تصفية إسرائيل المتحدث باسم حماس يثير تساؤلات حول دور الهدنة

مقتل عبداللطيف القانوع في غارة استهدفت خيمته في جباليا بعد اغتيال قياديين بارزين يطرح تكهنات حول استغلال إسرائيل فترة الهدنة لتنشيط شبكة مخبريها.
الخميس 2025/03/27
استئناف الحرب يزيد من إضعاف حماس على وقع انتفاضة ضدها

غزة - قتل المتحدث باسم حركة حماس عبداللطيف القانوع في غارة جوية إسرائيلية بشمال غزة، وفق ما أفادت وسائل إعلام تابعة للحركة في ساعة مبكرة من صباح الخميس.

ويُعد القانوع أحدث القيادات البارزة في حماس التي تُغتال منذ استئناف إسرائيل لعملياتها في القطاع، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول استغلال الدولة العبرية لفترة الهدنة لإعادة تنشيط شبكة مخابراتها داخل الحركة، مما مكنها من تنفيذ عمليات استهداف دقيقة.

وذكرت قناة الأقصى التلفزيونية التابعة لحماس بأن القانوع قتل بعد استهداف خيمته في جباليا. وقالت مصادر طبية إن نفس الغارة أسفرت عن إصابة عدة أشخاص.

ويُعد القانوع من الشخصيات البارزة في حركة حماس، وكان له دور فاعل في التواصل الإعلامي للحركة، كما يعتبر من قادة "العمل الدعوي" في صفوف الحركة، حيث اضطلع بدور أساسي في الحشد والتأييد عبر منابر المساجد.

ويأتي اغتيال القانوع في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث قتل قياديان بارزان آخران في حماس، هما إسماعيل برهوم وصلاح البردويل، في غارات إسرائيلية في وقت سابق من هذا الأسبوع.

ويشير مقتل عدد من قادة حماس، بما في ذلك بعض الذين قتلوا في الضربة المفاجئة في 18 مارس، والبعض الآخر الذين قتلوا في الأيام التالية، إلى أن إسرائيل ربما استغلت الهدنة لإعادة تنشيط شبكة مخبريها داخل الحركة.

ويعني هذا أن الهدنة ربما وفرت فرصة لإسرائيل لجمع معلومات استخباراتية حاسمة، والتي استخدمتها بعد ذلك لتنفيذ عمليات استهداف دقيقة ضد قادة حماس.

ويتوقع أن تكون إسرائيل قد استخدمت فترة الهدنة لإعادة الاتصال بمصادرها داخل حماس، وتحديث معلوماتها حول مواقع القادة وتحركاتهم، أو أنها كثفت عمليات المراقبة الإلكترونية والتجسس خلال الهدنة.

ويشكل مقتل عدد من قادة حماس ضربة قاصمة للحركة قد تزيد من إضعافها ويعيق قدرتها على العمل والتخطيط.

وسبق أن اتهم القانوع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعرقلة تنفيذ اتفاق الهدنة، واعتبر أن نتنياهو يضع مصلحته السياسية فوق حياة الأسرى.

وكان كل من البردويل وبرهوم عضوين في المكتب السياسي المؤلف من 20 عضوا، والذين تشير مصادر من حماس إلى أنهم قتل منهم 11 منذ بدء الحرب في أواخر 2023.

وأنهت إسرائيل الأسبوع الماضي وقف إطلاق نار دام شهرين باستئناف القصف والعمليات البرية، إذ تزيد الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن المتبقين لديها.

وأفادت وزارة الصحة في حكومة حماس الأربعاء بمقتل ما لا يقل عن 830 شخصا، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، منذ استئناف إسرائيل هجماتها العسكرية الكبيرة على غزة في 18 مارس، لترتفع حصيلة القتلى في القطاع المحاصر إلى 50183 منذ اندلاع الحرب. علما أن هجوم حماس أوقع 1218 قتيلا، وفق الأرقام الإسرائيلية.

وتبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات بخرق الهدنة. وكانت الهدنة قد صمدت إلى حد كبير منذ يناير وأعطت متنفسا من الحرب للسكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في القطاع الذي دمرته الحرب.

واتهمت حماس، التي لا تزال تحتجز 59 رهينة من أصل نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن الحركة احتجزتها في هجومها في السابع من أكتوبر 2023، إسرائيل بتقويض جهود الوسطاء في التفاوض على اتفاق دائم لإنهاء القتال.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه أمر بشن غارات لأن حماس رفضت مقترحات من شأنها الاتفاق على تمديد وقف إطلاق النار. وجدد الأربعاء تهديداته بالاستيلاء على أراضٍ في غزة إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن المتبقين لديها.

وشهد القطاع الأربعاء تظاهرات جديدة معادية لحماس ضمت مئات الأشخاص في مدينة غزة وفي بلدة بيت لاهيا في الشمال، ورفع بعضهم لافتات كتب على إحداها "حماس لا تمثلنا". وسار المتظاهرون وسط الدمار وهم يرددون هتافات منها "الشعب يريد اسقاط حماس" و"حماس برا برا".

ومساء الأربعاء دعا الجيش الإسرائيلي سكان عدد من مناطق وسط القطاع لإخلائها قبل أن يقصفها.

ويتفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة وينذر بكارثة أكبر بعد أن أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول المساعدات الإنسانية في الثاني من مارس لإرغام حماس على تسليم الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لديها.

وعدا عن نقص الماء والطعام والمستلزمات الطبية والمأوى، أدى استئناف الغارات والقصف إلى موجات نزوح جديدة شملت 142 ألف شخص في أسبوع واحد، بحسب الأمم المتحدة. في حين أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة نزحوا مرارا وتكرارا منذ بداية الحرب.

وقال نتنياهو خلال جلسة للكنيست "كلما أصرت حماس على رفض إطلاق سراح رهائننا، سيزداد الضغط الذي نمارسه قوة ... يشمل هذا الاستيلاء على أراض وإجراءات أخرى لن أفصلّها هنا".

وبدوره، خاطب وزير الدفاع يسرائيل كاتس الاربعاء سكان القطاع المدمر متوعدا بان "الجيش سينفذ قريبا عمليات بأقصى قدر من القوة في مناطق جديدة من غزة ... حماس تعرض حياتكم للخطر وتتسبب بخسارتكم منازلكم ومزيدا من الأراضي".

من جانبها، اعتبرت حماس أن استئناف الحرب "كان قرارا مُبيّتا عند نتنياهو لإفشال اتفاق (الهدنة) ... وعلى المجتمع الدولي والوسطاء الضغط لإلزامه بوقف العدوان والعودة لمسار المفاوضات".

وأضافت "تبذل المقاومة كل ما في وسعها للمحافظة على أسرى الاحتلال أحياء، لكن القصف الصهيوني العشوائي يعرض حياتهم للخطر"، محذرة من أنه "كلما جرّب الاحتلال استعادة أسراه بالقوة، عاد بهم قتلى في توابيت".

وقال غال غلبوغ-دلال، الذي نجا من هجوم 2023 وما زال شقيقه رهينة، لوكالة فرانس برس إنه "يرتعب" لاحتمال مقتل أخيه غاي ومن تعريض حياة الرهائن المتبقين للخطر مع استئناف الهجمات والقصف.