تصلب الحكومة يدفع نقابات التعليم في موريتانيا إلى التصعيد

نقابات التعليم في موريتانيا تدعو الوزارة إلى فتح مفاوضات جادة تفضي إلى حلحلة المطالب المطروحة للمعلمين في ظل الواقع المزري الذي يعيشونه.
الثلاثاء 2023/12/12
المعلمون في موريتانيا يضغطون: الرواتب الحالية لا تكفي

نواكشوط- صعدت نقابات التعليم في موريتانيا من خطواتها الاحتجاجية، على خلفية مماطلات الحكومة ورفضها الاستجابة لمطالبهم لاسيما تلك المتعلقة بتحسين أوضاعهم المعيشية في علاقة بزيادة الرواتب والعلاوات.

ويشكو المعلمون والأساتذة في المرحلتين الأساسية والثانوية منذ سنوات من أوضاع اجتماعية صعبة، معتبرين أن الزيادات التي أقرت العام الماضي لا تكفي، متهمين السلطة بتجاهلهم وغض الطرف عن مطالبهم.

وأعلنت هيئة التنسيق المشترك بين نقابات التعليم الأساسي والثانوي، الدخول في إضراب شامل عن التدريس في كافة المؤسسات الابتدائية والإعدادية والثانوية لمدة تسعة أيام متتالية، ابتداء من يوم الاثنين الحادي عشر من ديسمبر حتى يوم الثلاثاء التاسع عشر من من الشهر الجاري.

وتضم الهيئة ست نقابات وهي “النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي” و”الاتحادية العامة لعمال التعليم” و”تجمع مديري مدارس التعليم العمومي بموريتانيا” و”النقابة الموريتانية لحركة التعليم الأساسي” و”النقابة الوطنية المستقلة للمعلمين” و”النقابة الحرة للمعلمين الموريتانيين”.وأضافت هيئة التنسيق المشترك بين النقابات في بيان صحفي أن إضرابها يأتي بعد ما وصفته بالتجاهل التام من قبل الوزارة المعنية لمطالب نقابات المدرسين.

◙ تصلب الحكومة إزاء مطالب المعلمين يعود إلى خشية من فتح الباب أمام باقي القطاعات العمومية التي ترنو هي الأخرى إلى زيادة في الرواتب

وأردفت الهيئة أن المدرسين “يخوضون حراكا احتجاجيا يدخل عامه السادس وسط حالة إحباط عارم وامتعاض شديد من الواقع المزري الذي يعيشه المدرس الموريتاني”، مشيرة إلى أن ذلك لن يزيد المدرسين إلا إصرارا على المزيد من النضال حتى تستجيب السلطات المعنية لمطالبهم.

ويأتي الإضراب العام الشامل في ظل توتر طفا على السطح مؤخرا بين النقابات ووزارة التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي، على خلفية قرار الأخيرة مؤخرا فصل 173 مدرسا من بينهم 142 مدرسا رسميا، و31 مقدم خدمة تعليم، بعد انقضاء فترة إنذار وجهته لهم الوزارة في نوفمبر الماضي.

وقالت وزارة التهذيب الوطني إنه تطبيقا للمادة 69 من القانون رقم 93 – 09 الصادر بتاريخ 18 يناير 1993، المعدل، المتضمن النظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة، فقد أصدرت بلاغا يتضمن إنذارا، دعت من خلاله المدرسين المتغيبين عن عملهم تغيبا متواصلا منذ مارس 2023 وحتى نوفمبر 2023 إلى الحضور إلى مقر عملهم.

وانتقد عضو تحالف نقابات “أساتذة موريتانيا” يحي عبدالله، في تصريح سابق، إنذارات وزارة التهذيب الوطني، مشددا على أن هذه “الصرامة” يجب أن يصاحبها “توفير بيئة عمل ملائمة تشجع المدرسين على الالتزام بواجباتهم وتحقيق أعلى مستويات الأداء“.

وجددت هيئة التنسيق المشترك بين نقابات التعليم دعوتها لوزارة التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي إلى فتح مفاوضات جادة مع النقابات تفضي إلى حلحلة المطالب المطروحة، بدل التمادي في سياسة التصامم والتجاهل التي تنتهجها منذ حين.

ولفتت الهيئة إلى أن مطالبها “تتمثل أساسا في مراجعة رواتب وعلاوات المدرسين واستحداث علاوات لهم، ومنح قطع أرضية للمدرسين في إطار سياسة سكنية توفر السكن اللائق للمدرس”.

◙ الحكومة تفصل 173 مدرسا من بينهم 142 مدرسا رسميا، بعد انقضاء فترة إنذار وجهته لهم في نوفمبر الماضي

ويقول مراقبون إن قرار الوزارة بفصل العشرات من المعلمين زاد من تأزيم العلاقة مع النقابات، مشددين على أن المسار الجاري لا يظهر أن الحكومة مهتمة أو جادة بحل الخلافات مع المعلمين، وهذا الأمر سينعكس سلبا على العام الدراسي، وسيكون التلميذ هو المتضرر رقم واحد حيال ما يجري.

ويلفت المراقبون إلى أن تصلب الحكومة إزاء مطالب المعلمين يعود إلى خشية من فتح الباب أمام باقي القطاعات العمومية التي ترنو هي الأخرى إلى زيادة في الرواتب، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية.

ويوضح هؤلاء أن الحكومة قد تجد نفسها مضطرة في نهاية المطاف إلى الاستجابة لمطالب المعلمين والأساتذة، لاسيما وأن البلاد مقبلة على استحقاق رئاسي يأمل من خلاله الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في التجديد له لولاية ثانية.

ونظمت نقابات التعليم في موريتانيا السنة الماضية عدة إضرابات عن العمل كان آخرها في نوفمبر 2022. وفي الشهر نفسه أعلن الرئيس الموريتاني عن زيادة في رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين بمن فيهم المعلمون بنسبة 20 في المئة.

ورحبت معظم النقابات بهذه الزيادة، لكنها شددت على أنها غير كافية في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الأساسية.

وبحسب إحصائيات رسمية، يقدر عدد المعلمين والأساتذة في موريتانيا بـ11 ألفا و449‎.

4