تعنّت الإسلاميين يعيق قبول السراج بوقف القتال

رئيس حكومة الوفاق فايز السراج والسفير الأميركي يؤكدان ضرورة وقف إطلاق النار.
الخميس 2019/07/25
موقف صعب

يجد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج نفسه في موقف صعب أمام إصرار تيار الإسلام السياسي على المضيّ قُدما في الحرب ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ضاربا عرض الحائط بكل التحذيرات والدعوات الدولية بشأن ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية.

تونس - يُعيق تعنّت تيار الإسلام السياسي في ليبيا الذي يقود عن طريق ميليشياته معركة التصدي لسيطرة الجيش على العاصمة طرابلس، قبول رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج بدعوات المجتمع الدولي والبعثة الأممية إلى ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف الحوار.

وبحث فايز السراج، مع القائم بأعمال السفارة الأميركية بالنيابة جوشوا هاريس، مساء الثلاثاء، التعاون المستمر لمكافحة الإرهاب. وأكد الطرفان خلال اللقاء الذي عُقد في تونس، أهمية الوقف الفوري للقتال في طرابلس والعودة السريعة للعملية السياسية بوساطة الأمم المتحدة، وفق بيان للسفارة الأميركية.

وأكد بيان السفارة الأميركية ما يروّج من أنباء منذ فترة بشأن قبول السراج بوقف الحرب واستئناف العملية السياسية، وهو ما ينفيه السراج في تصريحاته وبياناته التي كان آخرها المتعلق بلقائه مع جوشوا هاريش، حيث جاء متضاربا مع بيان السفارة الأميركية.

خالد المشري: لن نقبل التفاوض مع أي طرف يكرّس للعدوان ويفرض الرأي بالقوة
خالد المشري: لن نقبل التفاوض مع أي طرف يكرّس للعدوان ويفرض الرأي بالقوة

وقال بيان المجلس الرئاسي إن السراج أكد للقائم بالأعمال الأميركي “الاستمرار في دحر العدوان على العاصمة” وهو ما يعكس مخاوفه من رد فعل حلفائه الإسلاميين الذين يعتمدون منذ انطلاق المعركة خطابا تصعيديّا متطرّفا، ويضعون شروطا توصف بغير الواقعية لوقف القتال في مقدمتها عودة الجيش إلى مواقعه شرق ليبيا، وانسحابه من المناطق التي سيطر عليها جنوب طرابلس ومن عدة مدن غرب البلاد.

وتتردد أنباء منذ انطلاق المعركة في 4 أبريل الماضي عن استعداد السراج لإيقاف القتال، وفتحه لقنوات اتصال مع القيادة العامة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، وهو ما قوبل بانتقادات حادّة للسراج وصلت حدّ التلويح باستبدال حكومته بـ”حكومة ثوار” أو “حكومة حرب”.

وقال رئيس مجلس الدولة خالد مشري القيادي في حزب العدالة والبناء الإخواني إن مجلسه غير مستعد للحوار.

وأعرب المشري في بيان نشره المكتب الإعلامي لمجلس الدولة على موقع فيسبوك عقب لقائه بالمبعوث الأممي غسان سلامة عن “امتعاض المجلس من مواقف بعض الدول التي تدّعي اعترافها بشرعية حكومة الوفاق الوطني، وتستمر في ذات الوقت في دعمها لمجرم الحرب حفتر في استهداف المدنيين والمطارات والأماكن الحيوية بطرابلس”، مؤكدا أن المجلس يعمل على إنجاح المبادرات السياسية المعتمدة على الاتفاق السياسي، وأنه “لن يقبل التفاوض مع أي طرف يكرّس للعدوان ويفرض الرأي بالقوة”.

ويثير تعنّت الإسلاميين استغراب المتابعين للشأن السياسي الليبي، خاصة بعد البيانات التحذيرية التي أطلقوها نهاية الأسبوع الماضي والموجهة إلى مجلس الأمن بشأن هجوم مرتقب للجيش، وهو ما فهم على أنه استنجاد بالمجتمع الدولي الذي رفضوا قبل أيام قليلة بيانا له دعا إلى ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية.

وأصدرت ست دول هي، الإمارات ومصر وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأربعاء الماضي، بيانا طالبت فيه بضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية بما يسمح بتشكيل حكومة توافقية. واعتبر مراقبون أن ذلك البيان هو نداء الفرصة الأخيرة لحكومة الوفاق ومن خلفها تيار الإسلام السياسي قبل شنّ الجيش للهجوم الحاسم لاقتحام العاصمة.

ويرى هؤلاء المراقبين أن المجلس الرئاسي إذا كان يريد حقا أن يوقف هجوم الجيش ويجلب من يستنجد بهم إلى جانبه عليه أن يتقدم بأفعال تقارب السياسة، وأن يعلن بقرار شجاع قبوله بالوقف الفوري لإطلاق النار ودعوة المجتمع الدولي إلى فرضه ومراقبته، لكن شخصيات وأجسام محسوبة على سلطات طرابلس أصدرت مواقف معارضة لما جاء في بيان الدول الست في حين اكتفى السراج بالصمت.

ودعت الدول الست أيضا في بيانها “جميع أطراف النزاع في طرابلس إلى النأي بأنفسهم من جميع الإرهابيين والأفراد المستهدفين من قبل لجنة العقوبات في الأمم المتحدة، وتجديد التزامهم بمحاسبة المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في شكل أكبر”، وهو ما رد عليه آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أسامة الجويلي بالقول إنهم يحتاجون لصلاح بادي المطلوب دوليا للقتال إلى صفهم.

Thumbnail

وقال الجويلي في تصريحات لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، إن حكومة الوفاق لم تجنّد صلاح بادي في المعركة في إشارة منه إلى أن بادي انخرط في معركة التصدي للجيش دون تلقّي الأوامر من الجهاز العسكري التابع لهم، لافتا إلى أنهم جميعا يقاتلون “ضد حفتر”.

وينظر الإسلاميون بعين الريبة للزيارة غير المعلنة التي يقوم بها السراج إلى تونس، والتي جاءت بعد ساعات من بحثه وقف الحرب مع غسان سلامة. وتحدثت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي عن اختراق الإسلاميين لأغلب اللقاءات التي أجراها السراج وفي مقدمتها لقاؤه بالسفيرين الأميركي والألماني.

وبحث السراج، مع سفير ألمانيا في ليبيا أوليفر أوفتشا مستجدات الأوضاع في ليبيا، وتطورات حرب العاصمة. وأكد أوفتشا موقف بلاده الداعي إلى وقف القتال، منوّها بأنه لا حل عسكريا للأزمة الليبية، ومن الضروري العودة إلى الحوار والمسار السياسي.

وتتفاقم أزمة الثقة بين السراج والإسلاميين في الوقت الذي يحشد فيه الجيش للهجوم الحاسم لاقتحام طرابلس. وتضاربت الأنباء الاثنين بشأن انطلاق العملية فعليا، وذلك عقب تحركات نفذها الجيش انتهت بإحرازه تقدّما في عدة محاور، لكن عدم إعلان القنوات الرسمية انطلاق المعركة الحاسمة يشكك في تلك الأنباء، خاصة وأن محاور القتال شهدت الأربعاء هدوءا.

4