تعزيز كفاءة الطاقة جزء أساسي في مسار مكافحة تغير المناخ

دبي - يشكل استخدام المصادر المتوافرة حاليا على نحو أكثر كفاءة أحد الأساسات الرئيسية للتحول في مجال الطاقة في مسار مكافحة تغير المناخ.
ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن هذا العامل المهم مازال مهملًا إلى حد كبير، في حين ينتظر إطلاق دعوة السبت في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ كوب 28 لمضاعفة تدابير “الكفاءة” بحلول عام 2030.
ويقول مركز الدراسات المتخصص في مجال الطاقة إينرداتا إن الكفاءة هنا تعني استهلاك طاقة أقل في مقابل الخدمة نفسها التي يقدمها جهاز أو تكنولوجيا.
ولكن خبراء المركز يرون أنه لا ينبغي الخلط بينها وبين الاعتدال المرتبط بتغيير السلوك لدى استعمال أجهزة التبريد أو التدفئة على سبيل المثال.
وتعتقد الوكالة الدولية للطاقة أن تحقيق كفاءة استخدام الطاقة من شأنه السماح بقطع نصف الطريق نحو الحياد الكربوني في 2050، فهي تعد اللبنة الأولى في عملية التحول، أو “الوقود الأول”.
وقال بريان ماذرواي الخبير بهذا المجال في الوكالة لفرانس برس إن “الحكومات لا توليها في كثير من الأحيان أهمية كافية”.
وأضاف “مع ذلك، فهي ضرورية خلال العقد الحالي الحاسم لأننا كلما زادت كفاءتنا في استهلاك الطاقة، قلّت حاجتنا إلى الاستثمار في الألواح الشمسية أو الطاقة النووية أو شبكات الاتصالات”.
وعاد الموضوع ليُطرح بقوة في عام 2022 مع أزمة الطاقة وارتفاع أسعارها نتيجة ما خلفه اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وزادت الاستثمارات في تجديد المباني أو النقل العام أو البنية التحتية للسيارات الكهربائية العام الماضي بنسبة 16 في المئة مقارنة بعام 2021، لتصل إلى 560 مليار دولار. وكذلك، باشرت أكثر من 25 دولة حملات توعية عامة.
وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الأربعاء الماضي إلى أن عام 2023 شهد انعطافًا طفيفًا، فقد أدى التضخم وارتفاع أسعار الفائدة إلى تباطؤ الاستثمارات في الكفاءة.
وأوضحت أن درجات الحرارة القياسية تسببت في ارتفاع معدلات شراء مكيفات الهواء واستهلاك الكهرباء، من آسيا إلى تكساس.
ومع ذلك، تعتبر الوكالة أن هذا الاتجاه ثابت، ولكنه غير كاف. فالتدابير موجودة لدى الدول التي تمثل ثلاثة أرباع الاقتصاد العالمي، والمعايير الصناعية آخذة في التطور. ولكن على نحو متفاوت وغير منتظم.
ويقول مدير الوكالة فاتح بيرول إنه في كوب 28 “يجب على الحكومات أن توافق على مضاعفة التقدم في مجال الكفاءة بحلول عام 2030، للانتقال من اثنين في المئة سنويا إلى 4 في المئة”.
واعتبر ذلك “إشارة” ضرورية للأسواق والمستثمرين والمصنعين. فالقضية لها أبعاد اقتصادية ومناخية، ومضاعفة الكفاءة تعني تجنب انبعاث 7 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل الانبعاثات الحالية لوسائل النقل.
ويرى الخبراء أن هوامش التقدم تظهر في كل مكان، وعلى سبيل المثال، تمثل المباني التجارية والمكاتب والمباني التعليمية في فرنسا ثلث استهلاك الكهرباء في فصل الشتاء.
وتفيد شركة آر.تي.إي مشغلة شبكة الكهرباء عالية التوتر في فرنسا أنه يمكن لهذه المباني “توفير 20 في المئة من الاستهلاك من دون بذل جهود هائلة، مع القليل من الوعي والإدارة التقنية”.
وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة كذلك أن استخدام تقنية ليد المقتصدة للطاقة في الولايات المتحدة في كل مصابيح الإضاءة من شأنه أن يوفر الطاقة اللازمة لتشغيل 3 ملايين سيارة كهربائية سنويا، أو لتدفئة 2.6 مليون منزل مجهزة بمدافئ حرارية.
وبدأت الصناعة التي تضررت كثيرا جراء تضخم أسعار الطاقة بالتحرك في هذا الاتجاه، ولكن الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات أكبر علما أنها ستمثل على مدى العقد المقبل 70 في المئة من الوفورات المحتملة في القطاع.
وتمثل مكيفات الهواء مسألة أخرى، إذ “يتوقع بحلول 2050 شراء 10 مكيفات هواء في كل ثانية، ولكن متوسط كفاءة مكيف الهواء الذي يتم شراؤه اليوم هو بنصف كفاءة أفضل مكيفات الهواء المتاحة”، وفق ماذرواي.
4
في المئة هي النسبة التي تطالب وكالة الطاقة الدولية ببلوغها عالميا بحلول عام 2030
ويقول جان باسكال تريكوار رئيس شنايدر إلكتريك، الشركة الكبرى في مجال إدارة الطاقة، لفرانس برس إن الجواب تكنولوجي.
ويوضح أن الرقمنة واستخدام الأجهزة ذاتية التشغيل في المنازل يجعلان من الممكن توفير 30 في المئة من الطاقة خاصة وأن المستخدم يراقب بذلك استهلاكه عن كثب ويكون “مسؤولا” عن ذلك.
ويضيف أن الأمر نفسه ينطبق عندما يكون الإنتاج لامركزيا “ففي أوروبا، إذا قمنا بتجهيز جميع الأسطح بألواح الطاقة الشمسية، يمكننا تقليل التأثير على احتياجات الكهرباء بنسبة 20 في المئة”.
والتحدي المتمثل في زيادة الكفاءة كبير خاصة في البلدان الناشئة والنامية التي ستسجل النسبة الأكبر من النمو السكاني المتوقع. وعليه يُتوقع أن تبني أفريقيا والهند 100 مليار متر مربع من المباني في السنوات الثلاثين المقبلة.
وقال ماذرواي إن البناء مازال يجري في كثير من الأحيان “بمستويات منخفضة جدًا من كفاءة استخدام الطاقة”، وسيكون سكان هذه المباني أول من سيعانون جراء ذلك.
وأضاف “حتى المعايير الأساسية التي لا تزيد بالضرورة من كلفة البناء من شأنها أن تحدث فرقا كبيرا”.