلى درجة أن الحكومات كانت لا تتشكل دون موافقته.

ورسم قيس سعيد حدودا للاتحاد وأكد في أكثر من مناسبة أن “الحق النقابي مضمون، ولكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية”.

وقال الطبوبي السبت “الاتحاد منذ تأسيسه حرص على الاستثمار في العقول والتكوين (التأهيل) وهذا يدلّ على أنّه يتمتّع بنضج سياسي لقراءة الواقع”.

وخفف خطاب الطبوبي مخاوف التونسيين من موسم دراسي مضطرب على غرار ما حدث خلال المواسم الدراسية السابقة بسبب خلافات بين نقابات التعليم التابعة للاتحاد ووزارة التربية، خاصة بعد الإعلان عن تبني مبدأ الإضراب العام الأسبوع الماضي.

وكانت ملامح أزمة جديدة قد ظهرت منذ أسابيع مع بدء المدرسين بتنفيذ وقفات احتجاجية أمام مندوبيات التعليم في مختلف ولايات (محافظات) البلاد، للاحتجاج على “تهميش” النقابات في عملية تعيين مديري المدارس.

وقبل ذلك لوحت نقابات التعليم بالتصعيد بعد أن رفضت منشورا اعتبرت أنه يوسع صلاحيات المتفقدين على حساب مهام المدرسين.

وينظر أولياء الأمور إلى ما يجري بقلق شديد ويتخوفون من تكرار سيناريو حجب الأعداد الذي اعتمدته النقابات ضد وزارة التربية العام الماضي للضغط من أجل ترسيم المعلمين النواب (المؤقتين)، وهو ما أثار الخوف من حدوث سنة بيضاء.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي مراد علاّلة بأن “قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تنحني للعاصفة، ويبدو أنها أدركت جيّدا ما تمخّض عنه الاجتماع الوطني الأخير، ولم يعد هناك مناص من التهدئة مع السلطة”.

وقال لـ”العرب” إن “تغيير نبرة الخطاب هو تفاعل مع الأوضاع الداخلية للمنظمة التي باتت تدرك أن التعبئة الشعبية والقطيعة مع السلطة لم تعد لهما جدوى، وبالتالي لا بدّ من توجيه رسائل طمأنة للسلطة بأنها ليست منظمة سياسية”.

وإثر سؤاله عما إذا كان هذا التغيير تكتيكيا في علاقة بفترة الانتخابات الرئاسية المرتقبة، اعتبر مراد علالة أن “الاتحاد ترك الباب مفتوحا ووهب الحرية لقواعده في الاختيار، وهذا فيه إدراك للحظوظ الوافرة للرئيس قيس سعيّد”.

 ونفى الطبوبي صفة “التحزّب” عن الاتحاد قائلا “لسنا حزبا سياسيا، والمنظمة الشغيلة تدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحياة العامة والفردية والحقوق الكونية للإنسانية”.

وتابع “لسنا منافسين سياسيين، لم ننافس في الانتخابات التشريعية ولا الرئاسية، ولكن نريد شفافية الصندوق والكلمة الحرة والحقيقية والكلمة الفصل”. وشدّد الطبوبي على أن “إرادة الشعب التونسي هي أكبر إرادة، ومن يخشى هذه الإرادة فذلك شأن يعنيه، ولا بد أن يثق في شعبه”.

وكان الاتحاد قد أقر خلال اجتماع عقده قبل أكثر من أسبوع مبدأ الإضراب في خطوة تصعيدية، اعتبر مراقبون أن تنفيذها سيقود إلى نهاية المنظمة.

ويرى المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “اتحاد الشغل يبحث عن البوصلة التي أضاعها منذ المؤتمر السابق الذي عقد في مدينة سوسة (شرق)، وهناك انشقاقات في المنظّمة، وهي تريد أن تصدّر أزمتها إلى السلطة من باب المناورة السياسية”.

وقال في تصريح لـ”العرب”: “يبدو أن الطبوبي قد ندم على إصدار الفصل 20، وهو الآن يتخبّط، وتراجع عن إقرار الإضراب العام عندما رأى الرأي العام ومنظوريه يرفضون ذلك”. واستطرد الرابحي قائلا “اتحاد الشغل تجاوزته الأحداث الاجتماعية”.

1