تعديل وزاري جزئي في تونس يشمل حقيبتي الفلاحة والتعليم

تونس – أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد وزيري الزراعة والتربية، وذلك ضمن تعديل وزاري محدود على حكومة نجلاء بودن في سياق نقص منتجات أساسية منها الحليب، وإضرابات متفرقة في قطاع التعليم.
وقالت الرئاسة التونسية الاثنين إن الرئيس قرر "إجراء تحوير جزئي عيّن بمقتضاه محمد علي البوغديري وزيرا للتربية خلفا لفتحي السلاوتي، وعبدالمنعم بلعاتي وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري خلفا لمحمود إلياس حمزة".
ووزير الفلاحة الجديد هو المتفقّد العام للقوات المسلّحة، من مواليد الحادي عشر من فبراير عام 1960، حاصل على الشهادة العسكرية من المدرسة الحربية العليا باختصاص طيّار نفاثة، وتحصّل على تكوين ضابط بالأكاديمية العسكرية بتونس، وتكوين ضابط طيّار بالأكاديميّة الجويّة بإيطاليا، وتكوين ضابط طيّار مقاتل بتونس.
وكان الرئيس التونسي بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد تولى في الرابع والعشرين من يونيو من عام 2021 بقصر قرطاج ترقيته من آمر لواء إلى رتبة فريق، وذلك بمناسبة إشراف سعيّد على الاحتفال بالذكرى الخامسة والستين لانبعاث الجيش الوطني.
ووزير التعليم الجديد، كان قياديا في الاتحاد العام التونسي للشغل، قبل أن ينسحب من آخر مؤتمر للمنظمة النقابية في فبراير من العام الماضي، واعتبر أنه مؤتمر غير شرعي، وهو على خلاف كبير مع القيادة الحالية للاتحاد.
وأعلن البوغديري مؤخرا انضمامه إلى مساندي الرئيس التونسي، وهو عضو في مبادرة "لينتصر الشعب".
ويقوم الأساتذة في التعليم الأساسي والثانوي بحجب الأعداد عن الإدارات من أجل المطالبة بتحقيق عدد من المطالب، وسط تلويح من النقابات الرئيسية المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل بالتصعيد.
وكان وزير التربية المُقال فتحي السلاوتي قد أعرب في وقت سابق عن تفهمه لمطالب المعلمين، مشددا على أن الوزارة لا يمكنها تلبية بعض المطالب بالنظر للمشكلات المالية التي ترزح تونس تحت وطأتها.
وقال السلاوتي وقتها "إن الوزارة تحترم قرار الأساتذة، لكن لا يمكن أن نحرم العائلات من تقييم مستوى أبنائهم، ولا حل غير الحوار".
وفي الفلاحة، تستمر الأزمات في الحليب والألبان، حيث تشكو البلاد نقصا حادا أثار تذمرا في صفوف التونسيين قبل أشهر على رمضان.
وتعتبر السلطات التونسية أن النقص مرده المضاربة والاحتكار في الأسواق، وقد أكد الرئيس التونسي في أكثر من مناسبة أن المواد الأساسية متوفرة في الأسواق المحلية، مشيرا إلى وجود "من يخفيها عن قصد لتأزيم الأوضاع"، في إشارة على ما يبدو إلى خصومه السياسيين الذين يحاول بعضهم توظيف الصعوبات الاجتماعية كورقة ضغط في صراعهم السياسي معه.
ويهدّد شح وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية القدرة الشرائية للتونسيين، خصوصا بعدما أصبح الاحتكار ممارسة يومية، وسط دعوات إلى ضرورة تدخل الدولة بحزم ومحاسبة المتسببين في التلاعب بقوت المواطنين.
واكتفت الحكومة بإقرار حذف الضرائب المفروضة على استيراد مسحوق الحليب المجفف في قانون المالية للعام 2023، واعتبر الاتحاد أنه "كان من الأجدى توظيف الدعم المالي لدعم المنتجين المحليين".
وكان الرئيس سعيّد أقال في السابع من يناير الحالي وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي وخلفتها بعد ستة أيام كلثوم بن رجب.
وتلك الإقالة هي الأولى في حكومة بودن التي بدأت عملها في الحادي عشر من أكتوبر 2021، عندما أعلنت تشكيلة من 24 وزيرا وكاتبة دولة وحيدة.
بينما قَبل سعيّد في الثامن من مارس 2022 أول استقالة بالحكومة وهي لكاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة عائدة حمدي.
ويثير أداء الحكومة التونسية انتقادات عديدة في ظل أزمة اقتصادية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية المستمرة منذ فبراير الماضي، إضافة إلى تداعيات أزمة سياسية تعيشها البلاد منذ أن بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021.
وأدت الأزمتان السياسية والمالية في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، الحليب والسكر والأرز والبن، وتراجع في القدرة الشرائية بسبب التضخّم المتسارع (حوالي 10 في المئة خلال ديسمبر).
وتوصلت تونس المديونة بنسبة أكثر من 80 في المئة من ناتجها الداخلي الإجمالي، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر حول قرض جديد بقيمة حوالي ملياري دولار لمساعدتها في مواجهة صعوبات اقتصادية متفاقمة. لكن صندوق النقد الدولي أجل موافقته النهائية إلى تاريخ لم يحدده.
ويبدو أن هناك عوامل عدة تؤدي إلى إبطاء الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، أهمها وفق الباحث في "مركز كولومبيا" يوسف الشريف "دور الولايات المتحدة"، الفاعل الأبرز في صندوق النقد الدولي، والتي لديها تحفظات على النهج الذي تسلكه تونس.
وأعلنت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية موديز السبت خفض تقييم ديون تونس طويلة الأجل درجة إضافية إلى "سي.إي.إي 2" مع نظرة مستقبلية "سلبية"، مشيرة إلى وجود "مخاطر أكبر" في ما يتعلق بقدرتها على سداد مستحقاتها.