تعقيدات تواجه لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري مع استمرار موجة النزوح

دمشق - أقرت لجنة تقصي الحقائق في أحداث العنف التي شهدها الساحل السوري بوجود صعوبات تعترض عملها، فيما تحدثت مصادر مختلفة، من بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن استمرار موجة النزوح من مدن مثل بانياس في محافظة طرطوس، في ظل عدم ثقة بالسلطات.
وتشكلت لجنة تقصي الحقائق في أعقاب موجة العنف التي ظهرت في السادس من مارس الجاري، في مدن وأرياف الساحل السوري، الذي تقطنه الأقلية العلوية التي ينحدر منها الرئيس السابق بشار الأسد.
وتخللت موجة العنف انتهاكات واسعة نسبت إلى الأجهزة الأمنية السورية والمجموعات الرديفة، راح ضحيتها المئات من المدنيين من الطائفة العلوية، وصدمت المجتمع الدولي الذي طالب الإدارة السورية الجديدة بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وقال المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق ياسر الفرحان، في مؤتمر صحفي عقد الثلاثاء في مبنى وزارة الإعلام بالعاصمة السورية دمشق، “دونا 95 إفادة وفق المعايير القانونية في ما يتعلق بالأحداث وتلقينا أكثر من 30 بلاغا بشأن الأحداث ونخطط للانتقال إلى طرطوس وبانياس وحماة وإدلب لتقصي الحقائق.”
وأضاف الفرحان أن اللجنة “عاينت تسعة مواقع واستمعت لشهادات الجهات الأمنية والعسكرية والمدنية في اللاذقية،” مشيرا إلى أنها “التقت بممثلين عن المجتمع المدني والأهلي وتعرفت على رؤاهم،” وأردف قائلا “نقدر دور الشهود وعائلات الضحايا في التعاون معنا ونحترم خصوصياتهم.”
وشدد المتحدث على أن “الظروف ليست مثالية” وأن اللجنة “تحتاج إلى تعاون من الجميع للكشف عن الحقائق،” موضحا أنهم دخلوا إلى كل المناطق التي شهدت أحداثا خلال الفترة الممتدة بين 6 و8 مارس الجاري، وما بعد ذلك. وبحسب الفرحان، فإن “الوقت لا يزال مبكرا للإفصاح عن نتائج التحقيقات،” مضيفا أنهم “يريدون المضي في العمل على الاستماع للشهود ومعاينة أرض الواقع.”
◙ شكوك كبيرة تحوم حول إمكانية إحراز اللجنة المشكّلة أي تقدم حقيقي لاسيما أن العناصر المتورطة تنتمي إلى فصائل مسلحة نافذة
ورجح إنشاء محكمة خاصة لملاحقة المتورطين في أحداث الساحل، موضحا أن “هناك صعوبة في إنجاز مهمتنا خلال 30 يوما ومن الممكن أن نطلب تمديد المهلة.” وأشار إلى أن هناك مسلحين من فلول النظام السابق كانوا يتواجدون في المناطق المحيطة بعملهم الميداني، لافتا إلى أن “التحرك في المناطق التي شهدت الأحداث ما زال خطرا وبعض الشهود وأهالي الضحايا يتخوفون من التواصل مع اللجنة.”
وتحوم شكوك كبيرة حول إمكانية إحراز اللجنة المشكّلة من قبل الرئيس أحمد الشرع أي تقدم حقيقي لاسيما وأن العناصر المتورطة في الأحداث تنتمي إلى فصائل مسلحة نافذة في المنظومة السورية الجديدة مثل فصيلي “العمشات” و”الحمزات” المرتبطين مباشرة بالمخابرات التركية.
ولا يزال الوضع في منطقة الساحل السوري هشا، حيث لا تزال الحملات الأمنية مستمرة في ملاحقة المحسوبين على النظام السابق، في مناخ مثقل بالشك بين السكان والأجهزة الأمنية.
وأفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء بانتشار أمني مكثف لقوى الأمن الداخلي في عدة أحياء من بانياس، مع إغلاق الطرق المؤدية إلى دير البشل كإجراء احترازي لضبط الأمن والبحث عن المطلوبين من أتباع النظام السابق.
ووفقًا لمصادر المرصد السوري، شهدت أحياء المروج والقصور وقرية حريصون ودير البشل، بالإضافة إلى القرى القريبة من بانياس، حركة نزوح للأهالي نحو مناطق أكثر أمناً، في حين امتلأت الصالات والأماكن العامة بالنازحين وسط مخاوف من ارتكاب القوات المنتشرة انتهاكات بحقهم، لاسيما مع الانتشار الأمني المكثف عند مداخل المدينة.
ويأتي ذلك رغم تطمينات القاضي الشرعي في هيئة تحرير الشام الشيخ أنس عيروط في شريط مصور نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، حيث لا تزال حركة النزوح مستمرة، مع ورود معلومات مؤكدة عن إقامة سواتر ترابية في مختلف المناطق المذكورة.