تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وروسيا يبدأ من المنطقة الصناعية

العلاقات التجارية مدخل لكسب الثقة الإقليمية وتوفير الحبوب للدول الفقيرة.
الأربعاء 2023/08/16
انظروا إلى الموقع الذي سيقام عليه المشروع

تسعى مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات الروسية لإنعاش اقتصادها المتعثر، في الوقت الذي تحث فيه موسكو الخطى منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا نحو تعجيل تحقيق مشروع المنطقة الصناعية في شرق قناة السويس، باعتباره بوابتها للتوسع في أسواق أفريقيا.

القاهرة - ترى أوساط اقتصادية معنية بتطور العلاقات بين روسيا والمنطقة العربية أن تقوية مصر للشراكات التجارية والاستثمارية مع موسكو ستتيح فرصا كثيرة لتحقيق نمو أكبر في مسار التعاون الاقتصادي بينهما.

وعلى رأس تلك الشراكات تأمين تدشين المنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس، والتي تم التوقيع على عقد تأسيسها عام 2018، وتعطلت نتيجة ظروف عالمية طارئة، وبدأ النشاط يدب في عروقها مع رهانات اقتصادية وسياسية كبيرة عليها من قبل الدولتين.

وأكد رئيس هيئة الاستثمار المصرية حسام هيبة أخيرا أن روسيا لها تواجد استثماري قوي في بلاده، وأن السوق المصرية ترحب بجميع الشركات الروسية، لافتا إلى أنه يتم العمل حاليا على جذب المزيد من الاستثمارات الروسية إلى مصر.

وتمتد المنطقة الصناعية الروسية على مساحة 5.25 مليون متر مربع ويتم الاستثمار فيها بنظام حق الانتفاع، ومن المتوقع أن تجتذب استثمارات بنحو 7 مليارات دولار، من شأنها تعزيز تبادل الخبرات في العديد من المجالات التي تعود بالنفع على البلدين.

عمرو البلتاجي: ثمة اهتمام من قبل الشركات الروسية بالاستثمار في مصر
عمرو البلتاجي: ثمة اهتمام من قبل الشركات الروسية بالاستثمار في مصر

وتأمل موسكو في تشغيل المنطقة قريبا مع الانتهاء هذا العام من بناء أولى القدرات الإنتاجية على أن تصدر المنتجات إلى كافة أنحاء أفريقيا في مرحلة لاحقة، وذلك وفق تصريحات الرئيس فلادمير بوتين مؤخرا.

وتسعى روسيا نحو تعميق التعاون الصناعي مع العديد من دول أفريقيا، وتعتبر مصر بابا رئيسيا سيمكن منتجات شركاتها من الوصول إلى أسواق القارة، فضلاً عن التزامها بتوريد الحبوب لدول مختلفة في القارة.

وطالب رئيس المعرض الروسي الدائم للسلع في مصر عمرو البلتاجي في تصريح لـ”العرب” سلطات بلاده بضرورة تهيئة مناخ الاستثمار لجذب الاستثمارات من مختلف الجنسيات على حد سواء.

وأشار البلتاجي خلال حديثه إلى وجود رغبة للشركات الروسية في دخول السوق المصرية، أملا في اقتحام الكثير من الأسواق الأفريقية عبر القاهرة.

وأبدت روسيا اهتماما سياسيا بتطوير علاقاتها مع دول كثيرة في أفريقيا، وبحاجة إلى زيادة تبادلها التجاري الذي وصل إلى 18 مليار دولار في العام 2022، وتستهدف بلوغه 40 مليار دولار قريبا.

وأوضح البلتاجي لـ”العرب” أن هناك اهتماما من قبل الكثير من الشركات الروسية بدخول مصر وتأسيس صناعات مشتركة على رأسها بعض السلع الغذائية الأساسية.

وأكد كذلك أن كيانات روسية ترغب في تأسيس مجمع زيوت متكامل من بداية التصنيع حتى التعبئة في عبوات صالحة للطهي لبيعها في مصر وخارجها.

عبدالنبي عبدالمطلب: التعاون لا مفر منه للتركيز الروسي على التواجد في أفريقيا
عبدالنبي عبدالمطلب: التعاون لا مفر منه للتركيز الروسي على التواجد في أفريقيا

ويلعب تعزيز العلاقات الروسية – الأفريقية دورا حاسما في إتمام البعض من التسويات التجارية من خلال تفضيل العملات المحلية، وهو ما يزيد من حجم التبادل التجاري مستقبلا.

وهذه الخطوة تسعى مصر إلى تعميمها مع دول كبرى عدة عبر سعيها إلى الانضمام إلى تجمع بريكس، الذي يضم روسيا ومعها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

وتشير بعض الإحصائيات الرسمية إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا إلى نحو 4.7 مليار دولار العام الماضي، مقابل نحو 4.1 مليار دولار العام السابق عليه، فيما يفوق حجم الاستثمارات الروسية في مصر 8 مليارات دولار.

وأكد البلتاجي أن بناء المنطقة الصناعية الروسية كانت تسير ببطء، لكن هناك اهتماما من القيادة السياسية في البلدين على استكمالها سريعا، لأنها ستصبح عاملا رئيسيا لجذب الشركات الروسية المتعددة، وسيسرّع الترحيب المصري بالاستثمارات الروسية من خطوات تدشينها.

وتشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا تطورا ملحوظا، وتم التوقيع على حزمة من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية في مجالات مختلفة، منها الصناعات الغذائية.

كما تم إبرام اتفاقيات لتصدير بعض المنتجات الزراعية إلى روسيا، وتوقيع اتفاقيات لتجميع السيارات في مصر بالتعاون مع شركات روسية.

وذكر الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب لـ”العرب” أن التعاون الاقتصادي بين البلدين حيوي الفترة المقبلة، وتحرص على ذلك روسيا كي تتمكن من تمرير بضائعها من تركيا ثم إلى مصر، وبالتالي الانتشار في ربوع أفريقيا والدول المستهدفة فيها.

وقال “لذلك كان هناك اهتمام روسي كبير بتعزيز التعاون والاستثمار المصري – التركي الأيام الماضية، لأنه يمكن الاستفادة من روافده المتباينة”.

ويصعب إنكار أن موسكو تعتبر التعاون مع القاهرة وسيلة لتأكيد مصداقيتها في عملية توصيل الحبوب، والقمح بشكل خاص، إلى دول فقيرة في أفريقيا الفترة المقبلة.

Thumbnail

وتولي روسيا اهتماما ملحوظا بتعميق العلاقات مع دول أفريقيا في المستقبل لدواع إستراتيجية، وصدرت نحو 11.5 مليون طن من الحبوب إليها العام الماضي، ونحو 10 ملايين طن في النصف الأول من 2023 رغم العقوبات الغربية المفروضة على صادراتها.

ويعتقد عبدالمطلب أن ترحيب هيئة الاستثمار بالشركات الروسية بداية لتحريك وتسريع العمل في المنطقة الصناعية الروسية التي تعطلت بسبب الجائحة وحدوث بعض التغيرات الجيوسياسة.

ونجحت القاهرة وموسكو في التوصل إلى جملة الشروط الأساسية لعقد التنمية الخاص في المنطقة الصناعية، بما في ذلك فترة إيجار قطعة الأرض وحجمها، وآخر موعد للتطوير والانتهاء من تجهيز الموقع من قبل المطور ومرافق الإنتاج وأسعار الإيجار.

ومن شأن هذا التعاون أن يسهم في تنفيذ محطة الضبعة النووية البالغة تكلفتها نحو 28.75 مليار دولار، على البحر المتوسط في محافظة مطروح شمال غرب مصر، والتي تمول روسيا 85 في المئة من تكاليف إنشائها.

وتحرز إستراتيجية توليد الكهرباء من الطاقة النووية تقدمًا مع بدء الأعمال الإنشائية في المحطة التي تبلغ قدرتها الإجمالية حوالي 4.8 غيغاواط.

ويقدم تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين مجموعة من الإيجابيات، منها إمكانية تحويل القاهرة إلى مركز لوجستي لتبادل الحبوب عالميا، فضلا عن توفير الحبوب بصورة مستمرة في مصر، وفي مقدمتها القمح والذرة وفول الصويا.

وشدد بوتين على أن بلاده قادرة على مد دول أفريقيا بالحبوب، ومستعدة لبدء توريدها مجانًا إلى ست دول داخل القارة في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر، لكن مصر ليست من بين تلك البلدان.

11