تعزز مكاسب التعدين في السعودية مع اختيار جدة نقطة تجارة عالمية

بورصة لندن للمعادن تعتزم إدراج المدينة كمركز لتسليم النحاس والزنك.
الخميس 2024/03/21
القدرة على التخزين عامل أساسي للتجارة

ينظر الخبراء إلى اختيار جدة كنقطة ربط تجارية عالمية للمعادن على أنه مكسب للسعودية، إذ يتطلع المسؤولون بالبلد، الذي تعكف حكومته على تنفيذ ثورة إصلاحية في كافة المجالات، إلى التركيز على هذا القطاع الإستراتيجي وتحقيق أقصى استفادة منه.

الرياض/لندن - انشغلت أوساط اقتصادية باعتماد أكبر بورصة للمعادن في العالم مدينة جدة كنقطة لوجستية لأنواع من المعادن، والتي يبدو أنها خطوة لم تكن مفاجئة مع النشاط الذي بذله المسؤولون السعوديون لترقية هذا القطاع على مدار الأعوام القليلة الماضية.

وكشفت بورصة لندن للمعادن الثلاثاء الماضي أنها تعتزم إدراج مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر كمركز تسليم جديد للنحاس والزنك بشرط التشاور على إجراء تغيير فني في إطار موقع المستودعات.

وعادة ما تقع المستودعات المسجلة لدى أقدم بورصة لتجارة المعادن في العالم بالمناطق التي يزداد فيها الاستهلاك أو مراكز التداول الكبرى مثل روتردام.

وقال ماثيو تشامبرلين الرئيس التنفيذي للبورصة إن “السعودية مركز عالمي تتزايد أهميته في ما يتعلق بالمعادن”. وأضاف “تلبي جدة المعايير التشغيلية واللوجستية لمواقع المستودعات الجديدة، كونها منطقة مهمة يرتفع فيها استهلاك المعادن ولديها شبكة نقل فعالة”.

وتعتزم السعودية إطلاق برنامج طموح للتنمية الصناعية والخدمات اللوجستية ضمن رؤية 2030 التي تهدف إلى تحويل البلد إلى كيان محوري على الساحة العالمية في قطاعات الطاقة والتعدين والخدمات اللوجستية والصناعة.

ماثيو تشامبرلين: تلبي جدة المعايير التشغيلية واللوجستية للمستودعات
ماثيو تشامبرلين: تلبي جدة المعايير التشغيلية واللوجستية للمستودعات

وقال فاروق شيخ، الرئيس التنفيذي لشركة لوجي بوينت، التي تدير شبكة من المجمعات اللوجستية بالبلد الخليجي “نتطلع إلى مستقبل طويل من التعاون مع بورصة لندن للمعادن ومواصلة تطوير علاقاتنا مع مجتمع المعادن الدولي”.

وأضاف أن جدة تتمتع بموقع مهم في التجارة العالمية، وهي “ستخدم منطقتي الشرق الأوسط وشمال وشرق أفريقيا”.

وسيخضع هذا المقترح للتشاور بين أعضاء بورصة لندن وشركات المستودعات ووكلائها حتى الثلاثين من أبريل المقبل لإجراء تعديل على بند في سياسة البورصة ينص على الموافقة على تحويل بعض المواقع إلى مراكز تسليم في حالة إعسار المستودعات.

ومن المتوقع أن يوضح التعديل المقترح أن بعض الولايات القضائية قد تتطلب أمرا من المحكمة للسماح بسحب المعدن في حالة إعسار مشغل المستودع.

وإذا أفضى التشاور إلى الموافقة على المقترح، ستصبح جدة مركز تسليم بعد ثلاثة أشهر على موافقة أول شركة للمستودعات في هذا الموقع.

وكانت وزارة الصناعة والثروة المعدنية قد كشفت في ديسمبر الماضي أن السعودية تخطط لتأسيس بورصة لتجارة المعادن مع اكتساب هذا القطاع واستثماراته أهمية كبيرة في إستراتيجية الحكومة ضمن برنامج التحول الاقتصادي بحلول نهاية العقد الحالي.

وقال خالد المديفر نائب وزير الصناعة حينها إن بلده “يدرس تدشين منصة جديدة لتجارة المواد المستخدمة في إنتاج البطاريات بما في ذلك الغرافيت والعناصر الأرضية النادرة والليثيوم والكوبالت وحتى النيكل”.

أدنوك الإماراتية وإكسون موبيل وأوكسيدنتال بتروليوم تعتزمان الاستفادة من التقنيات الناشئة لتصفية الليثيوم من المياه المالحة

وتشمل جهود الرياض لبناء اقتصاد أقل اعتمادا على النفط التحول إلى استخراج الموارد المعدنية غير المستغلة في البلاد، وتتضمن النحاس والليثيوم والفوسفات والذهب، وأيضا الاستثمار في أصول في الخارج.

وقال المديفر “لكي تكون مركزا للمعادن، يتعين امتلاك كل شيء، ونحن ندرس تدشين بورصة للعقود الآجلة للسلع المعدنية، لأنه لا توجد بورصة سلع فعالة ولا آلية للتحقق من الأسعار بالنسبة لبعضها”.

وأوضح أن السلطات بدأت بالفعل دراسة إنشاء منصة التداول خلال الأشهر الثلاثة الماضية ولا تتوقع اتخاذ قرار قبل ستة أشهر، لكنه لم يحدد مدى إمكانية نجاح ذلك لأن الكميات صغيرة والمواصفات مختلفة، والأمر ليس سهلا مثل الألومنيوم أو النفط.

ولا توجد حاليا أي بورصات تقدم عقودا للغرافيت أو العناصر الأرضية النادرة وكلاهما من المواد المهمة للسيارات الكهربائية وتحول الطاقة. ويجري تداول الليثيوم والكوبالت في بورصة لندن للمعادن وبورصة شيكاغو التجارية.

وقال المديفر “نعمل مع عدد من المستشارين وأيضا مع الأشخاص الذين يتاجرون في السلع الأولية”.

وفي يناير الماضي، رفعت السعودية تقديراتها لإمكانيات الثروات المعدنية غير المستغلة في البلاد بنحو الضعف عمّا رصدته في العام الماضي، ما يعزز فرصها في هذا القطاع.

فاروق شيخ: نتطلع إلى مستقبل طويل من التعاون مع بورصة لندن
فاروق شيخ: نتطلع إلى مستقبل طويل من التعاون مع بورصة لندن

وقال وزير الصناعة بندر الخريف في مؤتمر التعدين الدولي الثالث الذي احتضنته العاصمة الرياض إن “تقديراتنا للإمكانات المعدنية غير المستغلة ارتفعت من 1.3 إلى 2.5 تريليون دولار”، أي بزيادة قدرها 90 في المئة.

وتتعاون هيئة المساحة الجيولوجية مع شركات من دول تتوفر لديها التكنولوجيا المتقدمة لعمليات المسح، مثل الصين وفنلندا وجنوب أفريقيا وفرنسا، وذلك بهدف تحقيق السرعة والكفاءة بما يعطي الموثوقية وبالتالي يسهم في جذب المستثمرين.

وسبق وأن أكد رئيس الهيئة عبدالله الشمراني أن حجم احتياطيات الذهب المكتشفة في البلاد يفوق 100 مليون أونصة.

أما بخصوص المعادن الحرجة المطلوبة للتحول النظيف، فأشار الشمراني إلى أن قيمة تلك المعادن المكتشفة تبلغ 150 مليار دولار، رغم أنه لم يتم مسح سوى 30 في المئة من مساحة الدرع العربي.

ولمعاضدة جهود الوزارة، قالت مصادر لرويترز هذا الشهر إن عملاق النفط أرامكو “يخطط لاستخراج الليثيوم من المياه المالحة في حقوله، بما يتماشى مع الجهود المبذولة لتنويع اقتصاداتها والاستفادة من التحول إلى السيارات الكهربائية”.

وتتمثل ميزة تصفية معدن البطارية الخفيف للغاية من المياه المالحة في تجنب الحاجة إلى مناجم مفتوحة مكلفة وصعبة بيئيا أو برك تبخر كبيرة، كما هو مستخدم في أستراليا وتشيلي المنتجين الرائدين في العالم.

وأكدت المصادر أن إلى جانب أرامكو، تعتزم أدنوك الإماراتية وإكسون موبيل وأوكسيدنتال بتروليوم الاستفادة من التقنيات الناشئة لتصفية الليثيوم من المياه المالحة، حيث يسعى العالم إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري.

وأنفقت السعودية التي يعتمد اقتصادها على النفط المليارات من الدولارات على محاولة تحويل نفسها إلى مركز للمركبات الكهربائية كجزء من محاولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإيجاد مصادر بديلة للثروة.

وفعليا، تعمل معادن، وهي أكبر شركة تعدين في منطقة الخليج العربي، على استخراج الليثيوم من مياه البحر، والذي يتطلب تقنيات متقدمة والكثير من الاستثمارات.

ويقول المختصون إن مشكلة استخراج الليثيوم من المياه المالحة تتمثل في أن مستويات التركيز يمكن أن تكون منخفضة للغاية ما يجعل النتائج غير المؤكدة بالفعل أقل ملاءمة.

11