تصريحات عائمة لبلينكن عن فاغنر تلخص الارتباك الأميركي في السودان

اتهامات للجيش باستهداف المدنيين.
الثلاثاء 2023/04/25
انسجام تام

لم يحدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجهة التي تستعين بمجموعة فاغنر خلال الصراع المسلح المشتعل في السودان منذ أيام واكتفى بالتعبير عن القلق من وجود المجموعة الروسية في البلد بعد أيام من نفي الدعم السريع علاقتها بها، وهو ما يندرج بحسب مراقبين في سياق سياسة الحياد التي تعكس الارتباك الأميركي في البلد.

واشنطن - تعكس التصريحات العائمة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشأن تواجد مجموعة فاغنر في السودان مدى ارتباك واشنطن حول ما يجري في البلد، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات المسلحة وسط اتهامات للجيش باستهداف المدنيين والأحياء السكنية.

وجاءت تصريحات بلينكن بعد أيام من تأكيد قوات الدعم السريع وجود علاقة بين فاغنر والقوات المسلحة بقيادة عبدالفتاح البرهان، نافية ما تتداوله تقارير غربية بشأن استعانتها بمجموعة المرتزقة الروس خلال الصراع الحالي الذي تشهده البلاد.

وقال بيان الدعم السريع “نقف مدافعين ثابتين عن الحقيقة والعدالة وإرادة الشعب السوداني. نحن نرفض رفضا قاطعا مزاعم تورطنا مع مجموعة فاغنر في الصراع الحالي في السودان”. وأضاف “إن القوات المسلحة السودانية هي التي تحالفت مع هذه القوات الأجنبية، وليس قوات الدعم السريع”.

ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة تكرر الآن ما حدث في ليبيا قبل سنوات خلال حرب طرابلس، وبدل تقديم موقف واضح مما يجري اختارت إبداء الحياد، لافتين إلى أن الأمر استمرار لوهم أميركي بأن التعامل دون تفضيل مع العسكريين في السودان يمكن أن يقود إلى حكومة مدنية، في حين صار من الواضح أنه مسبب لإشعال التنافس.

ويشير المراقبون إلى أن وجود فاغنر وتنامي النفوذ الروسي في السودان ليسا أمرا جديدا، إلا أن وسائل إعلام غربية وخاصة أميركية تحاول استغلال ذلك بتلفيق تقارير عن علاقات وثيقة بين قوات الدعم السريع وروسيا لدفع الغرب إلى دعم البرهان، محاولين استنساخ ما جرى خلال حرب طرابلس عندما أشعل تواجد فاغنر مع قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر غضب الغرب وخاصة الولايات المتحدة وهو ما شجع على عدم ممانعة التدخل التركي الذي حسم المعركة لصالح الإسلاميين والمتحالفين معهم غرب ليبيا.

الموقف الأميركي استمرار لوهم بأن التعامل دون تفضيل مع العسكريين يمكن أن يقود إلى حكومة مدنية

وأعرب بلينكن الاثنين عن قلقه لوجود مجموعة فاغنر الروسية في السودان، حيث تتواصل المعارك منذ عشرة أيام بين الجيش وقوات الدعم السريع مخلفة المئات من القتلى.

وقال بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكيني “نشعر بقلق بالغ لوجود مجموعة بريغوجين (فاغنر) في السودان”.

وأضاف أن مجموعة فاغنر النشطة في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والمشاركة في الغزو الروسي لأوكرانيا “تجلب معها أينما تحركت المزيد من الموت والدمار”.

من جهته، أشار وزير الخارجية الكيني ألفريد موتوا بأصابع الاتهام إلى دول في الشرق الأوسط لم يذكر أسماءها. وقال موتوا “نحن قلقون للغاية من بعض أصدقائنا في الشرق الأوسط وكذلك روسيا ودول أخرى كانت لوقت طويل مقربة من أحد الجانبين”.

وتابع الوزير الكيني “هذا الوقت بالذات ليس مناسبا للانحياز إلى طرف في الحرب”. واعتبر أن فاعلين أجانب “يحاولون استخدام السودان ساحة لأي سبب من الأسباب”. وأضاف “نطالب القوى الخارجية بترك السودان وشأنه”.

وسائل إعلام غربية وخاصة أميركية تحاول استغلال ذلك بتلفيق تقارير عن علاقات وثيقة بين قوات الدعم السريع وروسيا لدفع الغرب إلى دعم البرهان

وتواصلت الاثنين الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم لليوم العاشر على التوالي، وسط تحليق للطيران الحربي واستمرار حالات النزوح نحو المدن الشمالية.

وشهدت عدة مناطق بالخرطوم (وسط) تحليقا للطيران الحربي، واشتباكات متقطعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وذكر شهود عيان أن مناطق أركويت (وسط) والكلاكلة (جنوب) والدوحة والمهندسين (غرب) شهدت تحليقا للطيران الحربي واشتباكات عنيفة في الشوارع مع مجاميع سيارات عسكرية لقوات الدعم السريع.

ومن منطقة بُرّي (وسط الخرطوم)، أشار الشهود إلى سماع أصوات تبادل إطلاق نار وتصاعد أعمدة الدخان جهة وسط الخرطوم ومحيط المطار الدولي.

وفي بيان عن مجريات الوضع قال الجيش السوداني الاثنين إن الموقف العمليّاتي “مستقر” بشكل ملحوظ.

وأضاف “تبعثرت مجموعات الميليشيا المتمردة (الدعم السريع) على نطاق واسع بالخرطوم (الجزء الجنوبي من العاصمة) وأجزاء محدودة من الخرطوم بحري (الجزء الشمالي الشرقي من العاصمة) وسط الأحياء للاحتماء بهذه التجمعات السكنية واتخاذ المواطنين دروعا بشرية”.

ولفت إلى أن “الموقف العمليّاتي مستقر بشكل ملحوظ وتستمر قواتنا في توسيع نطاق تأمين منطقة الخرطوم (وسط) بالتدرج لتجنب إلحاق أضرار بالمناطق السكنية”.

Thumbnail

من جانبها، تحدثت قوات الدعم السريع الاثنين في بيان عن “غارة جوية على أحياء سكنية متفرقة من العاصمة الخرطوم وحي الدوحة بأم درمان ومنطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم”، بينما لم يصدر على الفور بيان من الجيش السوداني بهذا الخصوص.

واشتكى مواطنون في العاصمة الخرطوم للأناضول من تذبذب في الوصول إلى خدمات الإنترنت بعد أن كانت مقطوعة لساعات.

وفي الأثناء يواصل العديد من المواطنين النزوح إلى المدن الشمالية أملا في العبور إلى مصر، بينما يحاول آخرون السفر إلى المدن المتاخمة للخرطوم مثل ولايتي الجزيرة وسنار (وسط).

واستمرت الاثنين جهود إجلاء الرعايا الأجانب من السودان وسط “التزام” معلن من قبل الجيش والدعم السريع بتسهيل وتأمين عمليات الإجلاء، بعد انتهاء هدنة إنسانية لمدة 3 أيام بمناسبة عيد الفطر.

ومنذ 15 أبريل الجاري يشهد السودان اشتباكات بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما.

وتشكلت قوات الدعم السريع في 2013 لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المتمردة بإقليم دارفور، ثم تولت مهام مكافحة الهجرة غير النظامية وحفظ الأمن، قبل أن يصفها الجيش بأنها “متمردة” عقب اندلاع الاشتباكات.

2