تضارب في قرارات الحوثيين يحرم صحافيين من الحرية

تمعن السلطات الحوثية في الانتقام من الصحافيين بشتى الوسائل، خصوصا المعارضين الذين تتهمهم بـ”التخابر مع التحالف العربي”، ورفضت تطبيق قرار الإفراج عن صحافيين، رغم أنه صادر عن محكمة حوثية.
صنعاء – رفض الحوثيون تطبيق قرار محكمة تابعة لسلطتهم، بالإفراج عن صحافيين يمنيين بعد اتهامهما بـ”التخابر مع التحالف العربي”، واعتبرت منظمات وهيئات حقوقية أن هذا التعنت الحوثي يهدف إلى الانتقام من الصحافيين، والتأكيد على عدم التسامح مع الأقلام الحرة الرافضة للانقلاب.
وقالت نقابة الصحافيين اليمنيين، في بيان السبت، إن “السلطات الأمنية بصنعاء رفضت الإفراج عن الصحافيين صلاح القاعدي وعبدالحافظ الصمدي رغم صدور قرارين من السلطة القضائية بالإفراج عنهما”.
واعتقل الحوثيون الصمدي في 27 يوليو 2019 والقاعدي في 28 أغسطس 2015، إضافة إلى مجموعة من الصحافيين مطلع يونيو 2015، بتهم تبني أعمال مضادة للميليشيات، بما فيها ما أسمته “التخابر مع التحالف العربي”.
وبدأ الحوثيون في ديسمبر الماضي محاكمة عشرة صحافيين بتهمة “التخابر مع دول التحالف العربي”، وهم عبدالخالق عمران، أكرم الوليدي، الحارث حميد، توفيق المنصوري، هشام طرموم، هيثم الشهاب، هشام اليوسفي، عصام بلغيث، حسن عناب وصلاح القاعدي، بعد سنوات من الاعتقال.
وصرّح المحامي عبدالمجيد صبرة، عضو هيئة الدفاع عن المختطفين والمعتقلين، “بعد خروجنا من المحكمة عقد القاضي محمد مفلح جلسة في قضية الصحافيين العشرة.. وقررت المحكمة الإفراج عن الصحافي صلاح القاعدي”، دون أن يكشف المزيد من التفاصيل.
وعلق منسق برنامج لجنة حماية الصحافيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شريف منصور، على المحاكمة بقوله “لقد أظهر الحوثيون وحشيتهم من خلال احتجاز 10 صحافيين على الأقل في جميع الظروف التي تبعث على الأسى على ما يقرب من خمس سنوات”.
لكن مع رفض قرار المحكمة الإفراج عن الصحافيين، يسجل الحوثيون انتهاكا جديدا يضاف إلى قائمة الانتهاكات ضد الصحافيين، وحمّلت نقابة الصحافيين جماعة الحوثيين كامل المسؤولية عن رفض قرارات القضاء، داعية إلى إنهاء معاناة جميع الصحافيين المختطفين.
السلطات الأمنية رفضت الإفراج عن صلاح القاعدي وعبدالحافظ الصمدي رغم قرار محكمة حوثية بإطلاقهما
ودعت كافة المنظمات المحلية والدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير إلى التضامن مع الصحافيين وممارسة الضغوط حتى إطلاق سراحهم انتصاراً للحق وإيقافا للظلم الذي لحق بهم.
ودأبت جماعة الحوثي على الزج بالعشرات من الصحافيين المناوئين لها في سجون خاصة بها، وتعرض بعضهم للتعذيب والقتل، بحسب تقارير حقوقية. وهذه الاعتداءات تندرج ضمن جرائم عديدة ترتكبها الميليشيات ضد قطاع الإعلام، بغية إسكات أي أصوات معارضة تخرج ضدها.
واعتبر صحافيون أن الحوثيين يوجهون رسالة مفادها أن مطالب المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية والأممية المنادية بضرورة الإفراج عن السجناء، تزامنا مع المخاوف من فايروس كورونا، لا تعنيهم، حيث تزايدت في الأيام الماضية هذه المطالب.
وأطلق نشطاء يمنيون، الأسبوع الماضي، حملة إلكترونية واسعة بمشاركة منظمات محلية ودولية للمطالبة بالإفراج عن جميع السجناء والمعتقلين في السجون اليمنية، احترازاً من وباء فايروس كورونا المستجد الذي يجتاح أغلب دول العالم.
ولاقت الحملة التي كانت تحت وسم #أنقذوا_سجناء_اليمن، تفاعلاً واسعاً. وأطلقت منظمات محلية ودولية بيانات بالتزامن مع الحملة تناشد في مجملها الإفراج عن كل المختطفين والمعتقلين في اليمن، وتحذر من احتمالات تفشي كورونا في ظل تدهور النظام الصحي للبلاد والأوضاع السيئة في المعتقلات والسجون.
وفي إطار التفاعل مع الحملة، طالب عضو نقابة الصحافيين اليمنيين نبيل الأسيدي بإنقاذ الصحافيين المختطفين لدى جماعة الحوثي والذين يعانون من أمراض بعضها مزمن لانعدام الرعاية الصحية.
كما عبّرت نقابة الصحافيين عن قلقها البالغ من أوضاع الصحافيين المختطفين لدى الحوثي بصنعاء، وأوضاع صحافيين آخرين معتقلين لدى أطراف أخرى، موضحة أن المعتقلات تفتقر إلى النظافة وإلى أدنى المعايير الإنسانية وهو ما يضاعف المخاطر عليهم في ظل تفشي وباء كورونا.
وقالت هدى الصراري، الناشطة الحائزة على جائزة “مارتن إينالز” الدولية لحقوق الإنسان، في تغريدة على تويتر “في سجون الیمن: الميلیشیات تعذب المختطفین وتحرمهم من الرعایة الصحیة، لا توفر لهم الغذاء الصحي، تمنع عنهم الزیارات العائلیة، أجسادهم منهكة ونفسیاتهم مدمرة والأمل مفقود وكل ذلك قد یجعلهم فریسة سهلة لـ #كورونا”.
وأضافت، “أفرجوا عن الصحافیین الذین قضوا خمسة أعوام خلف القضبان، أفرجوا عنهم استجابة للنداءات الأممیة والإنسانیة والمهنیة، أفرجوا عنهم لإنقاذ الیمن من كورونا، لإنقاذ الإنسانیة من الصمت، أفرجوا عنهم الآن”.
بدوره، قال الصحافي فارس الحميري إن السجون المركزية باليمن طاقتها تستوعب نحو 7 آلاف سجين، وفي مشاورات السويد تبادلت الحكومة والحوثيين قوائم بأكثر من 15 ألف شخص، معظمهم اُختطفوا وأسروا في الحرب، وقبل الحرب كان يقبع في السجون أكثر من 12 ألف نزيل، مضيفاً “آلاف اليمنيين حالياً في سجون مكتظة وسرية، ومخاوف من تفشي كورونا”.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل تقريرا حديثا لمنظمة العفو الدولية، والذي حذرت فيه من أن الخطر يهدد حياة الصحافيين المختطفين العشرة في سجون جماعة الحوثي، وقالت إنه “منذ أكثر من 4 سنوات والصحافيون المختطفون في سجون جماعة الحوثي محرومون من الرعاية الطبية ومعرضون للتعذيب المتواصل قد يواجهون عقوبة الإعدام لقيامهم بعملهم، نطالب بالإفراج الفوري عنهم”.
ومنذ إحكام سيطرة الميليشيات على صنعاء على وجه التحديد، ارتكبت انتهاكات بحق الحريات الصحافية كالاعتداء والقتل والتهديد والاختطاف والنهب والفصل عن العمل.
وأكدت تقارير سابقة أنَّ نحو 1000 صحافي وإعلامي اضطروا إلى النزوح ومغادرة اليمن تفاديا لتعرضهم للاختطاف أو القتل، وحجبت الميليشيات أكثر من 280 موقعًا ووكالة وشبكة إخبارية محلية، مع استنساخ بعضها بمواقع بديلة تنفّذ من خلالها سياساتها وحملاتها التحريضية.
كما برزت آلة إعلامية تدعم الميليشيات، إلا أنّ هذه الاستراتيجية الإعلامية والدعائية للحوثيين حملت بصمات من حزب الله الذي احتضن الماكينة الإعلامية للحوثيين من قناتَيْ “المسيرة” و”الساحات” التابعتين لتيار يساري يمني مناصر للميليشيات، وغيرهما من القنوات والمواقع الإخبارية.
ولا يكتفي حزب الله بتقديم الدعم اللوجستي من خبرات ومقاتلين ومدرّبين للميليشيات الحوثية، بل حوّل معقله الحزبي في ضاحية بيروت الجنوبية إلى “حصن إعلامي” ومنصة لإدارة الماكينة الإعلامية للحوثيين لدعم محورهم في اليمن ومهاجمة التحالف العربي.