تعالي أيتها الغيوم

سنعود إلى الحب بالتأكيد. ولكن كما لو أننا لم نحب من قبل. سنتعلم أن نقبل بعضنا بحذر يُفسد لحظة الاشتياق. ستكون الصرخة جاهزة. حنجرة تطبق على غيمة.
الاثنين 2020/04/20
القبلة تصنع جملها

“هل سنعود إلى الحب؟” يا له من سؤال ساذج. لقد رأيت صورة مكبّرة من لوحة غوستاف كليمت “القبلة” وكانت عبارة عن إعلان تجاري. حينها فكّرت بقبلة رودان. لن يمرّ زمن طويل على البشرية لكي تستعيد زمن العناق والقبلات. ما من تقنية تعبّر عن شوق الجسد إلى أن يهرب من عزلته مثل القبلة.

هناك سؤال وجودي ورغبة في الحماية والانتظار كما لو أن أحدا يقف عند باب القطار الذي نستقله. وإذا ما كنا قد شبعنا من مناظر الحقول النضرة التي رأيناها عبر نوافذ القطار، فإن رؤية صديق يقف في انتظارنا ستبعث في أرواحنا رغبة استثنائية في العناق من أجل أن نقول “إننا لا نزال نعرف الطرق التي تؤدي إلى الحياة الحقيقية” لقد كنّا هناك ذات يوم وها نحن نستعيد مواقعنا. ولكن متى يحدث ذلك؟

الأطباء بشر مثلنا. يحلمون بالجواب وهم في أشد حالاتهم عياء. لقد صار على الشقاء أن يحلم. أحيانا يكون الطبيب ساعي بريد. بطريقة محايدة يحمل رسائل المرض إلينا.

ولكنني أفكّر بالدكتور زيفاكو. حين رآها آخر مرّة سقط ميتا. لن تكون البشرية الدكتور زيفاكو. لا أحد يفكّر أن يمثّل دوره مثلما فعل عمر الشريف.

عذاب الحب كله كان هناك وأيضا الرغبة في أن لا نقول شيئا. ذلك لأن الصمت ينطوي على الكثير من الكلام، غير أن القبلة تصنع جملها التي تُثرثر بالكثير من الكلام. وكما أتوقّع فإن العالم المُغرم بالكلام سيكون مضطرا لأن يصمت زمنا طويلا في انتظار القبلة التي تقول كل شيء.

سنعود إلى الحب بالتأكيد. ولكن كما لو أننا لم نحب من قبل. سنتعلم أن نقبل بعضنا بحذر يُفسد لحظة الاشتياق. ستكون الصرخة جاهزة. حنجرة تطبق على غيمة.

أما المطر فإنه كلمات مُبعثرة. ستكون قبلاتنا بحجم انتظارنا. الزمن الذي قضيناه ونحن ننظر من نوافذ القطار. أما وقد وصلنا فتعالي أيتها الغيوم لنبكي معا.

16