تعطل الأجهزة الانتخابية يفتح باب الشكوك في سلامة نتائج انتخابات مجالس المحافظات العراقية

بغداد- حمل التصويت الخاص في الانتخابات المحلية العراقية، مؤشرات سلبية بشأن إمكانية إتمام المناسبة الانتخابية التي تُستكمل الاثنين بالتصويت العام، في أحسن الظروف بعيدا عن محاذير التلاعب وتزوير إرادة الناخبين.
وتمثّل ذلك في تعطّل أعداد كبيرة من أجهزة التصويت الإلكترونية تجاوزت في محافظة أربيل بإقليم كردستان ما نسبته خمسة وسبعون في المئة من العدد الجملي لتلك الأجهزة، وهو الأمر الذي تعذّر معه نقل البيانات بشكل فوري إلى مركز العدّ والفرز.
ورأت جهات عراقية في ذلك مقدّمة لتزوير نتائج الانتخابات التي تعوّل عليها القوى السياسية الأكثر قوة ونفوذا لتكريس هيمنتها على مقاليد السلطة في العراق وتوسيعها لتشمل الحكومات المحلّية.
وذكّر مشككون في تعطل الأجهزة بشكل عارض وتلقائي بثناء المفوضية العليا للانتخابات على متانة الأجهزة ودقّتها استنادا إلى آراء الخبراء والفنيين، وإلى ما أجري من اختبارات متعدّدة للأجهزة قبل التصويت من خلال إجراء عدّة بروفات انتخابية.
كما ذكّروا بأن الأجهزة ذاتها والتي كلّفت الدولة العراقية أموالا طائلة كانت موضع تشكيك كبير خلال الدورتين السابقتين من الانتخابات التشريعية، وقد ثبتت في أكثر من موضع إمكانية التلاعب ببياناتها، واللجوء إلى تعطيلها بشكل متعمّد بهدف تزوير النتائج لمصلحة أحزاب بعينها.
وكان النازحون وعناصر القوات الأمنية ونزلاء السجون والمستشفيات قد أدلوا السبت بأصواتهم في الانتخابات المحلية. وقالت مفوضية الانتخابات إنّ التصويت “مضى دون أعطال في الأجهزة”، لكن أنباء مؤكدة تواترت بعد ذلك بشأن حصول الكثير من الأعطال في الأجهزة طالت مختلف محافظات البلاد وتسببت في ارتباك بعملية الاقتراع وطباعة البيانات ونقلها إلكترونيا.
واضطرت المفوّضية بعد ذلك إلى التدارك معلنة عن قرارها نقل صناديق الاقتراع إلى مركز التدقيق المركزي في العاصمة بغداد لإجراء العد والفرز اليدوي.
وقالت، الأحد، في بيان إنّ ذلك الإجراء جاء استنادا إلى بند قانوني ينص على أنّه “في حال عدم إرسال النتائج من قبل جهاز تسريع النتائج عبر الوسط الناقل إلى مركز تبويب النتائج ولمدة ستّ ساعات، يتم نقل صناديق الاقتراع إلى مركز التدقيق المركزي وتعتمد نتائج العد والفرز اليدوي”.
وأشارت إلى أن “الأجهزة لم ترسل النتائج لبعض محطات التصويت لأسباب فنية ذكرتها الشركة الكورية المصنعة” لتلك الأجهزة.
وأشار النائب بالبرلمان العراقي ياسر إسكندر وتوت إلى جدية المخاوف من تزوير الانتخابات، متسائلا عبر منصّة إكس “لماذا تعطلت الأجهزة الانتخابية؟ ولماذا نقلت الصناديق دون عد وفرز يدوي كما أشار القانون؟”.
وأضاف “هناك مخاوف حقيقية من جريمة تلاعب بالانتخابات”، محذرا من “المساس بسير العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة”.
ومن جهته أصدر مجلس النواب العراقي، الأحد، بيانا بشأن المشاكل الفنية التي حدثت أثناء عملية التصويت الخاص في انتخابات مجالس المحافظات.
وجاء في البيان الصادر عن رئاسة المجلس “تابعنا بقلق المشاكل الفنية التي حدثت أثناء عملية التصويت الخاص في انتخابات مجالس المحافظات وبالتحديد عدم إرسال النتائج عبر الوسط الناقل لأعداد كبيرة من صناديق الاقتراع، ونقلها إلى مراكز العد والفرز دون القيام بالعد اليدوي”، مؤكّدا حرص البرلمان “على قيام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأداء مهامها وواجبها الدستوري في الحفاظ على أصوات الناخبين وحقوق المرشحين وتحري الدقة وعدم تكرار الأخطاء في التصويت العام، لاسيما وعدد المراكز والمحطات أضعاف ما تم فتحه بالتصويت الخاص”.
وأضاف أنه “يجب على المفوضية إعطاء الضمانات الكاملة بعدم تكرار الأخطاء الفنية والإعلان عن سلامة الأجهزة المستخدمة، خاصة أن قانون الانتخابات قد اشترط قيام المفوضية بالتعاقد مع شركات فاحصة مستقلة، وتنفيذ المحاكاة للتأكد من جميع الإجراءات، وتوفير كل الضمانات اللاّزمة للحفاظ على الصناديق المرسلة لمنع التلاعب بالنتائج”.
إلى ذلك احتجّت قوى مشاركة عبر مرشّحيها في انتخابات مجالس المحافظات على تعطّل أجهزة التصويت. وطالب تحالف “نبني” في بيان صادر عن متحدثته الرسمية حنان الفتلاوي مفوضية الانتخابات بمعالجة أي خلل حصل بالأجهزة للحفاظ على أصوات الناخبين.
ويجمع التحالف المذكور عددا من أقوى الأحزاب والفصائل الشيعية النافذة والتي يشتكي منافسوها في الانتخابات من تغوّلها متهمين إياها باستخدام مقدّرات الدولة التي تتولى قيادتها بشكل رئيسي في التأثير على النتائج، ومن ذلك مشاركتها عن طريق الحشد الشعبي في تأمين العملية الانتخابية على الرغم من أن الحشد نفسه مرشّح من خلال تحالف “نبني” وعن طريق ممثله السياسي تحالف الفتح بقيادة هادي العامري زعيم ميليشيا بدر.