تظاهرة في السليمانية ضد الفساد وغلاء المعيشة في إقليم كردستان

اعتقال نواب من حزب كردي معارض دعوا إلى الاحتجاج.
الأحد 2022/08/07
الفجوة بين الشارع الكردي والحكومة تتسع

الاحتجاجات تعود إلى مدينة السليمانية مرة أخرى في ظل فشل الحزبين الحاكمين بإقليم كردستان في حل أسباب الاحتجاجات السابقة واكتفائهما باللجوء إلى القوة لإسكات الغاضبين، في الوقت الذي يطالب فيه هؤلاء بتحسين أوضاعهم وصرف جزء من مداخيل النفط لتغيير واقع الإقليم.

السليمانية- أطلقت قوات الأمن في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق الغاز المسيل للدموع لتفريق المئات من المتظاهرين الذين تجمعوا في وسط المدينة احتجاجاً على الفساد وتردّي المعيشة، واعتقلت نواباً من حزب كردي معارض، كانوا دعوا للتظاهرة.

وتأتي هذه الاحتجاجات لتعيد إلى أذهان الأكراد احتجاجات سابقة كانت سلطات الإقليم قابلتها بالعنف وتجاهلت مطالب المحتجين.

ودعا حزب “الجيل الجديد”، وهو حزب كردي معارض، إلى تظاهرة في مدينة السليمانية، ثاني أكبر مدن الإقليم، تنديداً بالفساد وتراجع الحريات. وقبل أن تبدأ التظاهرة، جرى نشر العشرات من سيارات الشرطة في وسط المدينة الواقعة في شمال العراق.

وما إن بدأ المئات بالتجمع في المكان، حتى قامت القوات الأمنية بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي عليهم لتفريقهم، كما أفاد صحافي في فرانس برس، مشيرا إلى أن قوات الأمن منعت الصحافيين من إخراج كاميراتهم للتصوير.

وفيما كانوا متوجهين إلى التظاهرة، قامت قوات أمن الإقليم باعتقال 6 من نواب الحزب في البرلمان العراقي، في أربيل والسليمانية، كما أفادت رئيسة كتلة “الجيل الجديد” في البرلمان العراقي سروة عبدالواحد.

واعتقلت قوات الأمن كذلك نائبة أخرى عن برلمان الإقليم في مدينة رانيا. وتمّ الإفراج لاحقاً عن ثلاثة من النواب، كما أفاد ريبير عبدالرحمن أحد النواب الثلاثة الذين كانوا معتقلين. ونشرت عبدالواحد على حسابها في تويتر صورةً لثلاثين ناشطاً جرى اعتقالهم في الأيام الأخيرة.

وأفاد بيان لحزب “الجيل الجديد” بأن “30 سيارة عسكرية مسلحة حاصرت مقر الحراك” في السليمانية قبيل التظاهرة، وحمّل البيان “سلطة الإقليم وحزبي الاتحاد والديمقراطي مسؤولية الحفاظ على حياة رئيس الحراك ونوابه وقيادييه”، مؤكدا “أبلغنا السفارات والأمم المتحدة بما يحدث”.

وأوضح الشهود أن مظاهرات مماثلة شهدتها مناطق حلبجة ورانية التابعة لمدينة السليمانية.

وغالباً ما يندد ناشطون في مجال حقوق الإنسان بالاعتقالات التعسفية وانتهاك الحق في التظاهر وحرية الصحافة في إقليم كردستان.

وكان رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبدالواحد كتب في تغريدة في الأول من أغسطس أن “الوضع في إقليم كردستان سيء، السلطات لا تقوم بمعالجة المشاكل، بل تزيد عليها. الفساد، الفقر، البطالة، وصلت إلى ذروتها. حكومة الإقليم لا تصغي إلى القوى المعارضة ولن تقوم بإجراء انتخابات جديدة. هل من خيار آخر أمامنا سوى التظاهر؟”.

ويهيمن حزبان خصمان في إقليم كردستان، الذي يقدّم نفسه كواحة للاستقرار في بلد مزقته النزاعات، على المشهد السياسي هما الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، واللذين تقودهما عائلتا بارزاني وطالباني.

ويأتي قمع هذه التظاهرة في وقت يقيم مناصرو الزعيم الشيعي النافذ مقتدى الصدر اعتصاماً مفتوحاً في حدائق البرلمان العراقي، بعدما اقتحموا المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد.

وقالت النائبة سروة عبدالواحد في تغريدة على حسابها عبر موقع تويتر:

ويقول مراقبون إن الاحتجاجات الجديدة تكشف حجم الفجوة بين الشارع الكردي والحزبين اللذين يتقاسمان السلطة.

وكانت مدينة السليمانية قد شهدت في مناسبات سابقة تفجر الاحتجاجات سواء التي قادها الطلبة أو المعلمون أو المواطنون العاديون الذين كانوا يطالبون بتحسين الأوضاع الاجتماعية واستثمار أموال النفط والغاز لفائدة سكان الإقليم وليس لخدمة مجموعة من المتنفذين.

◙ ما إن بدأ المئات بالتجمع في المكان، حتى قامت الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريقهم

وتعرضت في احتجاجات سابقة مقرات الأحزاب لعمليات حرق من قبل المتظاهرين الغاضبين الذين حمّلوا تلك الأحزاب مسؤولية الأزمة العميقة التي يعيشها الإقليم.

ويرى نشطاء أكراد أن استخدام القوة طالما ساهم في تأجيج الوضع أكثر، وهو ما يهدد بتوسيع رقعة الاحتجاجات، وأن الأزمة في إقليم كردستان تتجاوز الغضب على ارتفاع الأسعار، إلى أزمة نظام تسيطر عليه عائلات سياسية، تمادت في فسادها، حيث لم يعد للمواطن حل سوى الانتفاض ضدها.

ويعاني إقليم كردستان من أزمة اقتصادية متفاقمة، دفعت الآلاف من مواطني الإقليم إلى محاولة الهجرة إلى أوروبا، ما أدى إلى اندلاع أزمة سياسية بين مينسك والاتحاد الأوروبي.

ويقول نشطاء إن الحياة داخل إقليم كردستان لم تعد ممكنة وقد تحولت إلى جحيم في ظل ارتفاع الأسعار وانتشار البطالة، لافتين إلى انتشار المحسوبية والمحاباة التي شملت كل مفاصل الإقليم. ويشير أحد الشباب إلى أن الوظائف أصبحت حكرا على المنتمين والمقربين من أحزاب السلطة.

3