تعطل الصادرات يعمق متاعب السودانيين المنهكين

دبي/الخرطوم - أكد تجار في دبي الجمعة أن الاندلاع المفاجئ للقتال في السودان قبل ثلاثة أسابيع تسبب في اختناقات لصادرات سلع مهمة على رأسها الذهب والسمسم والفول السوداني واللحوم مما حرم البلاد من عوائد نقدية تحتاجها لاستيراد سلع أساسية.
وتدور رحى أعنف اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم، وتسببت في إغلاق المطار والمصارف وانقطاع الكهرباء عن الشركات وتعطيل الشحن بعد تعرض مكاتب ومصانع ومخازن للنهب على يد مسلحين.
وتحتاج البلاد بشدة إلى العملة الصعبة التي تجنيها من الصادرات، وخاصة تجارة الذهب عبر دبي، التي تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار، لتتمكن من استيراد الوقود والقمح والأدوية والأغذية في ظل ما تشهده من كارثة إنسانية.
ودفعت الحرب نحو 850 ألفا للنزوح عن منازلهم، ويتوقع أن تفاقم المشكلات التي تواجهها التجارة مأساة بلاد يعتمد نحو ربع سكانها على المساعدات الغذائية حتى قبل اندلاع القتال الشهر الماضي.
وقال مستورد للذهب في دبي لرويترز، لم تذكر الوكالة هويته، إن “صادرات الذهب القانونية إلى الإمارة توقفت بالكامل لأنها تعتمد على الشحن الجوي، بعدما جرى إغلاق المجال الجوي السوداني أمام أغلب الرحلات”.
عمليات الشحن التجارية عبر ميناء بورتسودان توقفت بالكامل مع وقف الشركات الكبرى للحجوزات الجديدة
وأضاف “هذا يعني غياب العائدات اللازمة لاستيراد السلع الأولية الأساسية وسيدفع الجنيه (السوداني) للانخفاض”.
ودبي مركز تجاري منذ فترة طويلة للمصدرين السودانيين بعدما تسببت العقوبات الاقتصادية في عزل الشركات، وجعلت المعاملات مع الخارج أمرا صعبا.
وبالنسبة إلى من بقوا في الخرطوم، مركز الأعمال في البلاد، فإنهم يعانون من توقف الخدمات الأساسية وشح السيولة وإمدادات الغذاء فضلا عن التزايد الحاد في أسعار الوقود.
وقال أحد وكلاء الشحن “أيّ شيء يمرّ عبر الخرطوم لا يمكنك القيام به”، مشيرا إلى أن البنوك تعرضت للنهب كما تعطلت الأنظمة المصرفية والجمركية المركزية، فيما لم تعد عمليات السحب والإيداع متاحة إلا في الضواحي.
وأوضح مسؤول في ميناء بورتسودان، وهو مركز الملاحة البحرية الرئيسي بالبلاد، أن عمليات الشحن التجارية عبر الميناء توقفت بالكامل مع وقف شركات الشحن الكبرى للحجوزات الجديدة.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم إن “مسؤولين من كل من الحكومة والميناء والقطاع المصرفي في بورتسودان يحاولون حل المشكلة”.
من المتوقع أن تفاقم المشكلات التي تواجهها التجارة مأساة بلاد يعتمد نحو ربع سكانها على المساعدات الغذائية حتى قبل اندلاع القتال الشهر الماضي
وأضاف “نؤكد للناس أنه السلع ستعود إلى الانسياب وسيتم تخليصها بصورة طبيعية، ولن يكون هناك شح فيها بسبب إجراءات مالية معقدة”، دون التطرق إلى توقف نشاط الشحن.
وبلغ العجز التجاري في السودان 6.7 مليار دولار العام الماضي، وتسببت إصلاحات كانت تهدف إلى جذب التمويل الأجنبي في انهيار سريع في قيمة الجنيه مع ارتفاع التضخم لأحد أعلى المعدلات في العالم.
وكان المستثمرون يضعون خططا لإقامة مشاريع جديدة خاصة في مجال الزراعة بهدف الاستفادة من الأراضي مترامية الأطراف الصالحة للزراعة وغير المستغلة والتوسع في عمليات معالجة المواد الخام لتنويع الصادرات.
وقال مُصدّر للحوم “إذا استمرت الحرب ستخرج الشركات السودانية من سوق اللحوم بالكامل لأن المستوردين لن ينتظروا”، وأشار إلى أن فرصة الابتعاد عن تصدير الماشية إلى تصدير اللحوم صارت مهدرة الآن.
وبالفعل أعلنت مصر، وهي مستورد كبير للماشية السودانية، أنها تبحث سبل تنويع مصادر الاستيراد.
وعلى المدى الأطول ستقوض الأضرار التي لحقت بالمنطقة الصناعية الرئيسية في البلاد بمدينة بحري، حيث تعرضت مصانع كبرى للإحراق أو النهب، محاولات التعافي.
وقال أحد تجار السمسم والبذور الزيتية والسكر والذي تتكبد شركته خسائر يومية من جراء عدم الالتزام بالتعاقدات ونهب المستودعات وتضرر البنية التحتية “إذا انتهت الحرب سيحتاج القطاعان الخاص والصناعي إلى وقت طويل وإلى دعم كبير للعودة لما كانا عليه”.