تصريحات متناقضة من ترامب على استهداف إيران: يحدث ولا يحدث

خسارة حزب الله وسوريا تقيد حدود التحرك الإيراني رغم التلويح بالرد القوي.
الجمعة 2025/06/13
موازين القوى غير متكافئة

واشنطن – يرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإشارات متناقضة بشأن الهجوم الإسرائيلي على إيران، فهو يقول إنه يوجد احتمال نشوب صراع كبير وقد يحدث شيء قريبا، وفي نفس الوقت يستبعد ذلك ويتبنى ألا يتدخل الإسرائيليون لتنفيذ هجومهم.

ويهدف هذا التناقض في التصريحات إلى إبلاغ رسالة واضحة لإيران مفادها أن كل شيء وارد، وأن الأمر مرتبط بموقفها، فإن قدمت التنازلات التي يطلبها الأميركيون فلن يحدث شيء، وإذا استمرت في المناورة فإن الهجوم شبه مؤكد وسيدمر كل شيء. لكنّ الإيرانيين يقولون إنهم جاهزون للرد.

ويمكن أن يساعد أسلوب الهروب إلى الأمام الذي تعتمده إيران الإسرائيليين على استغلال الفرصة وتوجيه ضربة قوية لم يتسن لهم تنفيذها بالحجم الذي كانوا يخططون له في السابق بسبب رفض إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، لكن الوضع الآن مختلف وملائم في وجود ترامب الرئيس الحليف لحكومة بنيامين نتنياهو، والذي يقف معها على نفس الخط في معاداة إيران واستهداف برنامجها النووي.

الهروب إلى الأمام الذي تعتمده إيران قد يساعد الإسرائيليين على استغلال الفرصة وتوجيه ضربة قوية ومختلفة عما حصل في السابق

وإذا كان الظرف ملائما لإسرائيل، فإنه ليس كذلك بالنسبة إلى طهران التي خسرت الكثير من أوراقها الميدانية وخاصة هزيمة حزب الله ومقتل رجلها الأهم والأبرز في الإقليم حسن نصرالله، الذي كان يزعج الإسرائيليين والأميركيين بحسن إدارة المعركة وبخطاب له جاذبية في الاستقطاب.

وخسر الإيرانيون سوريا باعتبارها ميدانا آخر متقدما لمناكفة إسرائيل وإلهائها ومنعها من نقل المعركة إلى الأراضي الإيرانية، ولم يبق إلا العراق الذي تميل غالبية نخبه إلى النأي بالنفس عن الحرب.

ولا يعرف إن كان ما يزال بإمكان إيران أن تنقل الحرب إلى أراضي العراق بدلا من أراضيها في وقت يتزامن مع انكفاء الفصائل العراقية الحليفة لها وتواري قياداتها وتلطيف خطابها لقناعتها بأن ضربات إسرائيلية أو أميركية مفاجئة ودقيقة يمكن أن تذهب بالمكاسب التي حُقّقت منذ غزو 2003.

كما أن تلويح إيران بضرب القواعد الأميركية في المنطقة أمر بات صعبا لأن ذلك يجعلها في مواجهة مع دول الإقليم، خاصة الخليجيين الذين تحسنت العلاقة معهم وفتحت معهم القيادة الإيرانية قنوات الحوار لفك عزلتها، وأيّ خطوة عكسية ستعني خسارة ما تحقق من تقارب.

لكن المشكلة الأكبر في الرد الإيراني تكمن في مدى قدرة قواتها على تنفيذ هجمات مؤلمة ضد مواقع إسرائيلية أو أميركية خاصة بعد فشل محاولات سابقة.

وفي أبريل من العام الماضي أطلقت إيران نحو 100 صاروخ باليستي متوسط المدى وأكثر من 30 صاروخ كروز وما لا يقل عن 150 مسيّرة هجومية باتجاه إسرائيل، لكن أغلب الأسلحة سقطت بعيدا عن المجال الجوي الإسرائيلي بمساعدة الحلفاء وبالأساس الولايات المتحدة.

وأعطى الهجوم الفاشل، كما الهجوم الذي جرى في أكتوبر من نفس العام، صورة أكثر دقة عن محدودية فاعلية الأسلحة الإيرانية وفي الوقت نفسه كشف عن أن إسرائيل هي صاحبة المبادرة، خاصة أنها ضربت بقوة مختلف مواقع النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان واليمن.

pp

وإلى حد الآن، لا تفيد المؤشرات بأن الهجوم الإسرائيلي وشيك، وهو ورقة يرفعها ترامب للضغط على إيران لتقديم التنازلات الكافية بشأن البرنامج النووي، لكن ما بعد لقاء الأحد في سلطة عمان يصبح كل شيء واردا إما بزيادة احتمالات الهجوم أو بتلاشيها.

ودعا ترامب الخميس إسرائيل إلى عدم توجيه ضربة إلى إيران، مؤكدا أن واشنطن وطهران قريبتان من التوصل إلى اتفاق نووي.

وقال ترامب للصحافيين قبل يومين من جولة سادسة من المباحثات بين واشنطن وطهران “نحن قريبون إلى حد ما من التوصل إلى اتفاق جيد للغاية،” مضيفا بشأن إسرائيل “لا أريدهم أن يتدخلوا، لأنني أعتقد أن ذلك سينسف الأمر برمّته.”

وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستشنّ ضربة وقال “لا أريد أن أقول إن ذلك وشيك، لكن ذلك يبدو أمرا قابلا للحدوث“.

وأعلنت إيران أنها ستردّ بطريقة “سريعة وغير متوقعة” على إسرائيل والولايات المتحدة في حال تعرضها لأيّ هجوم.

ونقلت القناة الحكومية الإيرانية الناطقة بالإنجليزية “برس تي في”، الخميس، عن مسؤول أمني وصفته بـ”الرفيع” دون الكشف عن اسمه، قوله إن إيران في “أعلى مستويات الاستعداد العسكري” لمواجهة أيّ تهديدات هجومية.

وأوضح المسؤول الإيراني أن بلاده سترد بطريقة “سريعة وغير متوقعة” على إسرائيل والولايات المتحدة في حال تعرضها لأيّ هجوم.

وتابع “إيران في أعلى مستوى من الاستعداد العسكري حاليا، وإذا حاولت الولايات المتحدة أو الكيان الصهيوني تنفيذ أيّ عمل عدواني، فستلقيان ردا على حين غرّة.”

وأشار المسؤول إلى أن تحركات الولايات المتحدة في المنطقة هي بغرض الدفاع أمام تحذيرات إيران من استهداف مصالحها وقواعدها في حال حدوث أيّ عمل عدواني ضدها.

وشدد على أن “ما يفعله الأميركيون ليس رسالة تهديد ضد إيران بقدر ما هو رد فعل على تهديدات إيران للمصالح الأميركية.”

وانتقد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، القرار الذي اتخذه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ضد بلاده.

pp

وفي وقت سابق الخميس، اعتمد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مشروع قرار يتهم إيران بعدم التعاون الكافي وعدم التزامها بمسؤولياتها المتعلقة بـ”الإبلاغ عن جميع المواد النووية.”

وبحسب وكالة “إرنا” الرسمية، أكد بزشكيان، مواصلة أنشطة تخصيب اليورانيوم. وقال إن بلاده ستمضي قُدما في مسارها، وستعمل على تخصيب اليورانيوم ولن تتنازل عنه.

وأوضح بزشكيان، في كلمة أمام حشد من النخبة والمثقفين بمحافظة إيلام (غرب) أن “بريطانيا وفرنسا وألمانيا صوتت اليوم (الخميس) لصالح قرار ضد إيران، لا أدري كيف يجب التماشي مع هذا العالم، لكي لا يمارس الخبث وأن يسمحوا لشعب هذه البلاد بالوقوف على قدميه وأن يعيش باستقلالية.” وتابع “سنمضي قدما في طريقنا، وسنملك التخصيب، ولن نتنازل عن المسار الحالي.”

وأردف “عليهم أن يعلموا أنهم إن قصفوا منشآتنا، فإن جميع هذه القدرات محفورة في فكرنا، لذلك فإننا سنبني مجددا (هذه المنشآت) مهما فعلوا.”

1