تغيير الدبيبة لم يعد أولوية.. تركيز باشاغا منصب على الحصول على ميزانية لحكومته

بنغازي (ليبيا) - اختفت دعوات رئيس الحكومة الموازية المكلف من البرلمان فتحي باشاغا إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بتسليم السلطة، وهي الدعوات التي لطالما رافقتها تهديدات باستخدام السلاح، لتحل محلها تحركات تهدف إلى الضغط على المصرف المركزي في طرابلس للحصول على ميزانية.
وتولى باشاغا منذ أشهر السلطة واتخذ من سرت مقرا له، ولم تصرف له ميزانية بشكل واضح، لكنه قال في لقاء إعلامي في أكتوبر الماضي إن المصرف المركزي صرف له مليارا ونصف مليار دينار ليبي (330 مليون دولار)، لم يحدد إلى أين تم توجيهها.
وفي نهاية أغسطس الماضي اندلعت مواجهات مسلحة بين مجموعات تابعة لحكومة باشاغا وأخرى تابعة للدبيبة في طرابلس، في محاولة لدخول العاصمة وطرد الأخير منها، لكن المحاولة باءت بالفشل.
ويتحرك باشاغا منذ أيام حيث أجرى سلسلة من اللقاءات ذات طابع اقتصادي، وكثف بالتوازي انتقاداته لعدة جهات من بينها المؤسسة الوطنية للنفط.
وقالت الحكومة الموازية الاثنين إن باشاغا اتفق مع وزير التخطيط والمالية على أن تقوم الحكومة بإصدار قرارها المتعلق باعتمادات شهرية مؤقتة “بواقع 1/12 من ميزانية 2022” إلى حين اعتماد مجلس النواب ميزانية 2023.
وأوضح بيان للحكومة المكلفة من البرلمان الأحد أن ذلك الاتفاق جرى خلال اجتماع باشاغا مع وزير التخطيط والمالية أسامة حماد في مقر رئاسة الوزراء بسرت.
والخميس الماضي أرسل باشاغا إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مشروع قانون الميزانية العامة لسنة 2023 والتي بلغت قيمتها 57.53 مليار دينار (حوالي 12 مليار دولار)، بحسب الحكومة المكلفة من المجلس.
وفي لقاء مع قناة “الوسط” أوائل أكتوبر الماضي، شدد باشاغا على أن إدارة مصرف ليبيا المركزي “ملزمة بصرف الميزانية اللازمة لحكومته في ضوء اعتماد مجلس النواب لمشروع قانون الميزانية الذي قدمته وزارة المالية (2022)”، وحذر من وقوع إدارة المصرف تحت “طائلة القانون” حال امتناعها عن ذلك.
وأضاف “خاطبنا المصرف ووجدنا تجاوبًا ووفرنا بعض الأموال تقدر بنحو مليار ونصف المليار دينار، وخاطبنا جميع البلديات دون استثناء لمعالجة المختنقات والضروريات بصورة عاجلة”.
والاثنين اتهمت حكومة باشاغا حكومة الدبيبة بصرف 16 مليارا و500 مليون دينار (حوالي 4 مليارات دولار) من مخصصات الباب الثالث (باب التنمية) ضمن “الترتيبات المالية” خلال العام 2022 “دون سند قانوني”.
وجاء ذلك في خطاب من وزير التخطيط والمالية في حكومة باشاغا إلى النائب العام ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس هيئة مكافحة الفساد وجهه في التاسع والعشرين ديسمبر 2022.
وقالت الحكومة المكلفة من البرلمان إن الدبيبة ارتكب “جرائم ومخالفات مالية جسيمة في الثامن والعشرين ديسمبر 2022، لتضاف إلى غيرها من المخالفات الأخرى في حق قوت الليبيين”.
وأوضح الخطاب أن حكومة الدبيبة قامت “بتعلية مبلغ يزيد على 16 مليارا و500 مليون دينار من مخصصات الباب الثالث بما يسمى الترتيبات المالية التي قدرها لهذه السنة دون سند قانوني”.
واعتبر الخطاب أن الهدف من ذلك “التهرب من إعادة المبلغ إلى حساب الاحتياطي العام في نهاية السنة المالية كما تقضي بذلك التشريعات النافذة”، مضيفا أن “الادعاء بأن المبلغ الضخم يخص تنفيذ مشروعات تنموية لم يجر استكمال إنجازها خلال السنة المالية، ما هو إلا تضليل وافتراء”.
كما اتهمت حكومة باشاغا المؤسسة الوطنية للنفط بلعب “دور محوري مخالف للقانون في ذلك، عبر تغذية حسابات وزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية بالتغطية المالية من الإيرادات النفطية المودعة بحساب المؤسسة لدى المصرف الليبي الخارجي”.
وهددت حكومة باشاغا باتخاذ جملة من الإجراءات التصعيدية بهدف “إيقاف تدفق الإيرادات الناتجة عن مبيعات النفط والغاز إلى الحسابات المصرفية لمؤسسة النفط”.
وطالبت بفتح تحقيق جنائي وإداري موسع في الأمر، وتحريك الدعوى الجنائية والتأديبية ضد الدبيبة والمشتركين معه في تلك الوقائع.
باشاغا يتحرك منذ أيام حيث أجرى سلسلة من اللقاءات ذات طابع اقتصادي، وكثف بالتوازي انتقاداته لعدة جهات من بينها المؤسسة الوطنية للنفط
ومساء السبت كشف نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي المقال علي الحبري أسباب الإطاحة به من منصبه والتي أرجعها إلى خلافات بشأن تمويل حكومة باشاغا، بينه ومسؤولي الحكومة الذين رفضوا توصيته بالاستمرار في معدل الإنفاق المقرر بنحو مليار ونصف المليار دينار.
وقال الحبري في مقابلة مع “تلفزيون المسار” إن قرار تمويل الحكومة المكلفة من مجلس النواب جرت مناقشته من قبل اللجنة المكلفة من مجلس النواب وأعضاء من مجلس إدارة المصرف ومسؤولي الحكومة خلال الاجتماعات التي عقدت في مدينة سرت قبل نهاية صيف
العام 2022.
وذكر الحبري أنه اقترح على المشاركين في الاجتماع الإبقاء على التمويل المقرر سابقا والمقرر بنحو مليار ونصف مليار دينار، وذلك التزاما بما جرى التوافق بشأنه خلال عملية توحيد المصرف المركزي، إلا أن مسؤولي الحكومة المكلفة من مجلس النواب أصروا على صرف مبلغ أكبر من المقرر يتطلب صرفه أكثر من ثلاثة أشهر.
وأضاف أنه استمع من مسؤولي الحكومة وأبلغهم أن “ميزانية العام 2022 لم يكن بها أي عجز يتطلب تدخل المصرف المركزي لتمويله، وبالتالي لا يوجد أي معنى لتدخل المصرف وما تريدونه تدخل طارئ، فنصحت بالتركيز على الباب الثاني من الميزانية، واقترحت تدبير تمويل قدره مليارين و500 مليون دينار لكن الحكومة رفضت وأصرت على صرف مبلغ 6 مليارات دينار”.
وتابع “بعد ساعات قليلة من خروجي من الاجتماع فوجئت بصدور قرار إقالتي من المصرف المركزي وتأسفت على صدور هذا القرار بتلك الطريقة”، لافتا إلى أن قانون المصرف المركزي “لا توجد به إقالة” وإنما مساءلة من قبل مجلس النواب صاحب الاختصاص، وهو ما لم يحدث من طرف مجلس النواب خلال جلسة رسمية وفق القانون.
ونفى الحبري تورطه في الفساد خاصة في لجان الاستقرار لمدينتي بنغازي ودرنة، مؤكدا التزامه بجميع الإجراءات المقررة قانونا بعد مرورها عبر ديوان المحاسبة، موضحا أن ما تردد عن تكليف شركات بعينها شائعات لا صحة لها.