تصعيد قادم بعد تهديد نتنياهو منفذي الهجمات الفلسطينيين

القدس - وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرا جديدا لمنفذي الهجمات من الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية، مؤكد الأحد أن إسرائيل تخطط لتصعيد حملتها ضدهم، وذلك تزامنا مع رفع الأجهزة الأمنية حالة التأهب إلى الدرجة القصوى إثر عملية القدس قبل أسبوعين وعملية الدهس الجمعة الماضي.
وقال نتنياهو "مجلس الوزراء يجتمع اليوم (الأحد) للتحضير لعمل أوسع ضد من ينفذون أعمال الإرهاب ومؤيديهم في القدس الشرقية ويهودا والسامرة، مع تجنب إيذاء غير المتورطين قدر المستطاع".
واستخدم نتنياهو في حديثه التسمية الشائعة في إسرائيل للإشارة إلى الضفة الغربية.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأحد، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رفعت حالة التأهب في القدس المحتلة إلى الدرجة القصوى إثر عملية القدس قبل أسبوعين وعملية الدهس الجمعة الماضي، إذ أسفرت العمليتان عن مقتل عشرة من الإسرائيليين.
ونقلت الصحيفة أن الشرطة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية تستعد لضخ ونشر الآلاف من عناصر الشرطة خلال الفترة القريبة في القدس المحتلة وأزقة وطرق البلدة القديمة بالتحديد، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، الذي يحل هذا العام بالتزامن مع شهر رمضان.
بموازاة ذلك، تحاول إسرائيل تكريس مصطلح حماية "حرية العبادة" الذي بدأ استخدامه العام الماضي خلال تولي حكومة بينت، في إشارة إلى اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى على أنها نوع من حرية العبادة، علما أن عمليات الاقتحام تجرى على دفعتين، الأولى في ساعات الصباح من السابعة وحتى العاشرة تقريبا، والثانية بعد صلاة الظهر وحتى موعد صلاة العصر، حيث يُبعد فيها المصلون من باحات الأقصى لتمكين عملية الاقتحام من دون مقاومة.
وبحسب الصحيفة، فإن المنظومة الأمنية تتجه إلى اتخاذ خطوات متشددة وفعالة ضد "الإرهاب"، وفي نفس الوقت محاولة تفادي تصعيد الأوضاع ومفاقمتها.
وتنشط الأجهزة الأمنية الخاصة، ولاسيما جهاز الأمن العام "الشاباك"، في الأيام الأخيرة، لتعقب ورصد أشخاص يتهمهم بالتحريض وتصعيد الأوضاع، وأنه سيتم قريبا اعتقال نشطاء فلسطينيين إداريا (أي اعتقال من دون أي إجراءات قضائية وبالاعتماد على معلومات استخباراتية).
وستعمل الشرطة الإسرائيلية على تشكيل غرفة عمليات خاصة لمواجهة المعلومات "المضللة والخاطئة" التي تنشر على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتأتي هذه الإجراءات في أعقاب عملية دهس نفذها سائق فلسطيني الجمعة عند محطة لانتظار الحافلات قرب حي راموت الاستيطاني، قبل أن يتم إطلاق النار عليه وتحييده.
وقتل في الحادث شقيقان يبلغان من العمر ستة وثمانية أعوام، إلى جانب شاب يبلغ من العمر 20 عاما.
وجاء الحادث خلال فترة توتر شديد في إسرائيل بسبب الإجراءات الأمنية عقب هجوم قتل خلاله مسلح فلسطيني سبعة أشخاص بالرصاص خارج معبد يهودي الشهر الماضي.
ونفذت القوات الإسرائيلية المئات من الاعتقالات خلال الأشهر الأخيرة أثناء مداهمات شبه يومية في الضفة الغربية المحتلة، شهدت مواجهات دامية بالأسلحة النارية مع مسلحين فلسطينيين. وقتل أكثر من 42 فلسطينيا من بينهم مسلحون ومدنيون منذ مطلع العام.
ويتوقع أن يكون الرد الإسرائيلي شديدا مع ارتفاع وتيرة الدعوات إلى الانتقام، فيما تبين أن منفذ العملية يدعى خالد قراقع من سكان العيسوية بالقدس الشرقية.
وتشهد الأوضاع في القدس توترا على خلفية عمليات فلسطينية سابقة سقط خلالها قتلى، سبقتها اقتحامات دامية لمخيمات فلسطينية.
وزار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة مؤخرا بالتزامن مع تصعيد ميداني في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وسعى المسؤول الأميركي لنزع فتيل التوتر في المنطقة وحث على الهدوء، فيما تواصل مصر جهود الحفاظ على التهدئة في الأراضي الفلسطينية.
وتزامن تصعيد نتنياهو مع مظاهرات متواصلة منذ عودته إلى السلطة بعد انتخابات نوفمبر الثاني على رأس ائتلاف مع أحزاب يمينية متطرفة ودينية متشددة.
والسبت تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين في تل أبيب وغيرها من مدن الدولة العبرية للأسبوع السادس على التوالي احتجاجا على مشروع لتعديل النظام القضائي، وسط دعوات للحكومة إلى التريث والتوصل إلى توافق واسع بشأن خطتها المتعلقة بالقضاء، والتي أظهرت استطلاعات الرأي أنها لا تحظى بتأييد كبير نسبيا كما هي الآن.
وقد يبدأ البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" غدا الاثنين عملية التشريع الخاصة بإصلاحات القضاء، مما سيزيد من نفوذ الحكومة في اختيار القضاة ويضعف سلطة المحكمة العليا في ما يتعلق بإلغاء القوانين أو إصدار حكم ضد السلطة التنفيذية.
وقال نتنياهو الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها إن التغييرات ضرورية من أجل تحقيق التوازن بين الحكومة والكنيست والقضاء، الذي يتهمه البعض في ائتلافه بالنخبوية وتجاوز سلطاته للتدخل في الشؤون السياسية.
ويقول منتقدون إن التغييرات ستوجه ضربة قاتلة للديمقراطية الإسرائيلية لأنها ستعمل على تسييس المحاكم وتقويض استقلال القضاء، مما قد يسهل الفساد ويعرض حقوق الإنسان والحريات المدنية للخطر.
وفي صب للزيت على نار الجدل المحتدم بالفعل اليوم الأحد، قال وزير العدل ياريف ليفين، أحد اللاعبين الرئيسيين الذين يدفعون بإجراء التعديلات، إن الانقلاب القضائي الذي ينفذه اليساريون الرافضون للقبول بفوز اليمين في انتخابات الأول من نوفمبر، ما زال قائما بمساعدة قضاة المحكمة العليا وموظفي الخدمة المدنية.
ويشير الوزير في تصريحاته إلى حكم للمحكمة العليا الجمعة يأمر نتنياهو وحكومته بتقديم رد على التماس يطالب بإعلان رئيس الوزراء فاقدا للأهلية بسبب وضعه القانوني.
وتواجه الخطط الحكومية المتعلقة بالقضاء معارضة من العديد من الخبراء القانونيين والاقتصاديين والمسؤولين الأمنيين والاقتصاديين السابقين، بمن فيهم مقربون من نتنياهو وشخصيات اختارها لشغل مناصب.
ويحث رئيس البنك المركزي الإسرائيلي المشرعين على حماية استقلال المؤسسات الإسرائيلية، وتدعو المعارضة الإسرائيليين إلى الانضمام إلى إضراب عام الاثنين.