تصعيد نقابة التعليم يمنح الحكومة التونسية فرصة تنفيذ تهديدها

تونس – نظمت نقابة التعليم الأساسي (تتبع الاتحاد العام التونسي للشغل) في تونس الجمعة وقفات أمام الإدارات المحلية لوزارة التربية في عدة محافظات احتجاجا على إعفاء مدراء وحجز رواتب مدرّسين لرفضهم تسليم نتائج التلاميذ.
يأتي هذا في وقت يقول فيه مراقبون إن تمسك النقابة بالتصعيد يمنح الحكومة الفرصة لتنفيذ تهديدها بمحاسبة المدرسين الذين يرفضون الاستجابة لمهلة وزارة التربية بتسليم النتائج قبل موفى يوليو الجاري.
ويقول متابعون لأزمة التعليم الأساسي إن النقابة تتمسك بالتصعيد لاعتبارات سياسية خاصة بعد أن تفاوضت مع الوزارة وعرفت الوضع المالي الصعب للبلاد، وهو الوضع الذي دفع بنقابة التعليم الثانوي إلى تسليم النتائج والتوصل لاتفاق الحد الأدنى مع الوزارة.
ويرى المتابعون أن الحكومة لا يمكن أن تقبل بالتصعيد الذي يخفي أجندة سياسية ويسعى لفرض شروط تعجيزية في وقت تكابد فيه البلاد لتحصيل التمويلات الضرورية لإدارة الشأن العام.
وكانت وزارة التربية قد أعفت 350 مدير مدرسة من مناصبهم، وحجزت راتب شهر واحد لـ17 ألف معلم، على خلفية رفضهم معالجة تقييمات اختبارات التلاميذ، فيما قال اتحاد الشغل إن الرقم ناهز 23 ألف معلم.
وطمأن وزير التربية محمد علي البوغديري، في تصريحات إعلامية، أولياء التلاميذ بخصوص العودة المدرسية القادمة قائلا إنها “ستكون آمنة”. وقال إنّ ”أزمة التعليم الأساسي قد تمّ تجاوزها ومن يتحدّث عن خلاف ذلك لا تمثيلية له”.
وتلعب الوزارة على عامل الوقت لدفع الآلاف من المدرسين إلى التراجع عن قرار احتجاز النتائج. وتقول الوزارة إن هناك استجابة ملحوظة، وإن الكثيرين عادوا إلى المدارس وسلموا النتائج لتجنب قرار حجز الرواتب ولاحقا التعرض لعقوبات قد يكون من بينها العزل من التعليم.
في المقابل، وجدت النقابة نفسها في وضع معقد خاصة أن قرار حجز النتائج جعل المدرسين في مواجهة مباشرة مع الآلاف من الأسر، ما يجعل أيّ قرار تتخذه الوزارة مقبولا، ويحوز على دعم شعبي.
وهذه الظروف توفر للحكومة فرصة إظهار قوتها ومواجهة سعي النقابات التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إلى الضغط عليها بالإضرابات ومطالب الزيادة في الرواتب والعلاوات.
ويجد اتحاد الشغل نفسه في وضع غير مريح نتيجة اتهامه بالتسبب في الأزمة الاجتماعية الحادة التي تعيشها البلاد بسبب الإضرابات والاعتصامات. كما أن أيّ تحرك يمكن أن يفهم على أنه رغبة في لعب دور سياسي في مواجهة الرئيس قيس سعيد، الذي يتمسك بوجوب أن يقف الاتحاد عند دوره الاجتماعي القائم على التفاوض مع الحكومة للتوصل إلى تفاهمات، وألا يتحول إلى حزب سياسي.
وتأتي الاحتجاجات التي بدأتها النقابة الجمعة ضمن سلسلة تحركات ميدانية وصولا إلى “يوم غضب وطني” في 26 يوليو الجاري.
وخصصت احتجاجات الجمعة لمحافظات تونس العاصمة وأريانة ومنوبة وبن عروس (محافظات تونس الكبرى)، وبنزرت (شمال)، وزغوان (وسط)، وباجة (شمال غرب) وصفاقس (جنوب شرق)، ورفع المحتجون شعارات مثل “شادين شادين في حقوق المربّين (دوما متمسكون بحقوق المربين)”.
وخلال الاحتجاج في العاصمة قال كاتب عام النقابة نبيل الهواشي “في حال استمرت قرارات وزارة التربية فإن ذلك سيمثل عاملا أساسيا من عوامل إفشال العام الدراسي القادم وسيتحمل وزير التربية مسؤولية ذلك”. وأضاف في كلمة له “لا خيار أمامنا سوى مواصلة الاحتجاج. نحن نفكر في أبناء الشعب الكادح ولم نختر احتجاجات مفتوحة تضر بمستقبل التلاميذ”.
وكان وزير التربية قال خلال منتدى “حوار السياسات التربوية” الأربعاء إنّ “الأغلبية الساحقة من المدرّسين قامت بتسليم الأعداد، فيما يواصل مدراء المدارس تحصيل البقية في أجل لن يتجاوز 24 يوليو الجاري وهو تاريخ غلق منصة تنزيل الأعداد”.
وتابع “اضطررنا إلى تفعيل قرار غلق المنصّة في هذا التاريخ، فمن غير المعقول أن يتواصل حجب الأعداد إلى ما لا نهاية، يجب أن يعرف التلاميذ نتيجة سنتهم الدراسية وفي أيّ مؤسّسة سيدرسون”.
وأردف “60 ألف معلم ومعلمة قاموا بتنزيل الأعداد وأتوجّه إليهم بالتحية لاستجابتهم لنداء الواجب وعدم تركهم التلاميذ في حر الصيف يترددون على المؤسسات التربوية لمعرفة مآل سنتهم الدراسية”.
اقرأ أيضا: