تطويع الإعلام العراقي لخدمة إيران تحت مسمى مشاريع إعلامية مشتركة

منظومة متكاملة من وسائل الإعلام التابعة لإيران في العراق تلعب دورا في الاستقطاب الطائفي.
الجمعة 2023/06/16
مشروع كامل للسيطرة

بغداد - أعلن رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم عن تنفيذ ثلاثة مشاريع إعلامية مشتركة مع إيران بالتزامن مع زيارة وفد إيراني يضم مدراء ومحررين ونشطاء إعلاميين، وصفت بـ”زيارة إعطاء التعليمات”.

وأفادت وكالة “مهر” الإيرانية للأنباء أن رئيس شبكة الإعلام العراقي التي تضم التلفزيون العراقي ووكالة العراقية الإخبارية وجريدة “الصباح”، أعلن استعداده لتعزيز التعاون مع وسائل الإعلام الإيرانية في مجالي الإنتاج الإخباري والوسائط المتعددة.

وأضاف في لقاء مع أعضاء الوفد الإعلامي الإيراني في بغداد أنه يرحب بأي تعاون في مجال الإعلام مع النشطاء الإعلاميين في إيران، معربا عن أمله في أن تتخذ وسائل الإعلام في البلدين خطوات كبيرة لتعزيز وتوطيد العلاقات بينهما.

وذكرت الوكالة الإيرانية أن أعضاء الوفد الإعلامي الإيراني خلال اجتماعهم مع رئيس شبكة الإعلام العراقي شرحوا قدرات وإمكانيات وسائل الإعلام الخاصة بهم، وأعربوا عن أملهم في أن تفتح هذه الزيارة فصلاً جديدًا للعلاقات الإعلامية والتعاون بين البلدين.

بتعاونها الإعلامي، تستهدف طهران فئات شعبية بسيطة متأثرة بمحركات عقائدية وطائفية تغذيها غالبية بخطاباتها

وأضافت أن المحاور الرئيسية التي ناقشها الوفد الايراني هي تبادل المحتويات الإعلامية والتبادل وسفر النشطاء الإعلاميين في البلدين وضرورة التقارب والتعاون المشترك لتعزيز أسس الصداقة بين البلدين واستخدام الخبرات الإعلامية المتبادلة وإنتاج محتويات إخبارية مشتركة ومواجهة تيارات الأخبار ضد الشعبين.

ويعتبر متابعون للإعلام العراقي أن الزيارة لا تعدو أن تكون إصدار أوامر وتعليمات من قبل طهران لوسائل الإعلام العراقية الرسمية بشأن الخطوط العريضة التي يجب عليها أن تتبعها تحت مسمى التعاون والتطوير وتوطيد العلاقات بين البلدين.

وتستهدف طهران بتعاونها الإعلامي فئات شعبية بسيطة متأثرة بمحركات عقائدية وطائفية تغذيها غالبية بخطاباتها.

وكشفت مصادر لـ”العرب” أن هذه السياسات التحريرية يُرتّب لها مسبقًا من خلال اجتماعات مع رؤساء هذه الوسائل الإعلامية في مقر اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية في منطقة الجادرية ببغداد. كما تتم المتابعة الدورية معهم عبر تطبيق واتساب.

وغالبا ما تتركز التعليمات على منع أي نقاش سياسي يفضي إلى التشكيك بالأحزاب الإسلامية السياسية المقربة من إيران والحديث عنها كتجربة سياسية فاشلة.

وأبرز مثال على هذه السياسة هو القرار الذي أصدرته هيئة الإعلام والاتصالات العراقية قبل أيام، بمنع وسائل الإعلام المحلية من استضافة المحلليْن السياسيين علاء النشوع وعمر عبدالستار محمود ومنعهما من الظهور الإعلامي، بعد حملة شنتها عليهما حسابات تابعة للحشد الشعبي.

وبحسب المصادر فإن أهداف الزيارة تتضح من خلال مخطط سيرها، فقد قام الوفد الإيراني في نهاية الاجتماع بزيارة أقسام مختلفة من الشبكة وتم إطلاعه على عملية إنتاج البرامج الإخبارية والتلفزيونية لهذه الشبكة.

وتوجه وفد مؤلف من مدراء ومحررين ونشطاء إعلاميين من إيران إلى بغداد الثلاثاء بهدف التعرف على وسائل الإعلام العراقية وتوسيع التعاون معها. وأضافت الوكالة أن هذا الوفد “وجّه الاحترام للشهيدين الحاج قاسم سليماني وأبومهدي المهندس في مكان استشهادهما مساء الثلاثاء” لدى وصولهما إلى بغداد.

الزيارة لا تعدو أن تكون إصدار أوامر وتعليمات من قبل طهران لوسائل الإعلام العراقية الرسمية بشأن الخطوط العريضة التي يجب عليها أن تتبعها تحت مسمى التعاون

ومن خطط هذه الزيارة التي استغرقت ثلاثة أيام، لقاء رئيس تيار الحكمة الوطني العراقي عمار الحكيم وزيارة بعض وسائل الإعلام العراقية ولقاء نقيب الصحافيين العراقيين ورئيس نقابة الصحافيين العراقيين وهيئة الإعلام والاتصالات والأماكن المقدسة.

وبالإضافة إلى التعاون الإيراني والذي يطلق عليه البعض الوصاية الإيرانية، مع شبكة الإعلام العراقي التي تدير المؤسسات الإعلامية الرسمية في العراق، هناك منظومة متكاملة من وسائل الإعلام الأخرى التابعة لإيران في العراق تلعب دورًا في الاستقطاب الطائفي، كأداة لاستمالة وكسب الولاء السياسي على أساس طائفي.

وتُعتمد هذه الوسائل سياسة تحريرية واضحة في أغلب ساعات البث تملأها بمواد مخصصة للتوجيه المعنوي الطائفي، والدعوة إلى القتال في مواجهة “العدو” أي الولايات المتحدة وإسرائيل في المقام الأول ثم الدول الحليفة لهما ثانيا.

وتركز التعليمات أيضا على اللعب على وتر مظلومية أهل الجنوب مقارنة بالأكراد في الشمال أو السنة في المحافظات الغربية، مع التركيز على فكرة أن “أهل الجنوب هم من حرروا البلاد من داعش”. بالإضافة إلى الترويج لزعماء الفصائل المسلحة وأجنحتها السياسية، وتكريس أجندة إيران في العراق.

وذكرت تقارير مطلعة أن تمويل القنوات التابعة لإيران كان يعتمد سابقا على “اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الذي يحصل على تمويله من قبل اتحاد الإذاعات والقنوات الإسلامية الذي تديره إيران، ويرأسه شخص اسمه كريم ياني يرتبط بالحرس الثوري الإيراني”. لكن بعد مقتل قائد فيلق القدس سليماني وتأثير العقوبات الدولية على إيران، تراجع حجم التمويل كثيرا.

لكن ذلك لم يؤثر على عمل تلك القنوات، لأن معظم كوادر تلك القنوات هم موظفون رسميا في الحشد الشعبي، وبما أن الحشد عبارة عن خليط لتلك الفصائل “يقوم كل فصيل بتفريغ أولئك الموظفين للعمل في القناة التي يملكها، ما يعني أن مرتباتهم تصرف حكوميا”، في حين “تدفع اشتراكات الأقمار من خلال الأموال التي توفرها الهيئات الاقتصادية التي تملكها تلك الجهات وعبر مصادر التمويل الأخرى التي تعتمدها”.

والمكاتب أو اللجان الاقتصادية هي عبارة عن أذرع تابعة للأحزاب العراقية المتنفذة والفصائل داخل الوزارات والمؤسسات تستفيد من أموال تلك المؤسسات الحكومية التي تحصل عليها الأحزاب، ومن خلال ما تملكه من نفوذ تعمل على تعطيل المشاريع والاستحواذ عليها من خلال شركات استثمارية خاصة بها.

5