تعويض أسر ضحايا المدمرة كول يعزز فرص شطب السودان من لائحة الإرهاب

الخرطوم- أعلنت وزارة العدل السودانية الخميس توقيع اتفاق تسوية في واشنطن مع أسر ضحايا تفجير المدمرة “يو.إس.إس كول”، في خطوة تندرج ضمن مسار شطب اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”.
وأكدت الوزارة في بيان وزعته على وسائل الإعلام أن الاتفاق تم توقيعه في السابع من فبراير الحالي دون أن تذكر مبلغ التسوية، مشيرة إلى أن الاتفاق جزء من جهود السودان للخروج من القائمة السوداء التي تعيق فرص حل الأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها هذا البلد في ظل فترة انتقالية حساسة يمر بها عقب الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير.
وسبق للمحكمة الأميركية العليا أن رفضت العام الماضي دعوى للبحارة الأميركيين الذين أصيبوا في تفجير المدمرة الأميركية في عام 2000 في مدينة عدن اليمنية من الحصول على 314.7 مليون دولار تعويضات من الخرطوم لدورها المزعوم في الهجوم، الذي كان تبناه حينها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وقالت وزارة العدل في البيان الخميس “تم التأكيد صراحة في اتفاقية التسوية المبرمة على عدم المسؤولية عن هذه الحادثة أو أي حادثة أو أفعال إرهابية أخرى… وأنها دخلت في هذه التسوية بغرض استيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وفي 12 أكتوبر 2000 انفجر زورق مفخخ بالمتفجرات في جسم المدمرة “كول”، مما اضطر إلى سحبها إلى ميناء عدن اليمني لإصلاح الدمار الذي أحدثه الانفجار في جسمها. وقتل جراء التفجير 17 بحارا أميركيا إضافة إلى اثنين من المهاجمين، يعتقد أنهما ينتميان لتنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن.
الولايات المتحدة قد تقدم على شطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب خلال الزيارة المرتقبة لرئيس مجلس السيادة
واتهمت واشنطن الخرطوم بالضلوع في التفجير وهو ما تنفيه الأخيرة. وكان تم إدراج السودان في “قائمة الدولة الراعية للإرهاب” في العام 1993 على خلفية علاقته بتنظيم القاعدة واحتضانه لزعيمه الراحل أسامة بن لادن في الفترة الممتدة بين 1992 و1996.
وأصدر قاض أميركي في عام 2012 حكما في مواجهة السودان بدفع مبلغ 314.7 مليون دولار لأسر ضحايا المدمرة، وأمر المصارف الأميركية بالحجز على الأرصدة السودانية الموجودة لديها للبدء في سداد مبلغ الحكم، لكن في مارس 2019 ألغت المحكمة العليا الأميركية قرار المحكمة الدنيا.
ولم تقدم وزارة العدل السودانية أي تفاصيل حول اتفاقية التسوية والأساس الذي بنيت عليه.
وتضع السلطة الانتقالية في السودان التفاوض مع واشنطن للخروج من القائمة السوداء في صدارة أولوياتها، بالنظر لما تشكله هذه الخطوة من أهمية سواء على المستوى السياسي والأهم الاقتصادي الذي يواجه تحديات كبرى، وكان السبب الأساسي في انتفاض الشارع السوداني على البشير الذي قبض على البلاد بالحديد والنار طيلة ثلاثة عقود.
ويؤكد المسؤولون السودانيون أن أحد الأسباب الرئيسية خلف تدهور اقتصاد البلاد يعود لبقاء السودان في “قائمة الدول الراعية للإرهاب”، حيث أن ذلك يحول دون حصول البلاد على مساعدات أو هبات دولية، فضلا عن نفور المستثمرين الأجانب في بلد يكتنز ثروات طاقية ومعدنية هامة.
ويعاني اقتصاد البلاد من ارتفاع معدلات التضخم مما أدى إلى نقص في إمدادات الوقود والعملات الأجنبية ما أدى إلى تفجر الاحتجاجات التي خرجت في ديسمبر الماضي ودفع استمرارها الجيش في نهاية المطاف إلى الاستجابة وعزل الرئيس البشير في أبريل الماضي.
ورغم إبداء المجتمع الدولي دعما للسلطة الانتقالية الجديدة في البلاد، إلا أن ذلك بقي دون المأمول، في ظل موقف أميركي ضبابي.
أصدر قاض أميركي في عام 2012 حكما في مواجهة السودان بدفع مبلغ 314.7 مليون دولار لأسر ضحايا المدمرة، وأمر المصارف الأميركية بالحجز على الأرصدة السودانية الموجودة لديها
ودفع هذا الموقف السلطة الانتقالية السودانية للإقدام على خطوة مثيرة ألا وهي الانفتاح على إسرائيل وتوج ذلك بلقاء جرى بين رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية حيث اتفق الطرفان على مسار تعاوني ينتهي بتطبيع للعلاقات الثنائية.
وبرر البرهان هذا الانفتاح الذي أثار جدلا كبيرا بحاجة بلاده لاتخاذ قرارات جريئة، ومن الواضح أن رئيس مجلس السيادة يراهن على دور إسرائيل في إقناع إدارة الرئيس دونالد ترامب بضرورة شطب اسم بلاده من اللائحة السوداء.
ورفعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 6 أكتوبر 2017 عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ 1997، لكنها تبقي عليه في القائمة السوداء لاعتبارات عدة.
ويرجح مراقبون أن تقدم الولايات المتحدة على هذه الخطوة خلال زيارة متوقعة لرئيس مجلس السيادة إلى واشنطن والتي لم يحدد توقيتها بيد أن الأصداء تقول إنها باتت قريبة.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد وجه دعوة للبرهان لزيارة الولايات المتحدة قبل يوم فقط من لقاء الأخير بنتنياهو، وأكد البرهان أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعته لهذه الخطوة هو البحث عن دعم لشطب السودان من لائحة الإرهاب.