تعزيز الأسطول الخامس بطائرات مسيرة بحراً وتحت الماء رسالة أميركية إلى إيران

في أبلغ رسالة أميركية إلى إيران بعد أشهر من مهادنة الرئيس جو بايدن، أعلن الأسطول الخامس أنه سيبدأ بتشكيل قوة عمل جديدة تضم طائرات مسيرة بحرا وجوا وتحت الماء، بعد سنوات من الهجمات البحرية المرتبطة بالتوترات المستمرة مع طهران.
المنامة - اعتبرت مصادر دبلوماسية خليجية قرار الأسطول الخامس في البحرية الأميركية المتمركز قبالة المياه البحرينية، بتعزيز ترسانته بطائرات مسيرة محمولة جواً وبحراً وتحت الماء، أبلغ رسالة من الإدارة الأميركية إلى إيران بعد سلسلة من الهجمات على سفن تجارية في الخليج العربي وخليج عمان.
وعزت المصادر في تصريح لـ”العرب” أهمية تعزيز الترسانة إلى كونها تتزامن مع تحذيرات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من أن الوقت ينفد أمام إيران للعودة إلى الاتفاق النووي غداة تقرير لاذع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتزامن تعزيز الأسطول الخامس لأسلحته مع جولة خليجية لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، شملت قطر والبحرين والكويت، وكان مقررا أن يزور السعودية أيضا، إلا أن الزيارة أرجئت بسبب مشاكل تتعلّق بالجدول الزمني.
وأعلن الأسطول الخامس الأربعاء أنه سيبدأ بتشكيل قوة عمل جديدة تضم طائرات مسيرة بحرا وجوا وتحت الماء، بعد سنوات من الهجمات البحرية المرتبطة بالتوترات المستمرة مع طهران.

ورفض مسؤولو البحرية تحديد الأنظمة التي سيقدمونها من مراكزهم الواقعة في البحرين، لكنهم وعدوا بأن الأشهر المقبلة ستشهد توسيع قدرات الطائرات المسيرة عبر منطقة ذات أهمية كبيرة من حيث إمدادات الطاقة العالمية والشحن في جميع أنحاء العالم.
وقال قائد الأسطول الخامس براد كوبر “نعتزم وضع المزيد من الأنظمة البحرية فوق البحر وتحته، إذ أننا نريد تشديد المراقبة على ما يحدث هناك”. وعبّر عن اعتقاده بأن البيئة الخليجية تناسب التجريب والتحرك بشكل أسرع. ويمكن توسيع نطاق الأنظمة الجديدة العاملة في الخليج إلى أساطيل أخرى.
ويطوّق الأسطول الخامس مضيق هرمز الحيوي، إذ أنه الممر الضيق للخليج العربي الذي يمر عبره 20 في المئة من إجمالي النفط، ويمتد حتى البحر الأحمر بالقرب من قناة السويس في مصر، الممر المائي الذي يربط الشرق الأوسط بالبحر الأبيض المتوسط، ومضيق باب المندب قبالة اليمن.
وذكر تقرير لوكالة أسشيوتيد برس أن الأنظمة التي تستخدمها فرقة العمل 59 الجديدة، التابعة للأسطول الخامس، ستشمل بعضاً من الأنظمة التي شاركت في اختبار أبريل بقيادة أسطول المحيط الهادئ التابع للبحرية الأميركية، والتي تضمنت طائرات مسيرة فائقة التحمل للمراقبة الجوية، وسفناً من طراز “سي هوك” و”سي هنتر”، وطائرات مسيرة تحت - مائية أصغر حجماً تشبه الطوربيدات.
ويسيطر الأسطول الخامس على مناطق المياه الضحلة والمياه المالحة، والمناطق التي قد تتجاوز درجات الحرارة فيها صيفاً 45 درجة مئوية، مع رطوبة عالية، لذا قد يكون ذلك صعباً على السفن المأهولة، ناهيك عن تلك التي تعمل عن بعد.
وشهدت هذه المنطقة سلسلة من الهجمات في البحر في السنوات الأخيرة، إذ تسببت قوارب محملة بالقنابل والألغام التي جرفها الحوثيون في اليمن بإتلاف سفن وسط الحرب التي استمرت سنوات في ذلك البلد، كما استولت القوات الإيرانية على ناقلات نفط بالقرب من الإمارات ومضيق هرمز.
واستهدفت انفجارات مريبة سفناً في المنطقة، تتراوح بين ناقلات مملوكة لشركات غربية وسفن مرتبطة بإسرائيل وسفن إيرانية، وأصبحت تلك الهجمات جزءاً من حرب الظل التي تدور رحاها في جميع أنحاء المنطقة، في أعقاب قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 الانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية، حتى أن إيران أسقطت طائرة أميركية مسيرة وسط التوترات.
وبالرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال إنه على استعداد للرجوع إلى الاتفاق، توقفت المفاوضات في فيينا، الأمر الذي يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال وقوع المزيد من الهجمات من الجانب الإيراني ومن الجانب الإسرائيلي، المشتبه الأول في حوادث استهدفت سفن الشحن الإيرانية وبرنامج إيران النووي.
واعترف كوبر بالتوترات في تصريحاته للصحافيين، لكنه رفض الخوض في التفاصيل وقال “نحن ندرك تماماً موقف إيران، وسنكون مستعدين للتعامل مع ذلك بشكل مناسب. سأتوقف عند هذا الحد”.

علي بن محمد الرباعي: من مصلحة واشنطن منع التهديدات الإيرانية للخليج وتحجيمها
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على سؤال للتعليق على فرقة البحرية الجديدة، لكن إيران تدير أسطولاً من الطائرات المسيرة، ونشرت سابقاً مقاطع فيديو لحاملات الطائرات الأميركية في المنطقة التقطت عبر طائراتها المسيرة.
وطالبت الدول الخليجية إدارة بايدن بموقف أكثر حزما من إيران بعد الاعتداءات التي طالت سفنا تجارية في أهم ممر حيوي لنقل النفط.
ولم تخف السعودية انزعاجها من الموقف الأميركي الساعي إلى إعادة تأهيل إيران وفق خطة الرئيس الأميركي الداعية إلى التفاوض والعودة إلى الاتفاق النووي.
واعتبر المحل السياسي السعودي علي بن محمد الرباعي أن دوافع الحروب لدى السياسية الإيرانية أكثر إلحاحاً من التطلع إلى السلم.
وقال الرباعي في تصريح لـ “العرب”، “الحرب أداة سياسية يمكن اللجوء إليها عند استنفاد كل محاولات التهدئة، وأميركا مع الحلفاء في الخليج يواجهون خطراً مشتركاً ناجماً عن الراديكالية الإيرانية”.
وأكد على أن من مصلحة واشنطن منع التهديدات الإيرانية وتحجيمها، ولو بترسيخ تواجدها العسكري، وبذل جهود سياسية للدفاع عن توازن القُوى، والحؤول دون الانتشار الواسع للأسلحة النووية.