تطرف المرأة نزعة مقلقة

داعش يرى أنه من خلال توسيع دورها ومهامها إلى ما بعد الواجبات المنزلية، فإن المرأة لا تقل أهمية عن الرجل المقاتل.
الثلاثاء 2021/07/06
تأثير المرأة أشد وطأة

لندن – اعتقل مدرس ديني سابق بدوام جزئي وربة منزل في سنغافورة في أبريل من هذا العام بسبب تخطيطه الذهاب إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وفي أغسطس من العام الماضي وجد زوجها الماليزي أنها تطرفت وأيدت عزمه على السفر مع طفليهما للانضمام إلى داعش.

وبينما تم القبض على زوجها وترحيله إلى ماليزيا بقيت هي بموجب أمر تقييد يتطلب الإذن بالسفر إلى الخارج بدلاً من الاحتجاز. ومنذ أن خضعت لعملية القراءة فقط ظلت متمسكة بمعتقداتها الراديكالية واستمرت في التواصل مع أنصار داعش في الخارج عبر الإنترنت، كما رفضت بذل أي جهد حقيقي للمشاركة في برنامج إعادة التأهيل.

وهذه ليست حالة جديدة في سنغافورة؛ فقد تأثرت أخريات بالأيديولوجيا الراديكالية. وقبل ذلك تم اعتقال واحتجاز العديد من النساء الأخريات بسبب دعم الجماعات الإرهابية.

وبينما نحتفل بأدوار المرأة متعددة الأوجه في الكثير من المجتمعات وفي العديد من المجالات لا يزال هناك عدد قليل من النساء اللائي يتأثرن بالأيديولوجيات المتطرفة العنيفة، وهناك نزعة متزايدة نحو التطرف بين النساء المسلمات محليًا وعالميًا.

وفي وقت سابق من هذا العام تم القبض على تسع نساء يشتبه في قيامهن بالتخطيط لتفجير أهداف عسكرية في جنوب الفلبين. وضبطت القوات الأمنية داخل منازلهن معدات لصنع القنابل، كما اتُهمت النساء بتقديم مساعدات مالية ولوجستية إلى جماعة أبوسياف المتطرفة.

ومن بينهن ثلاث من أبناء الزعيم السابق لجماعة أبوسياف، خطيب حاجان سوادجان المتهم بالتخطيط للهجوم المميت على كاتدرائية جولو عام 2019 الذي أسفر عن مقتل 20 شخصًا وإصابة ما لا يقل عن 100 شخص.

Thumbnail

وشهدت إندونيسيا في السنوات الأخيرة انخراط عدد متزايد من النساء في الهجمات العنيفة عبر الأرخبيل. وشاركت امرأتان في هجومين في ماكاسار وجاكرتا في وقت سابق من هذا العام. وفي سنغافورة تحولت 24 امرأة على الأقل إلى التطرف منذ عام 2015، فيما تم اعتقال واحتجاز معظمهن بسبب إظهار دعمهن لداعش.

وتبدو الخطابات المتطرفة العنيفة مثل دعاية داعش جذابة للغاية وقادرة على جذب انتباه الكثيرين بغض النظر عن خلفيتهم، بمن في ذلك النساء.

وعلى الرغم من خسارته مناطق على جبهة القتال تكمن قوة داعش الرئيسية في انتشار رواياته في العالم الافتراضي بما في ذلك المواقع الإلكترونية ومجموعات الدردشة والمنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي.

وتظل شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي منابر رئيسية لتنظيم الدولة الإسلامية تمكنه من الوصول إلى جمهور أوسع، ويتم ذلك بطريقة متطورة وجذابة إذ تستهدف الرسائل المنقولة النساء المسلمات مباشرة.

اليوم تلعب النساء أدوارا متنوعة بما في ذلك التجنيد وجمع الأموال عبر الإنترنت وحتى المشاركة في الهجمات الانتحارية

ويستخدم تنظيم الدولة الإسلامية مواقع التواصل الاجتماعي كأحد الأساليب ليس فقط للتطرف وإنما أيضًا لتجنيد أعضاء جدد.

وأدى التجنيد وعملية التطرف على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تغييرات في الدور التقليدي الذي تلعبه المرأة في قضية الإرهاب.

وفي السابق كانت مساندة المرأة لداعش تتمحور حول الدعم المحلي مثل تعليم وتهيئة الجيل القادم من المقاتلين ولم تتضمن حمل السلاح.

واليوم تلعب النساء أدوارا متنوعة بما في ذلك التجنيد وجمع الأموال عبر الإنترنت وحتى المشاركة في الهجمات الانتحارية.

ومن خلال توسيع دور النساء إلى ما بعد الواجبات المنزلية يرى تنظيم الدولة الإسلامية أن المرأة لا تقل أهمية عن الرجل المقاتل.

ويواصل تنظيم الدولة الإسلامية نشر الروايات التي تدعي أن مشاركة المرأة هي أيضًا جهاد وتضحية من ناحية الجانب الديني الذي يعد بالمكافآت الإلهية.

وعلى الرغم من الاتجاهات المتزايدة لتطرف النساء من خلال الدعاية الإرهابية فإن ذلك لا يستبعد دورهن في المشاركة في مكافحة الإرهاب.

Thumbnail

وفي الواقع تلعب النساء دورًا كبيرًا في مكافحة الإرهاب والتطرف. ومن المعروف أن النساء، وخاصة الأمهات والزوجات، يمثلن وكالات رئيسية في المساعدة على منع حدوث عملية التطرف في الأسرة ويجب أن يكنّ من أوائل المستشعرين للسلوكيات المشبوهة بين أفراد الأسرة.

ومن بين الأدوار الرئيسية التي تلعبها المرأة حماية أفراد الأسرة، وخاصة أزواجهن وأطفالهن، من الوقوع في مستنقع التطرف.

ويجب عليهن حماية أزواجهن وأطفالهن بإسداء النصح ومنعهم من الوقوع فريسة للدعاية الإرهابية. وهذا يشمل إبلاغ السلطات الأمنية بسوء سلوك أفراد عائلاتهن إذا لزم الأمر.

ويتطلب ذلك تعزيز دور المرأة كأساس لهيكل الأسرة إذ عادة ما تتمتع النساء كزوجات وأمهات بمعرفة دقيقة بأفراد أسرهن المباشرين وبقدرتهن على اكتشاف أي تغييرات في المواقف أو السلوك.

وبشكل عام للمرأة دور تلعبه في تعزيز بيئة ترفض أي تمسك بالفكر المتطرف أو دعم الأنشطة الإرهابية، وتضطلع النساء بدور مهم في تشجيع أطفالهن على تبني مواقف وقيم إيجابية مثل التسامح والاحترام المتبادل لبعضهم البعض بغض النظر عن الدين والعرق.

ومن خلال القيام بذلك يمكن للوالدين تقليل مخاطر تحول الأطفال إلى التطرف من خلال تنمية طبيعة التفاهم والاحترام وحتى التسامح تجاه إخوانهم من البشر. وبشكل غير مباشر يمكن أن يعزز هذا مرونة الأطفال ويحميهم من التأثر بالروايات المتطرفة.

ويجب على الأمهات والآباء أيضًا أن يراقبوا أنشطة أطفالهم عبر الإنترنت باستمرار ويوضحوا لهم مخاطر الأيديولوجيا المتطرفة المنتشرة في عالم الإنترنت.

ويمثل اتجاه النساء إلى التطرف في المجتمعات اليوم مصدر قلق كبير يجب أن يتم التعامل معه بجدية أكبر من خلال استراتيجية فعالة وطويلة المدى.

ومن خلال هذه الاستراتيجية يأمل المحللون أن تكون المجتمعات قادرة على إنتاج جيل من النساء اللواتي يعتبرن من دعاة السلام الرئيسيين ويمكنهن لعب دور مهم في الجهود المستمرة ضد الإرهاب والتطرف.

12