تطور خطير يثير تنديدا دوليا بعد استهداف إسرائيل لليونفيل بلبنان

بيروت - أثار إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل في جنوب لبنان الجمعة انتقادات واسعة النطاق من المجتمع الدولي، فيما طالب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الأمم المتحدة بالعمل على "وقف فوري للنار" في بلده.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه أطلق النار في اتجاه "تهديد" قريب من موقع لقوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، في سياق "حادث" أسفر عن اصابة عنصرين في اليونيفيل.
وأكدت قوة اليونيفيل الجمعة إصابة اثنين من عناصرها من الكتيبة السريلانكية في انفجارين قرب نقطة مراقبة حدودية، في ثاني واقعة تفيد اليونيفيل بوقوعها خلال يومين، إذ جرح عنصران تابعان لها الخميس، ما استدعى إدانات دولية.
وقالت القوة الأممية في بيان الجمعة "تعرّض المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة صباح اليوم لانفجارات للمرة الثانية خلال 48 ساعة"، إذ "أصيب جنديان من قوات حفظ السلام بعد وقوع انفجارين قرب برج مراقبة".
وحذرت من أنّ هذه "الحوادث تضع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تعمل في جنوب لبنان... في خطر شديد".
كما تحدّثت عن انهيار "جدران حماية عدة في موقعنا التابع للأمم المتحدة الرقم 1-31، قرب الخط الأزرق في اللبونة، عندما اصطدمت جرافة إسرائيلية بمحيط الموقع وتحركت دبابات إسرائيلية قرب موقع الأمم المتحدة" الجمعة.
وتضم قوة اليونيفيل أكثر من 10 آلاف فرد، ومن بين أكبر المساهمين فيها إيطاليا وفرنسا وماليزيا وإندونيسيا والهند.
وأكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة أنّ على إسرائيل عدم تكرار إطلاق النار على قوّة اليونيفيل في جنوب لبنان، مشدّدا على أنّه أمر "غير مقبول".
وقال غوتيريش بعد محادثات مع قادة دول جنوب شرق آسيا في قمة في لاوس "كان هناك حُكما رد فعل من جانب الكثير من الأطراف تضامنا مع عنصري قوات حفظ السلام اللذين أصيبا، ومن أجل إبلاغ إسرائيل بوضوح تام بأنّ هذه الحادثة غير مقبولة ويجب ألا تتكرّر".
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل الجمعة إلى الكفّ عن إطلاق النار على عناصر قوة الأمم المتحدة الموقتة المنتشرة في جنوب لبنان (يونيفيل).
وخلال مشاركته في اجتماع في البيت الأبيض حول الإعصار ميلتون، سئل بايدن "هل تطلب من إسرائيل الكف عن ضرب قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؟"، فأجاب "قطعا، بكل تأكيد".
من جهته قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن "إسرائيل تنفذ عمليات مُستهدَفة قرب الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) لتدمير البنية التحتية لحزب الله التي يمكن استخدامها لتهديد مواطنين إسرائيليين. وبينما ينفّذون هذه العمليات، من المهم ألا يُهددوا أمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة".
وندد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الجمعة باستهداف إسرائيل قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان معتبرا إطلاق النار على اليونيفيل "غير مقبول".
وقال ميشال على هامش قمة لرابطة دول جنوب شرق آسيا في لاوس إن "هجوما على بعثة دولية لحفظ السلام غير مسؤول وغير مقبول، ولذلك ندعو إسرائيل وجميع الأطراف إلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي".
وأعلنت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني أن إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على قوات حفظ السلام "أمر غير مقبول".
وقالت ميلوني "إن مقر قوات اليونيفيل وقاعدتين إيطاليتين قد أصيبت بنيران أطلقتها القوات الإسرائيلية (...) هذا غير مقبول وينتهك ما نصت عليه" قرارات الأمم المتحدة.
وطالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الجمعة بـ"وضع حد لكل أشكال العنف" ضد قوة الامم المتحدة الموقتة المنتشرة في جنوب لبنان (يونيفيل).
وقال سانشيز خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الأوروبي المطلة على المتوسط إن "ما حصل في مقر اليونيفيل في لبنان (...) غير مقبول على الإطلاق، ونطالب بوضع حد لكل أشكال العنف التي يتعرض لها للأسف الجنود الأمميون" في هذا البلد.
واعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة أن "استهداف القوات الإسرائيلية المتعمد" لعناصر قوة الامم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان هو أمر "غير مقبول على الإطلاق"، منبها الى أن فرنسا "لن تقبل" بإطلاق النار مجددا على الجنود الأمميين بعد ما حصل في اليومين الأخيرين.
وقال الرئيس الفرنسي خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الاوروبي المطلة على البحر المتوسط "ندين هذا الأمر. لن نقبل به ولن نقبل بأن يتكرر ذلك"، موجها "الشكر" الى الدول المشاركة لتعبيرها عن "موقف بالغ الوضوح الى جانبنا في هذا الشأن".
وأعربت الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي عن "قلقها العميق" بعد هذه الهجمات و"أكدت أن أي هجوم متعمد ضد قوات حفظ السلام يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي".
بدوره حض رئيس الوزراء الايرلندي سايمون هاريس إسرائيل السبت على الاستجابة "لمخاوف المجتمع الدولي" وعدم تكرار إطلاق النار الأخير على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان.
وقال "يجب على إسرائيل أن تتوقف عن إطلاق النار على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العاملة ضمن قوات اليونيفيل في لبنان. على إسرائيل أن تستمع إلى صوت المجتمع الدولي ومخاوفه".
وأعلنت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن المملكة المتحدة "تشعر بصدمة" إزاء التقارير عن إطلاق نار إسرائيلي استهدف قوة الأمم المتحدة المنتشرة في لبنان (يونيفيل).
وقالت المتحدثة "شعرنا بالصدمة لسماع هذه التقارير. من الضروري حماية قوات حفظ السلام والمدنيين".
وعبّرت الصين الجمعة عن "قلقها البالغ وإدانتها الشديدة" للهجوم الإسرائيلي على مواقع وتجهيزات تابعة لقوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).
وأفادت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ "تعرب الصين عن قلقها البالغ وإدانتها الشديدة لهجوم قوات الدفاع الإسرائيلية على مواقع يونيفيل ومراكز المراقبة التابعة لها والذي أوقع إصابات في صفوف عناصر يونيفيل".
من جهتهم دعا قادة مجموعة "ميد 9" التي تضم دول الاتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط الجمعة في قبرص إلى "إنهاء الأعمال الحربية" في غزة ولبنان.
وشدّد المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتين خلال مقابلة مع قناة محلية لبنانية على أن بلاده تعمل "دون توقف" من أجل تحقيق وقف إطلاق نار في لبنان.
وقال هوكشتين "للأسف، رأينا أنه كان هناك هجوم على مواقع لليونيفيل، هذا أمر غير مقبول".
ومنذ بدء التصعيد الحدودي في أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 2100 شخص في لبنان، بينهم نحو 1200 منذ تكثيف القصف الإسرائيلي في 23 سبتمبر، حسب تعداد يستند إلى أرقام رسمية.
وسجلت الأمم المتحدة حوالي 700 ألف نازح داخل لبنان، مع فرار نحو 400 ألف شخص، معظمهم سوريون، إلى سوريا.
وأعلن الجيش اللبناني بعد ظهر الجمعة مقتل اثنين من جنوده في استهداف إسرائيلي لأحد مواقعه في جنوب لبنان، ما يرفع إلى أربعة حصيلة قتلاه منذ اشتداد القصف الإسرائيلي على لبنان.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية بضربات إسرائيلية عدة على الجنوب والبقاع (شرق).
أعلن حزب الله السبت أنه استهدف "بصلية من الصواريخ" قاعدة عسكرية إسرائيلية في جنوب مدينة حيفا الواقعة شمال إسرائيل.
وقال حزب الله في بيان إن مقاتليه قاموا صباح السبت بقصف قاعدة عسكرية إسرائيلية "بصلية من الصواريخ النوعية".
يأتي ذلك بعد ثلاثة أسابيع على دخول إسرائيل وحزب الله في حرب مفتوحة، وغداة غارتين عنيفتين طالتا وسط بيروت واستهدفتا رئيس الجهاز الأمني في الحزب وفيق صفا.
وطالب رئيس الحكومة اللبنانية الأمم المتحدة بالعمل على "وقف فوري لإطلاق النار" في بلده.
وتسبّبت الغارتان الجويتان الإسرائيليتان الخميس على البسطة والنويري، وهما حيّان سكنيان مكتظّان في بيروت، بمقتل 22 شخصا وإصابة 117 آخرين، حسب وزارة الصحة.
ولم تعلّق إسرائيل وحزب الله على مصير صفا الذي يتمتع بنفوذ كبير في لبنان ويرأس "وحدة الاتصال والتنسيق" في الحزب.
منذ 23 سبتمبر، كثّفت إسرائيل ضرباتها على معاقل حزب الله وبنيته العسكرية والقيادية، وقتلت الأمين العام للحزب حسن نصر الله في ضربة جوية ضخمة في الضاحية الجنوبية في 27 سبتمبر.
وأعربت الأمم المتحدة الجمعة عن "ذهولها" للّهجة التحريضية التي تخيم على النزاع بين إسرائيل وحزب الله، مناشدة من يتولّون مراكز السلطة إنهاء "مواقفهم العدوانية".
وحذرت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني من أن "اتساع النزاع والتصعيد التدريجي يعرضان حياة ورفاه ملايين الأشخاص في مختلف أنحاء المنطقة للخطر".
من جهته، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة عن أمله في التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان ومنع اندلاع نزاع أوسع نطاقا، في حين تتهيّأ إسرائيل للرد على هجوم صاروخي شنّته إيران على أراضيها في مطلع أكتوبر، مع تأكيد طهران جهوزيتها للدفاع عن نفسها.