تظاهرات شعبية مرتقبة في السليمانية احتجاجا على تأخر صرف الرواتب

معلمو وموظفو المحافظة بإقليم كردستان العراق يؤكدون أنهم لن يعودوا إلى أعمالهم قبل صرف الرواتب.
الخميس 2024/12/05
احتجاجات تتواصل لليوم التاسع والأربعين على التوالي

السليمانية (كردستان العراق) - أطلقت لجنة الدفاع عن حقوق المعلمين والموظفين في السليمانية، اليوم الخميس، دعوة عامة للمشاركة في تظاهرات شعبية مطلع الأسبوع المقبل، احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم للشهرين الماضيين، وسط تزايد الغضب من عدم تلبية حقوقهم المشروعة رغم أدائهم لواجباتهم الوظيفية.

ودعا عضو اللجنة زانا غريب، في مؤتمر صحافي، جميع المعلمين والموظفين في السليمانية إلى المشاركة الفعالة في التظاهرات المقررة السبت المقبل.

وقال غريب "لم نتسلم رواتبنا لشهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، رغم أننا أدينا واجباتنا بأتم صورة. هذا ظلم واضح ومخالفة لمبدأ الحقوق والواجبات".

وأوضح أن اجتماعا سيُعقد صباح السبت قبل الساعة العاشرة، يضم أعضاء لجنة الدفاع عن حقوق الموظفين والمعلمين، لوضع آلية وتحديد أوقات التظاهرات.

وأضاف أن التظاهرات ستنطلق في تمام العاشرة صباحا أمام مديرية تربية السليمانية.

وتأتي هذه الدعوات في ظل تصاعد الاستياء بين الموظفين والمعلمين في إقليم كردستان بسبب التأخير المتكرر في صرف الرواتب.

وتشكل التظاهرات فرصة للتعبير عن معاناتهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة، في وقت تعاني فيه شريحة واسعة من المواطنين من تبعات اقتصادية واجتماعية جراء هذه الأزمات.

وتقف وراء تشدّد بغداد في تحويل المستحقات المالية لإقليم كردستان والمبالغة في الاشتراطات وتعقيد الإجراءات قوى سياسية شيعية بالأساس متحكّمة بزمام الدولة العراقية وجلها موالية لإيران ولا تتردّد في استخدام المسائل المالية ومن ضمنها قضية الرواتب كسلاح سياسي للضغط على سلطات الإقليم ومحاولة تكييف سياساتها بما يتوافق مع توجهات طهران السياسية والدينية والطائفية ويخدم مصالحها في العراق.

ولا يخلو الأمر من مفارقة تتمثّل في تحالف طرف سياسي في إقليم كردستان مع الأحزاب والفصائل الشيعية الحاكمة في بغداد ومساهمته في تعقيد قضية الرواتب.

ويتعلّق الأمر بالاتحاد الوطني الكردستاني الذي عارض استخدام نظام جديد وضعته حكومة الإقليم لتسليم الرواتب لمستحقيها تحت مسمى "حسابي".

واعتبر الاتحاد أن إنشاء ذلك النظام إجراء خاص بمنافسه الأكبر الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأنّه مخالف لتوطين الرواتب الذي أقرته سلطات بغداد ويعني استخدام البنوك الاتحادية في صرف رواتب موظفي الإقليم رغم أنّ مدن الأخير لا يوجد بها سوى عدد قليل من فروع تلك البنوك.

وتقول سلطات كردستان العراق إنّها أوفت بجميع الشروط اللازمة للحصول على مستحقات الإقليم المالية وحصّته من الموازنة الاتحادية، وكذلك بجميع إجراءات إيصال الرواتب لمستحقيها بما في ذلك إنشاء نظام "حسابي" المذكور، وإنّه لا يحول دون إيفاء بغداد بالتزاماتها سوى عراقيل مفتعلة ذات خلفيات سياسية تضعها بعض الجهات ذات النفوذ في الدولة الاتّحادية.

وأمام انسداد أفق حل أزمة الرواتب واشتدادها يواصل الموظفون في إقليم كردستان احتجاجاتهم لليوم التاسع والأربعين على التوالي، بسبب عدم صرف رواتب شهر أكتوبر، مما أثار موجة من الإضرابات في المدارس والمؤسسات بمحافظة السليمانية، وخاصة في منطقة رابرين، حيث أعلن مجلس المعلمين المحتجين الأربعاء، استمرار الإضراب حتى تحقيق مطالبهم.

وخلال الأيام الماضية، شهدت السليمانية تصعيدا في الإضرابات داخل المدارس والمؤسسات الإدارية، مع تأكيد الموظفين والمعلمين المحتجين أنهم لن يعودوا إلى أعمالهم قبل صرف الرواتب.

ونقلت وسائل إعلام محلية شهادات تعكس حالة الغضب والامتعاض لدى المدرسين وموظفي قطاع التعليم. وقال عضو مجلس المعلمين المحتجين في السليمانية، عثمان كولبي، في تصريح لوكالة "شفق نيوز" المحلية "الإضراب الذي يعم العديد من المدارس أدى إلى غياب كامل للمعلمين والطلاب عن الصفوف الدراسية في مختلف المراحل التعليمية"، مشدداً على أن "هذا الحراك يعكس وعياً ذاتياً لدى المعلمين بعيدًا عن أي تدخل سياسي أو خارجي".

وأضاف كولبي "إذا حُلّت أزمة الرواتب وعاد المعلمون إلى قاعات الدراسة، فسيثبت أن قرار الإضراب لم يكن سياسياً أو مرتبطاً بأي أجندات خارجية، حيث أن تأخر الرواتب فاقم من معاناة الموظفين والمعلمين الذين باتوا يعانون من تراكم الديون وصعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية".

وفي سياق متصل، أصدر مجلس المعلمين المحتجين في منطقة رابرين بيانا دعا فيه الموظفين والمعلمين إلى اتخاذ موقف حازم تجاه "تجاهل السلطات"، مؤكدين "من حقنا أن نتقاضى رواتبنا في موعدها كل 30 يوماً، وأي تأخير يجب أن يُواجه بالمقاطعة".

وقبل عدة أيام، أعلنت بغداد تحويل مبلغ 761 مليار دينار إلى حساب وزارة مالية الإقليم كجزء من مستحقات رواتب شهر أكتوبر، ومع ذلك، لم يتم تسليم الرواتب حتى الآن بسبب خصم 235 مليار دينار من المبلغ الإجمالي، ما أدى إلى عجز وزارة المالية في الإقليم عن صرف المستحقات.

ويعد هذا التأخير في الرواتب من أبرز القضايا التي تواجه الإقليم، حيث يثير قلقاً متزايداً بين الموظفين الذين يعتمدون على الرواتب الشهرية لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وحتى الآن، لم تُحدد وزارة مالية الإقليم موعدا رسميا لصرف رواتب شهر أكتوبر.