تعويل أكراد سوريا على واشنطن مقامرة غير مضمونة

أي مصالحة جدية بين أنقرة ودمشق سيكون لها وقع كارثي على قوات سوريا الديمقراطية.
الخميس 2023/01/19
اتفاق سيعود بالفائدة على الطرفين ولكن..

دمشق- يعول أكراد سوريا على رفض الولايات المتحدة للتقارب بين تركيا ونظام بشار الأسد ما يمهد لتطبيع كامل في العلاقات، إلا أن محللين يؤكدون أن الرهان على واشنطن مقامرة غير مضمونة.

ويقول المحللون إن موقف واشنطن الرافض للتقارب بين أنقرة ودمشق قابل للتغيّر في وقت لاحق انسجاما مع المصالح الأميركية في المنطقة والتي تتغيّر بدورها وفق المعطيات الجديدة على الأرض.

ويذكر هؤلاء تخلي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن قوات سوريا الديمقراطية (العمود الفقري لوحدات حماية الشعب الكردية) والسماح لتركيا بشن هجوم في شمال سوريا منطقة النفوذ الأميركية الأهم في سوريا.

واستبعد المجلس الوطني الكردي في سوريا أن تصل تركيا والنظام السوري إلى أي اتفاق حول تطبيع علاقاتهما، بسبب “شروطهما التعجيزية” التي لا يمكن تطبيقها.

فادي مرعي: أي اتفاق بين أنقرة ودمشق دون موافقة واشنطن سيفشل
فادي مرعي: أي اتفاق بين أنقرة ودمشق دون موافقة واشنطن سيفشل

وقال عضو الأمانة العامة للمجلس فادي مرعي إن أي اتفاق بين أنقرة ودمشق دون موافقة الولايات المتحدة سيكون مصيره “الفشل”، لأن المناطق التي يتم التفاوض عليها خاضعة للنفوذ الأميركي.

وأضاف مرعي أن توصل الطرفين إلى اتفاق حول عودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم لن يلبي طموحات الشعب السوري، لأن ذلك يجب أن يكون بإشراف الأمم المتحدة مع ضرورة توفير بيئة آمنة ومناسبة وتعويض المتضررين.

ورأى أن الهدف الأكبر لتقارب أنقرة مع دمشق يتعلق بالانتخابات التركية المقبلة، لكنه حذر من “تداعيات” على الوضعين السوري والكردي في حال دخلت علاقتهما حيز التنفيذ. واعتبر أن عودة النظام إلى مناطق سيطرة الأكراد في شمال وشرق سوريا تعد “السيناريو الأخطر” بالنسبة إلى الأكراد.

وتصاعد القلق لدى الأكراد بعد اجتماع وزيري الدفاع التركي والسوري في موسكو في خطوة فسرها البعض على أنها بداية لذوبان جبال الجليد بين البلدين قد يكون ضحيتها الأكراد أنفسهم من خلال توافق البلدين على عملية واسعة شمال سوريا.

وتبدو الخيارات المتاحة أمام الأكراد الذين تصدّوا بشراسة خلال سنوات النزاع لتنظيم الدولة الإسلامية، صعبة، في ظل وجود مصالح مشتركة بين الدول الثلاث لإنهاء نفوذهم وإضعاف داعمتهم واشنطن التي اكتفت إلى حد الآن بالتحذير من مغبة التصعيد. ويقول الباحث الفرنسي المتخصّص في الشأن السوري فابريس بالانش “الهدف المباشر للدول الثلاث هو القضاء على قوات سوريا الديمقراطية”.

وتريد أنقرة “القضاء على التهديد الكردي” قرب حدودها، بينما تسعى روسيا إلى “تصفية حليف للولايات المتحدة في سوريا، أي قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي تقوية حليفها بشار الأسد”.

أما دمشق فتريد “استعادة الأراضي وخصوصا ثروتها النفطية” من الأكراد في شمال شرق البلاد والذين تحمل عليهم علاقتهم مع واشنطن، وتنتظر من تركيا “القضاء على الجهاديين في إدلب” في إشارة إلى هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) التي تسيطر مع فصائل أخرى على نحو نصف مساحة محافظة إدلب (شمال غرب) ومحيطها.

الهدف الأكبر لتقارب الرئيس التركي مع النظام السوري يتعلق بالانتخابات التركية المقبلة

ويقول الباحث في مركز سنتشري انترناشونال آرون لوند إن مصالح أردوغان والأسد “تتقاطع”، مضيفا أن “أي مصالحة جدية بين أنقرة ودمشق سيكون لها وقع كارثي على قوات سوريا الديمقراطية، وستتيح للأسد وأردوغان التحرّك بشكل منسّق لحل مشاكلهما الكردية”. وإن حصلت المصالحة، سيبقى لدى الطرفين الكثير من الخلافات لحلّها، بما يتجاوز خصومتهما مع قوات سوريا الديمقراطية.

ومن شأن أي اتفاق أن يعود بالفائدة على الطرفين إذ يمكن أن يساعدا بعضهما البعض على قتل أو إسكات خصوم يتواجدون على أراضي الطرف الآخر أو ترتيب عمليات تسليم متبادلة. كذلك، تجمعهما قضايا مشتركة أو متشابكة كالمياه ومراقبة الحدود وحقوق العبور والتجارة.

وتلعب روسيا، وفق محللين، دورا أساسيا لتحقيق تقارب بين حليفيها اللذين يجمعهما “خصم” مشترك يتمثل بالمقاتلين الأكراد الذين يتلقون دعما من واشنطن. ومنذ اندلاع النزاع، لم يدخل الأكراد في مواجهات مباشرة مع دمشق، باستثناء مناوشات محدودة، وحافظوا على علاقة معها.

واصطدمت جولات من المحادثات بينهما خلال السنوات الماضية بحائط مسدود. ويصرّ الأكراد على الحفاظ على مكتسبات إدارتهم الذاتية التي أسّسوها خلال سنوات النزاع الأولى وتوسّعت تدريجيا. لكن دمشق ترفض ذلك تماما وتحمل عليهم “نزعتهم الانفصالية” وتلقيهم دعما من واشنطن.

لكن العلاقة المتزعزعة بين الطرفين لم تمنعهما من التوصل إلى اتفاقات بوساطة روسية نشرت بموجبها دمشق قوات محدودة في عدد من مناطقهم للحؤول دون تمدّد القوات التركية إليها.

2