تعقيدات تحول دون مغادرة الميليشيات المسلحة لطرابلس

ارتباط المجموعات المسلحة بحكومة الدبيبة يعسّر مهمة اختفائها.
الأحد 2024/02/25
بقاء الميليشيات يعمق الانقسام السياسي في ليبيا

بات من الصعب التوصل إلى تنفيذ قرار يقضي بمغادرة الميليشيات المسلحة العاصمة الليبية طرابلس، باعتبار موالاتها لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، فضلا عن تنامي صراع المصالح والنفوذ بينها.

واشنطن - استبعد مركز أبحاث أميركي إمكانية مغادرة الميليشيات المسلحة العاصمة الليبية طرابلس بعد شهر رمضان، نظرا إلى وجود تعقيدات وأسباب منطقية تحول دون اختفاء تلك الميليشيات وأولها أنها مرتبطة في غالبيتها بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

ويجمع المراقبون على وجود صراع نفوذ ومصالح بين بعض الميليشيات المدججة بالسلاح تسبب في أكثر من مناسبة في مواجهات بالأسلحة الثقيلة وأفضت في الكثير من الأحيان إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى.

وتعمل معظم هذه المجموعات والتشكيلات الأمنية والعسكرية بشكل مستقل، ولا تمتثل لأوامر وزارتي الداخلية والدفاع، لكنها تبرر تحركاتها وسيطرتها على بعض المواقع بأنها مكلفة من طرف رئاسة الوزراء بشكل مباشر أو من المجلس الرئاسي الذي أصدر قرارات رسمية بإنشائها ومنحها ميزانيات مستقلة.

وقال مركز الأبحاث الإستراتيجي والأمني الأميركي (ستراتفور) إن هناك أربعة أسباب تجعل من احتمال مغادرة تلك المجموعات المسلحة العاصمة طرابلس بعد شهر رمضان، في تقدير يأتي تعليقا على تصريحات وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية.

وفي وقت سابق، أعلن عماد الطرابلسي وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، أنه سيتم إخلاء العاصمة طرابلس من كل التشكيلات المسلحة وذلك بعد شهر رمضان، بينما لم تقدم السلطة في غرب ليبيا خطة واضحة لكيفية إخلاء العاصمة من الميليشيات المسلحة.

أغلب الميليشيات تتواجد في العاصمة طرابلس ورسخت وجودها في أجزاء من المدينة، وبالتالي يصعب إخراجها

واعتبر التقرير الصادر عن مركز ستراتفور أن ما يجعل من تنفيذ ما جاء على لسان وزير الداخلية الليبي أمر صعبا هو أن تلك الميليشيات مرتبطة أو “مندمجة بقوة داخل جهاز الدولة والعديد من أعضاء الحكومة المعترف بها دوليا لديهم علاقات بتلك المجموعات المسلحة”.

كما أن أغلب تلك الميليشيات تتواجد في العاصمة ورسخت وجودها في أجزاء من المدينة وبالتالي يصعب إخراجها أو تجاوبها أصلا مع دعوتها للعودة إلى مقراتها.

كما لاحظ المركز الأميركي أن استبدال تلك الميليشيات بقوة شرطية بشكل كامل في العاصمة الليبية يبدو أمرا صعبا بسبب محدودية الموظفين الأمنيين والموارد الحكومية.

وتتولى المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الوحدة مسؤوليات أمنية ورقابية إلا أن الخلافات بينها أو صراع النفوذ عادة ما يفضي إلى مواجهات مسلحة دموية تحرج السلطة في غرب ليبيا.

وأشار تقرير مركز ستراتفور إلى احتمال وجود اتفاق على إبعاد تلك الميليشيات عن أجزاء من العاصمة لإظهار قدرة الحكومة التي يقودها عبدالحميد الدبيبة على السيطرة على الوضع، لكنها تبدو سيطرة محدودة في ظل انفلات السلاح في أكثر من مناسبة كان آخرها اشتباكات 18 فبراير الجاري.

وكان وزير الداخلية في حكومة الوحدة قد أعلن الأربعاء الماضي التوصل إلى اتفاق لإخلاء المجموعات المسلحة من العاصمة طرابلس وعودتها إلى مقراتها وثكناتها، لكن لم تتضح آليات تنفيذ هذه الخطوة وما إذا ما تم الاتفاق مع جميع المجموعات أم بعضها.

وقال عماد الطرابلسي في مؤتمر صحفي إن مفاوضات ومشاورات استمرت لأكثر من شهر أفضت إلى التوصل لاتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل من المسلحين في غضون الفترة المقبلة.

وتابع “لن يكون فيها سوى عناصر الشرطة والنجدة والبحث الجنائي”، في إشارة إلى الأجهزة النظامية التابعة لوزارة الداخلية، وهي “الأمن العام وجهاز دعم الاستقرار والردع واللواء 111 و444 قتال وقوة دعم المديريات”.

وحتى هذه التشكيلات الأمنية النظامية ليست تشكيلات منضبطة إذ دارت اشتباكات سابقة بين بعض مكوناتها وهو ما يطرح الكثير من التحديات في التعاطي معها كأجهزة خاضعة لسلطة الداخلية.

وفي أغسطس 2023، أسفرت الاشتباكات بين قوة الردع الخاصة واللواء 444 عن مقتل 55 شخصا وإصابة 146 آخرين.

وتسببت المنافسة بين مختلف التشكيلات المسلحة في مواجهات مدمرة وقتلى بين أفرادها وإلى زيادة منسوب العنف في العاصمة الليبية ومحيطها.

ويتنافس عدد كبير من القوات المسلحة على مواقع في طرابلس منذ الانتفاضة التي دعّمها حلف شمال الأطلسي في 2011 وأطاحت بمعمر القذافي بعد حكم استمر طويلاً وتلتها سنوات من الفوضى والحرب وانعدام الأمن.

2