تصريحات عون حول ترسيم الحدود البحرية تثير حفيظة إسرائيل

القدس – تسير مساعي مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في طريق وعرة تشوبها شروط مشدّدة من الجانبين تعرقل حصول أي تفاهمات محتملة.
وحذّرت إسرائيل الجمعة من احتمال أن تصل المحادثات إلى طريق مسدود ومن عرقلة مشاريع التنقيب عن المحروقات في عرض البحر المتوسّط، متهمة لبنان بتغيير موقفه بشأن ترسيم الحدود.
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في تغريدة على تويتر “لبنان غير موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات”.
واعتبر أنّ موقف لبنان "الحالي لا يتعارض مع مواقفه السابقة فحسب، بل يتعارض أيضا مع موقفه من الحدود البحرية مع سوريا التي تأخذ في الاعتبار الجزر اللبنانية القريبة من الحدود”.
وتابع أن “من يريد الازدهار في منطقتنا ويسعى إلى تنمية الموارد الطبيعية بأمان عليه أن يلتزم مبدأ الاستقرار وتسوية الخلاف على أساس ما أودعته إسرائيل ولبنان لدى الأمم المتحدة”، مؤكدا أن “أي انحراف عن ذلك سيؤدي إلى طريق مسدود وخيانة لتطلعات شعوب المنطقة”.
وجاءت التصريحات الإسرائيلية بعد يوم من تأكيد الرئيس اللبناني ميشال عون أن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل يتم على أساس الخط الذي ينطلق برا من نقطة رأس الناقورة جنوبي لبنان، إلا أنّ اسرائيل ترفض السير نحو تفعيل هذه التحويرات أو حتى مناقشتها ما يعني أن فرص تحقيق اختراق في هذا الملف أخذت تتلاشى تدريجيا وهو ما ينذر بالعودة إلى نقطة البداية.
وكتبت صفحة الرئاسة اللبنانية في تغريدة على توتير الخميس أن الرئيس ميشال عون أكد خلال استقباله قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، الجنرال ستفانو دي كول، أن “ترسيم الحدود البحرية يتم على أساس الخط الذي ينطلق برا من نقطة رأس الناقورة استنادا إلى المبدأ العام المعروف بالخط الوسطي، من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية الفلسطينية المحتلة”.
وبدأ لبنان وإسرائيل، وهما رسميا في حالة حرب، في أكتوبر الماضي، مفاوضات غير مباشرة لترسيم الحدود البحرية، برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية.
وجاءت المفاوضات إثر نزاع بين البلدين على منطقة في البحر المتوسط غنية بالنفط والغاز، وانعقدت حتى اليوم 3 جولات في مقر “يونيفيل” بالناقورة، ومن المقرر عقد جولة رابعة في بداية ديسمبر.
والجمعة، شدّد قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، على أنه لا تفريط في السيادة خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، محذّرا من أن لبنان يمر بمرحلة صعبة وغير مسبوقة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وتتعلق المفاوضات أساسا بمساحة بحرية تمتد على حوالي 860 كيلومترا مربعا، بناء على خارطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة، إلا أن لبنان اعتبر لاحقا أنها استندت إلى تقديرات خاطئة.
ويطالب لبنان خلال جلسات التفاوض بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترا مربعا تشمل جزءا من حقل “كاريش” الذي تعمل فيه شركة إنرجيان اليونانية، على ما قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان.
وأضافت هايتيان “دخلنا اليوم مرحلة حرب الخرائط”.
وكان الوفد اللبناني حمل في الجولة السابقة من المفاوضات "خرائط ووثائق تظهر نقاط الخلاف وتعدي إسرائيل على الحق اللبناني بضم جزء من البلوك 9". وقدّم في الجولة الثالثة خرائط تثبت حق لبنان في حدود مياهه البحرية، وفقا لقانون البحار الدولي، متمسكا بحقه في مساحته البحرية البالغة 1430 كيلومترا مربعا.
ويرى خبراء أن شروط لبنان التي تستند إلى قانون البحار واتفاقيتي الهدنة، والتي لم يعلّق عليها الجانب الإسرائيلي في الجولات السابقة لا تبعث آمالا جديدة نحو الإسراع في ترسيم الحدود وإيجاد نقطة التقاء توازن بين الشروط اللبنانية والشروط الإسرائيلية المضادة، بما يسرع في نسق التفاوض.
ويضم الوفد اللبناني نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن بسام ياسين رئيسا، والعقيد البحري مازن بصبوص. كما ضم الخبير في نزاعات الحدود بين الدول نجيب مسيحي، إضافة إلى عضو هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط.
ووقّع لبنان في 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين من مياهه الإقليمية تقع إحداها، وتعرف بالبلوك رقم 9، في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل. وبالتالي، ما من خيار أمام لبنان للعمل في هذه الرقعة إلا بعد ترسيم الحدود.
وتشهد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل توترات بين الحين والآخر جراء ما تقول تل أبيب إنه محاولات من ميليشيات حزب الله، حليف إيران والنظام السوري، لاختراق الحدود، بينما لا تشهد الحدود البحرية نزاعات عسكرية.
ويبرز الخلاف البحري بين لبنان وإسرائيل من خلال خمسة خطوط مختلف عليها، وهي الخط المعتمد من بيروت، والخط المعتمد من تل أبيب، و”خط هوف” (الأميركي)، وخطان آخران مستمدان من دراسة بريطانية، أحدهما يأخذ في الحسبان تأثيرا نصفيا لجزيرة تخيليت. أما الخط الأخير فيتجاهل وجود هذه الجزيرة، التي تبعد نحو ألف متر عن الشاطئ، وتعتبرها إسرائيل جزءا من يابستها، بينما يقول لبنان إنها ليست جزيرة بمفهوم القانون الدولي للبحار، وبالتالي ليس لها جرف ولا منطقة اقتصادية.
وعلى هذا الأساس، تتركز الخلافات بين لبنان وإسرائيل على ثلاث نقاط أساسية، وهي تحديد النقطة “ب -1” وتثبيتها عند رأس الناقورة كآخر منطقة حدودية بين البلدين، والنقطة الثلاثية التي تربط الحدود البحرية بين كل من لبنان وقبرص وإسرائيل، وأخيرا الوضعية القانونية لجزيرة تخيليت.
وكان قائد الجيش اللبناني جوزيف عون شدّد الشهر الماضي على أن ترسيم الحدود البحرية يجب أن يتم على أساس “الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة برا والممتد بحرا تبعا لتقنية خط الوسط دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، استنادا إلى دراسة أعدتها قيادة الجيش وفقا للقوانين الدولية”.