تعافي سوق العقارات الأردني عالق في دوامة الإغلاق

أعمال شركات القطاع تواجه مستقبلا ضبابيا قد يمتد إلى فترة أطول مما هو متوقع.
الجمعة 2022/01/21
همّ حمل الألواح ثقيل صحيح لكن لا خيارات بديلة

يواجه سوق العقارات في الأردن معضلة كبيرة في طريق التعافي من ارتدادات الإغلاق الاقتصادي، والذي يتوقع خبراء القطاع أن تدفعه العديد من التقاطعات الراهنة إلى نقطة أكثر حساسية قد تفاقم من متاعبه خلال فترة أطول قد تصل إلى 2026.

عمّان - تحمل إشارات المطورين العقارين في الأردن حول احتمال دخول القطاع في مرحلة ركود طويلة الكثير من علامات التشاؤم في الوقت الذي كانوا يمنون أنفسهم بالخروج تدريجيا من الأزمة التي شلت نشاط السوق بسبب الأزمة الصحية.

ورجح خبراء عقاريون خلال ملتقى عقد في العاصمة عمّان هذا الأسبوع أن آثار الجائحة على قطاع العقارات ستمتد لنحو خمس سنوات قادمة على الأقل.

وحتى يتفادوا أي مفاجآت في المستقبل يعتقدون أنه من الضروري اليوم وضع منهجية واضحة حتى لا تتعرض الشركات إلى ما هو أسوأ بفعل الضغوط الراهنة.

وقبل الجائحة، دخلت الحكومة معركة شاقة لتحريك قطاع العقارات المتعثر من خلال إقرار حزمة من الحوافز لتشجيع الشركات والمستثمرين، يرى كثير من المختصين أنها غير كافية.

ومع ذلك، لا تخفي الأوساط العقارية تحذيرها من أزمة وشيكة قد يتعرض لها القطاع بشكل قد يسبّب تداعيات سلبية على الاقتصاد المحلي هو في غنى عنها، في ظل ما تعيشه البلاد من أزمات مالية متراكمة منذ سنوات.

وبما أن مشاريع الإنشاءات العامة والاستثمارات الأخرى المتعلقة بالقطاع تبدو في حالة انكماش منذ تفشي الوباء في مارس 2020، يرى خبراء القطاع أن احتياجات الأسر الأردنية حاليا هي للمساحات الصغيرة مقارنة بما كانت عليه سابقا رغم ارتفاع أسعار العقارات السكنية.

سليمان داود: آثار الجائحة على قطاع العقارات ستمتد لنحو 5 سنوات

وثمة من يرى أن القطاع العقاري يعاني نوعا من الفوضى بسبب عدم وجود دراسات حول طبيعة الطلب مهما كانت طبيعة الوضع الاقتصاد في البلاد.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الرئيس التنفيذي لشركة بيترهومز العقارية سليمان داود قوله إن “أزمة كورونا وتداعياتها أدت إلى تغيير كبير في السلوك العقاري والذي سيمتد أثره على المدى المتوسط لمدة خمس سنوات قادمة على الأقل”.

ولمواجهة هذه المشكلة أكد أن الشركة عملت على إنشاء قسم دراسات عقارية متخصص بالتحليل العقاري ودراسة المخاطر وإنشاء أكاديمية للتدريب العقاري لمعرفة اتجاهات السوق خلال الفترة المقبلة.

وتكمن أهمية السوق العقارية في ارتباطها بأكثر من 150 نشاطا حيويا بشكل مباشر وغير مباشر، لاسيما مواد البناء والصناعات الكهربائية والإنشائية والأثاث والمطابخ والتمديدات الصحية وغيرها.

وطيلة العقد الماضي عانى الأردنيون من غليان أسعار الشقق السكنية والأراضي، والتي تضاعفت بشكل لا يتماشى مع مقدرتهم الشرائية رغم أن البنك المركزي أكد مرارا أن القطاع حقق نموا بنحو 50 في المئة في المتوسط.

وبحسب البنك الدولي، تحتاج السوق العقارية المحلية سنويا إلى حوالي 65 ألف مسكن جديد، ولكن ما يتم إنتاجه لا يزيد على 30 ألف شقة وسط 80 ألف عقد زواج يتم تنفيذها سنويا.

ويرى البعض أن الظروف الإقليمية وخاصة في دول الخليج وانعكاساتها على المقيمين فيها أثرت على الأفكار الاستثمارية للمغتربين في هذه الدول سواء لشراء الشقق أو الأراضي.

ولدى المطورين العقاريين المحليين قناعة بأن أسعار الإسكانات مرتبطة بجملة من التكاليف التي هي في الأساس عالية، بسبب ارتفاع الأراضي وكلف وأسعار مدخلات الإنتاج.

ويقول محللون إن العديد من المستثمرين في القطاع أصبحوا يغادرون إلى دول مجاورة تقدم تسهيلات أكبر للاستثمار.

ويشير نائب أمين عمّان السابق عامر البشير إلى أن جائحة كورونا أثبتت أنه عندما يجري التعامل مع ظروف استثنائية يجب أن تكون هنالك خدمات موجودة على مستوى الأحياء السكنية. وأضاف “هذا يجعلنا نفكر بطريقة منهجية مختلفة للمستقبل”.

محمد نور: يجب وضع تشريعات تصوب أوضاع المسوقين للعقارات

وأكد البشير على ضرورة دراسة حاجة كل منطقة واحتياجات الناس فيها من نقل وسكن وخدمات وفرص عمل بحيث تكون مناطق متكاملة.

ولا يستطيع معظم الأردنيين تحمل أعباء شراء شقق تزيد مساحتها على مئة متر، والتي يصل سعرها أحيانا إلى حوالي 90 ألف دولار وقد يزيد في بعض المناطق مثل العاصمة عمان.

وتشكل مشكلة السيولة أحد الأسباب الأساسية التي تجعل القطاع يدخل في ركود، حيث أن البنوك المحلية مستمرة في الحجز على العشرات من الشقق السكنية المبيعة للمواطنين لعدم قدرتهم على تسديد الأقساط المستحقة عليهم.

ويقول الرئيس السابق لجمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري إن هناك تغيرا في الاتجاهات السكنية للأردنيين من الشقق ذات المساحة الكبيرة الى الشقق ذات المساحة التي تتراوح ما بين 120 و140 وخاصة بالنسبة إلى الأسر الجديدة والناشئة.

ولا تأخذ صناعة العقارات بالحسبان طبيعة إمكانات المواطنين واحتياجاتهم، كما أن القرارات الحكومية ذات الصلة تؤثر على تطور القطاع، وعلى حالة اليقين لدى المستثمرين والمشترين على حد السواء.

ولفت نقيب أصحاب المكاتب العقارية محمد نور خلال الملتقى إلى أهمية أن تكون هناك تشريعات وقوانين ناظمة لعمل المكاتب العقارية وضرورة تصويب أوضاع الكثير من المسوقين للعقارات.

وتنسجم هذه التقييمات مع البيانات الرسمية إذ تشير أرقام دائرة الأراضي الحكومية حول التداول العقاري إلى أن قيمة إيرادات القطاع في العام الماضي انخفضت بواقع 9 في المئة قياسا بعام 2019.

وتقول الدائرة إنه تم استثناء بيانات العام 2020، لتعرض القطاع إلى ظروف غير مواتية هبطت بمبيعات العقارات لمستويات غير مسبوقة.

وبحسب الإحصائيات، فقد وصلت الإيرادات من مبيعات العقارات إلى 210 ملايين دينار (296.2 مليون دولار). وفي المقابل بلغت قيمة إعفاءات تسجيل الشقق خلال العام الماضي 165 مليون دولار، بارتفاع 63 في المئة مقارنة مع 2019.

وأشارت الدائرة إلى ارتفاع القيمة التقديرية لمبيعات العقارات لغير الأردنيين خلال العام الماضي بنسبة 9 في المئة لتصل إلى 362.3 مليون دولار.

10