تعديلات وزارية تدعم مسار الإصلاح في السعودية

استحداث المملكة العربية السعودية وزارات لقطاعات الاستثمار والرياضة والسياحة ليس مجرّد خدمة لهدف تنويع موارد الاقتصاد، بل هو أيضا دفعة قوية لعملية الإصلاح الشامل التي تطال تغيير العقليات وإطلاق المجتمع الشاب من أسر العقليات الدينية المتكلّسة وضمان قدر أكبر من انفتاحه على العالم وعلى العصر.
الرياض - هدفت تعديلات وزارية أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثلاثاء، بإجرائها لتسريع جهود تنويع موارد الاقتصاد والتقليل التدريجي من الارتهان لعوائد النفط وفق رؤية 2030، لكنّها خدمت في المقابل عملية الانفتاح وتخفيف الضغوط التي ظلّت دوائر محافظة دينيا تمارسها لعشريات طويلة على مجتمع يمثلّ الشباب غالبيته العظمى.
وتضمّنت الأوامر الملكية تحويل هيئات الاستثمار والرياضة والسياحة إلى وزارات، في إجراء تتجلّى بوضوح غاياته الاقتصادية، ولا يخلو من أبعاد ثقافية واجتماعية، حيث يرتبط الرهان على قطاعي السياحة والرياضة إضافة إلى الهدف المادي بتنشيط القطاعات الثقافية والترفيهية المرتبطة بالقطاعين، في خدمة مباشرة لعملية الانفتاح وتجاوز تعاليم الدوائر المتشدّدة وسطوتها على المجتمع.
ووفقا لوكالة الأنباء السعودية “واس” فإن الأوامر نصّت على تحويل الهيئة العامة للاستثمار إلى وزارة باسم وزارة الاستثمار وتعديل اسم وزارة التجارة والاستثمار، ليكون وزارة التجارة، وتحويل الهيئة العامة للرياضة إلى وزارة باسم وزارة الرياضة، إلى جانب تحويل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، إلى وزارة باسم وزارة السياحة.
وفتحت السعودية أبواب الإصلاح على أكثر من واجهة وبشكل متسارع لتأكيد أنها ساعية للانفتاح على مقومات التطور في مجال الموسيقى والسينما والترفيه التي حرم منها السعوديون لعقود تحت وقع سيطرة جهات تطبّق قراءات متشدّدة للدين على المؤسسات التعليمية والإعلامية.
اهتمام سعودي بإعادة هيكلة قطاع الإعلام نظرا لأهميته في ترويج صورة جديدة للمملكة في الخارج ومساندة الإصلاح داخليا
وتعتزم المملكة تحويل رؤيتها الجديدة في الانفتاح والإصلاح إلى مشاريع ومنجزات على أرض الواقع سترصد لتنفيذها ميزانيات ضخمة، بالتوازي مع تهيئة الأرضية النظرية اللاّزمة لذلك من خلال تنقية ما علق ببعض المؤسسات من أفكار ومناهج عمل لم تعد تتناسب وتطوّرات العصر.
وأعلنت السعودية في وقت سابق أنها ستستثمر نحو 64 مليار دولار في قطاع الترفيه في السنوات العشر المقبلة، على أن يتم جمع هذه الأموال من الحكومة والقطاع الخاص.
ويشكل قطاعا الترفيه والسياحة حجر الأساس في رؤية 2030، الخطة الاقتصادية التي طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2016 والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بهدف وقف الارتهان التاريخي للنفط. وشرعت المملكة بمنح تأشيرات سياحية في مسعى إلى اجتذاب 30 مليون سائح سنويا بحلول سنة 2030.
وتضمنت الأوامر الملكية الجديدة، أيضا، إعفاء عدد من كبار المسؤولين من بينهم وزير الإعلام تركي بن عبدالله الشبانة من منصبه بعد حوالي 15 شهرا من تعيينه، وإعفاء إبراهيم بن عبدالرحمن العمر محافظ الهيئة العامة للاستثمار من منصبه.
وخلال السنوات الأخيرة مثّلت إعادة هيكلة قطاع الإعلام موضع جهد خاص في السعودية، نظرا لأهمية القطاع في ترويج صورة جديدة عن المملكة في الخارج، ودوره أيضا في مساندة الإصلاح داخليا وشرح أبعاده للرأي العام المحلّي، فضلا عن تحوّل القطاع ذاته إلى مجال استثماري يساهم في تنويع مصادر الدخل وإثرائها.
وتمّ بموجب الأوامر الملكية تكليف ماجد بن عبدالله القصبي وزير التجارة بالقيام بعمل وزير الإعلام بالإضافة إلى عمله، وكذلك تعيين الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل آل سعود وزيرا للرياضة، وتعيين خالد بن عبدالعزيز الفالح وزيرا للاستثمار، وأحمد بن عقيل الخطيب وزيرا للسياحة.