تعاون أربع وزارات لمحاربة الغش في الامتحانات الدراسية بالكويت

الكويت - تجنّدت السلطات الكويتية بشكل مبكّر وحازم لمواجهة ظاهرة الغش في الامتحانات الدراسية التي تفاقمت خلال السنوات الماضية مهدّدة سمعة العملية التعليمية في البلد، وتجلّت مظاهرها في ترسيب الاختبارات. وبدأت وزارة التربية استعداداتها لاختبارات الفترة الدراسية الأولى المقرّر أن تجري الشهر المقبل بالتنسيق مع كل من وزارة الداخلية ووزارة الإعلام ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وتهدف الخطوة إلى منع تكرار ما حدث في نهاية السنة الدراسية الماضية عندما تفجّرت قضية كبرى لتسريب الاختبارات أدت إلى حدوث اضطراب في إجراء الامتحانات عندما اضطرّت السلطات إلى اتّخاذ إجراء غير مسبوق تمثّل في سحب اختبار مادة التربية الإسلامية وإلغائه بعد أن تم توزيعه على لجان الاختبارات ووصل إلى أيدي الطلبة في بعض اللجان، وذلك بعد اكتشاف حدوث التسريب المذكور.
وتعدّ ظاهرة الغش في الامتحانات إحدى الظواهر السلبية الكثيرة التي تعانيها العملية التعليمية في الكويت وتؤثّر بشكل واضح على جودتها ومخرجاتها ومن بينها، إلى جانب ضعف المحتويات وعدم إحكام المناهج، ظاهرة تزوير الشهادات العلمية التي تسرّبت إلى قطاع التعليم حيث تمّ الكشف في أكثر من مرّة عن زيف شهادات الكثير من العاملين فيه من إداريين وحتى مدرّسين في مختلف المراحل والمستويات.
ويجري حاليا في الكويت ما يشبه عملية تفكير بصوت عال في إصلاح التعليم الذي ترسّخت قناعة عامّة بضرورة إدخال تغييرات جذرية عليه ترتقي إلى مستوى ثورة شاملة مثلما يدعو إلى ذلك ساسة وإعلاميون وقادى رأي.
وفي انتظار إطلاق عملية الإصلاح المنشودة سلكت السلطات الكويتية سبيل الحزم في مواجهة مزوري الشهادات ومسرّبي الاختبارات. وكشفت وسائل إعلام محلية عن اجتماع عقده وكيل وزارة التربية منصور الديحاني مع مسؤولين بوزارات الداخلية والأوقاف والإعلام لمناقشة الإجراءات التنسيقية الخاصة بالاستعدادات لامتحانات الفترة الدراسية الأولى. وأوضحت أن الاجتماع بحث خطة العمل التنسيقية الشاملة بين القطاعات المختصة في وزارة التربية مع الوزارات الثلاث والمتعلّقة بالتصدي للظواهر السلبية والالتزام بتطبيق لائحة مخالفات الامتحانات.
وطرحت خلال الاجتماع الإجراءات الميدانية التي ستتخذها وزارة الداخلية ممثلة بإداراتها المعنية لتطبيق القانون “بحق الجهات والأفراد الذين يديرون المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل المشبوهة التي تعبث بنزاهة التعليم، بالإضافة إلى آليات اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لضمان حماية العملية التعليمية وفق أحكام التشريعات النافذة.”
◙ حاليا يجري في الكويت ما يشبه عملية تفكير في إصلاح التعليم الذي ترسّخت قناعة بضرورة إدخال تغييرات جذرية عليه ترتقي إلى مستوى ثورة شاملة
وتشمل الإجراءات تنسيق وزارة التربية مع وزارة الداخلية لضمان تأمين عملية نقل أوراق الامتحانات من المطابع السرية، بالإضافة إلى نقل أوراق الإجابات من وإلى لجان الامتحانات، فضلا عن التدابير الأمنية اللازمة لتعزيز الحماية داخل مقار اللجان، إلى جانب تنظيم حركة المرور والمركبات في محيط المدارس، بما يضمن سير الامتحانات بسلاسة وأمان.
وأوردت صحيفة الرأي المحلية أن من حضروا الاجتماع عن وزارة التربية النائب الأول لامتحانات القسم الأدبي والتعليم الديني مريم العنزي والنائب الأول لامتحانات القسم العلمي منصور الظفيري والمشرف الإداري بكنترول الأدبي محمود عبدالرضا، والمشرف الإداري بكنترول العلمي فرج نفاع ومدير إدارة العلاقات العامة والإعلام التربوي أروى العيار.
وعن وزارة الداخلية حضر كلّ من مدير إدارة العمليات من الإدارة العامة للمرور العميد سليمان السبيعي ومدير إدارة العلاقات العامة العقيد فيصل الديحاني ومساعد مدير إدارة العلاقات العامة العقيد سلمان بهمن، بالإضافة إلى المقدم ناصر الهاجري، ممثلا لإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية والمقدم عبدالله العتيبي ممثلا لإدارة مكافحة جرائم المال. وعن وزارة الأوقاف حضر بدر الظفيري مدير إدارة الشؤون الفنية، وعن وزارة الإعلام حضر مدير البرامج الثقافية بدر الدعي.
وعاشت الكويت سنة دراسية ماضية مضطربة شهدت العديد من المصاعب والهزات الناتجة عن سوء تسيير مزمن وعن فساد وجد طريقه إلى العملية التعليمية إلى جانب تسرّب الاعتبارات الأيديولوجية إلى التعليم نتيجة تغلغل قوى سياسية – دينية في مفاصله على رأسها جماعة الإخوان المسلمين. وخُتمت تلك السنة بعملية تسريب الاختبارات في وقت كانت السلطات تعكف خلاله على معالجة ظاهرة تزوير الشهادات العلمية.
وأُعلن في مارس الماضي عن تدشين حَمْلة واسعة النطاق لتطهير قطاع التربية من حَمَلة الشهادات المزوّرة. لكنّ ما يقرب من أربعين ألف موظّف في جميع قطاعات الوزارة وإداراتها تخلّفوا عن تقديم مؤهلاتهم الدراسية للتدقيق وفقا لقرار ديوان الخدمة المدنية، بينما تمّ تسجيل تزايد مفاجئ في أعداد المستقيلين من وظائفهم في وزارة التربية للتهرب من التدقيق والمحاسبة.
وبدأت السنة ذاتها باضطراب في توزيع الكادر التدريسي على مدارس البلاد ما تسبب بتأخر استئناف الدروس في عدد من المدارس، بينما انطلقت السنة الجامعية بأزمة منع الاختلاط بين الجنسين داخل قاعات الدرس ما أثار احتجاجات الطلاب على القرار الذي دفعت باتجاهه قوى إسلامية ساعية لفرض أيديولوجيتها على العملية التعليمية في الكويت.
ولا يعزل مهتمون بشؤون التعليم في الكويت عثرات القطاع وضعف مخرجاته عن الفساد الذي تسرّب خلال سنوات ماضية إلى العديد من مؤسسات الدولة، وذلك بالاستناد إلى عدم ملاءمة أوضاع القطاع ونتائجه للإنفاق الضخم المخصص له من قبل الدولة حيث تصل ميزانية وزارة التربية إلى 7.12 مليار دولار.
وتقول جهات مهتمّة بالعملية التربوية والتعليمية في الكويت إنّ القطاع يحتاج إلى عملية إصلاح جذرية ترتقي إلى مرتبة إعادة الصياغة والتطهير الشامل.
وتتجه الكويت في الوقت الحالي بشكل جدّي إلى القطع مع سنوات الفساد والتسيّب وتدشين مرحلة جديدة من الإصلاح الشامل لمختلف المجالات والقطاعات بدفع من أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، الذي بادر قبل أشهر إلى حلّ البرلمان وتعليق العمل بمواد في الدستور بشكل مؤقت بهدف إزالة العوائق التي كان نواب المجلس يضعونها في طريق عملية اتّخاذ القرار وتنفيذه.