تعليق الاحتجاجات في الجزائر هدنة لا تسعف السلطة

الجزائر- نجح وباء كورونا المستجد، على الأقل مؤقتا، حيث فشل النظام الجزائري في إيقاف مسيرات “الحراك” الذي يهزّ أركان السلطة منذ 13 شهرا رغم توقع المحللين أن الانتفاضة السلمية ستستمر بشكل مختلف لتشتعل من جديد مع انتهاء الوباء.
وحذر المؤرخ جان بيير فيليو، الأستاذ في معهد العلوم السياسية بباريس من أنه “إذا كان الرئيس عبدالمجيد تبون يستفيد من هذه الأزمة غير المسبوقة بظهوره كرئيس دولة نشط في الوقت الحاضر، فإنه يخاطر في المقابل بدفع الثمن باهظا في حالة أي قصور في التعامل مع الجائحة. وعندما يحين الوقت من الممكن أن تعود الحركة الاحتجاجية بقوة متجددة”.
وأجبر تطور الوباء نشطاء الحراك على الدعوة إلى تعليق المسيرات والتجمعات من تلقاء أنفسهم. ولأول مرة منذ بداية الحراك في 22 فبراير 2019، كانت شوارع العاصمة الجزائرية فارغة الجمعة يوم المسيرة الأسبوعية السابعة والخمسين، في حين نزل الآلاف إلى الشوارع في الأسبوع الذي سبق.
وحتى بالنسبة لبعض المتظاهرين، كان من الضروري تقبّل فكرة أن الفايروس لم يكن “من صناعة السلطة” لكسر الحراك، كما قيل على شبكات التواصل الاجتماعي.
وكتب الصحافي أكرم بلقايد في عموده بصحيفة “لوكوتيديان دورون” (يومية وهران) الناطقة بالفرنسية “إن طلب تعليق الحراك لا يعني خيانته، بل هو الاعتراف بأن هناك أولويات في الحياة”.
وأكد بلقايد أن “النظام يفرك يديه مثل متعهد جنائز يفرح بصفقات جيدة قادمة. وبالنسبة له كل ما يهم هو نهاية الحراك لكن ما لا يعرفه هو أن الغضب سيعود وسيكون أقوى بكثير”.
والواقع أنه بعد مرور ثلاثة أشهر على الانتخابات الرئاسية، التي شهدت نسبة مقاطعة كبيرة وانتخاب عبدالمجيد تبون، لم ينجح النظام حتى الآن في التغلب على هذه الحركة الاحتجاجية التي لا تملك أي قيادة. وكل شيء يشير إلى أن الحراك سوف يتكيف مع الظروف الجديدة التي فرضتها الجائحة.
ويخشى الكثير من المتخصصين في الصحة من أن المستشفيات التي تعاني أصلا من الضغط لن تتمكن من التكفل التام بالمرضى في حال التفشي الواسع للوباء في هذا البلد الشاسع الذي يقطنه نحو 45 مليون نسمة، حيث تم تسجيل 17 وفاة وأكثر من 200 حالة مؤكدة.
وقالت الباحثة بمركز البحوث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية في وهران (غرب) يمينة رحو إن “فايروس كورونا لن يقتل الحراك بل سيكشف عن مشكلات القطاع الصحي في بلادنا”.
وبحسبها، فإن الحراك “سيفكر في إعادة بلورة نفسه، ولا يفتقر أعضاؤه إلى البراعة أو الذكاء وسيعبرون عن أنفسهم بأشكال أخرى وبأفعال أخرى”.
ويرى المحلل السياسي محمد هناد أنه “من الضروري الحفاظ على شعلة الحراك”، حيث برزت العديد من الاقتراحات من قبيل مدن ميتة، والطرق على الأواني المنزلية وتكثيف المراسلات على شبكات التواصل الاجتماعي.