تعديل الإعلان الدستوري مدخل للحل أم زج بليبيا في متاهة جديدة

التعديل الدستوري يتعلق بتحديد سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء ومما تتكون السلطة التشريعية واختصاصاتها.
الخميس 2023/02/09
خطوة في توقيت محسوب

بنغازي (ليبيا)- أثار تعديل “الإعلان الدستوري” الذي أقره مجلس النواب الليبي بشكل منفرد، جدلا واسعا على الساحة الليبية، حيث انقسمت المواقف بشأنه بين مؤيد يرى أنه يشكل مدخلا لإنهاء الانسداد الحالي، ورافض يعتبر أن هذا التعديل سيدخل البلاد في متاهة جديدة، للحيلولة دون إجراء الانتخابات.

وقال مجلس النواب، عقب جلسة في مدينة بنغازي (شرق) الثلاثاء، إنه “تم إقرار التعديل الدستوري الثالث عشر بإجماع السادة النواب الحاضرين”، بحسب بيان مقتضب.

ولم يكشف البرلمان الليبي عن تفاصيل التعديل الدستوري، لكن عضو المجلس عبدالمنعم العرفي قال إن “التعديل يتعلق بتحديد سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء ومما تتكون السلطة التشريعية واختصاصاتها”.

ضو المنصوري: إقرار التعديل الدستوري محاولة لإيهام المجتمع الدولي بالتوافق
ضو المنصوري: إقرار التعديل الدستوري محاولة لإيهام المجتمع الدولي بالتوافق

وأوضح أن التعديل الجديد “يحدد صلاحيات رئيس الدولة في إعلان حالة السلم والحرب، وتحديد مكان مجلس الأمة وهو العاصمة طرابلس (غرب)، فيما يكون المقر الرسمي لمجلس النواب المقبل مدينة بنغازي”.

وينص التعديل على أن “عدد أعضاء مجلس الشيوخ يتكون بالمناصفة بين أقاليم ليبيا الثلاثة برقة (شرق) وطرابلس (غرب) وفزان (جنوب)، أما مجلس النواب فيتكون من 200 عضو يُنتخبون بحسب الكثافة السكانية للتوزيع الجغرافي”.

واعتبر العرفي أن “تعديل الثلاثاء للإعلان الدستوري يرضي الجميع”، وذلك ردا على سؤال بشأن اتخاذ مجلس النواب هذه الخطوة المنفردة قبل أن يبدي المجلس الأعلى رأيه في مسألة التعديل، بوصفه شريكا في إقرار “القاعدة الدستورية”.

وتابع “لا يمكن الانتظار أكثر من ذلك والتسليم بحالة الجمود السياسي دون اتخاذ خطوات لحل الأزمة.. تعديلات اليوم لا يوجد فيها أي شيء جدلي يمكن لطرف الاعتراض عليه”.

وأضاف “بعد تعديل الإعلان الدستوري اليوم يصبح هو القاعدة الدستورية التي ستُجرى عبرها الانتخابات.. وخطوة المجلس اليوم جاءت لقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية التي ستحدث إن استمر الجمود”.

ولم يعقب المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) على خطوة مجلس النواب لكن مراقبين يتوقعون رفض المجلس للتعديل، أو أقله المطالبة هو الآخر بتعديلات إضافية، وهذا يعني بقاء ليبيا في ذات الحلقة المفرغة.

وبدا أن توقيت اختيار مجلس النواب لتعديل الإعلان الدستوري محسوب، حيث أنه يأتي قبل أيام فقط من جلسة في مجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع الليبي ولاسيما ما تحقق بشأن التمهيد لإجراء انتخابات عامة.

وسبق وأن لوح المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي بكشف الأطراف المعرقلة للتوصل إلى اتفاق بشأن القاعدة الدستورية خلال مباحثات مع رئيسي مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري.

واعتبر عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ضو المنصوري أن إقرار التعديل الدستوري الثالث عشر محاولة لإيهام المجتمع الدولي بأن مجلس النواب يقوم بخطوات جدية لإنهاء المرحلة الانتقالية.

التعديل يأتي بعد إخفاق مجلسي النواب والدولة في اتفاق بشأن القاعدة الدستورية، بسبب خلافات حول مشاركة العسكريين ومزدوجي الجنسية في الانتخابات

وأضاف في تصريحات صحفية الأربعاء أن ما قام به رئيس مجلس النواب اعتداء على الإعلان الدستوري واستهتار بحق الليبيين في الاستفتاء على مشروع الدستور. وأوضح أن تعطيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا سيكلف الليبيين ضياع المشروعية الدستورية.

ووصفت المحللة فيروز النعاس التعديل بأنه أحد “ألاعيب صالح لكسب المزيد من الوقت”. وأضافت النعاس أن رئيس مجلس النواب اختار الوقت المناسب لهذا التعديل قبيل إحاطة المبعوث الأممي باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي نهاية فبراير.

ورأت أن المبعوث الأممي تلقف الكرة للأسف واعتبرها تقدما في مسار القاعدة الدستورية، وبناء على تعديل عقيلة للإعلان الدستوري أوقف باتيلي الآلية البديلة التي لوح بها لتجاور المجلسين.

ولفتت إلى أنه “بمجرد تقديم الإحاطة أمام مجلس الأمن فإننا سنعود إلى نقطة الصفر وستبدأ مرحلة عدم التوافق”.

كما وجه المرشح الرئاسي السابق سليمان البيوضي انتقادات حادة لهذا التعديل عبر حسابه على فيسبوك، مؤكدا أنه “مليء بالكوارث وفيه استهداف مباشر لتعطيل العملية السياسية وتدميرها في ليبيا، وهو مطعون فيه لأسباب عديدة”.

وأوضح أن هذا “التعديل يمثل مماطلة جديدة وتمديدا للمجلسين على حساب إرادة الليبيين وتطلعاتهم، حيث يقر بتعديل الدوائر الانتخابية وعدد مقاعد مجلس النواب، وبالتالي سيخلق جدلا سياسيا ومجتمعيا واسعا وسيؤدي إلى المزيد من الانقسام”. ويأتي التعديل بعد إخفاق مجلسي النواب والدولة في اتفاق بشأن القاعدة الدستورية، بسبب خلافات بينهما حول مشاركة العسكريين ومزدوجي الجنسية في الانتخابات.

4