تصاعد حدة المعارك في أوكرانيا رغم استئناف المفاوضات

تواصل القوات الروسية قصف المدن الأوكرانية تزامنا مع جولة مفاوضات عقدت الإثنين حملت بارقة أمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتسعى كييف لإيقاف الحرب عبر التفاوض مع تزايد إحباطها من دعم حلفائها الغربيين.
كييف - تصاعدت حدة المعارك في أوكرانيا الاثنين، في اليوم التاسع عشر من الغزو الروسي، لترتفع حصيلة الضحايا مع إعلان مقتل 17 شخصا في قصف أوكراني في دونيتسك وشخصين في ضربات روسية في كييف، رغم إثارة جولة جديدة من المحادثات الروسية – الأوكرانية بعض الأمل.
وفي حين فرّ أكثر من 2.8 مليون شخص من أوكرانيا حتى الآن، لم يستبعد الكرملين الإثنين أن يسيطر الجيش الروسي على المدن الأوكرانية الكبرى في وقت يتقدّم باتّجاه عدد من المراكز الحضرية الرئيسية.
وأفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الصحافيين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعطى أوامر بالامتناع عن أي هجوم مباشر على المدن الكبرى نظرا إلى أن الخسائر المدنية ستكون كبيرة، لكنه أضاف أن “وزارة الدفاع لا تستبعد احتمال وضع مدن كبرى تحت سيطرتها الكاملة”.

ليونيد سلوتسكي: أتوقع أن نتوصل إلى موقف مشترك بين الوفدين
وفي الأيام الأخيرة اشتدت المعارك حول العاصمة التي أصبحت محاصرة بشكل شبه كامل والتي فر أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين.
وذكرت أجهزة الطوارئ الأوكرانية أن مبنى مكوّنا من ثماني طبقات في حيّ أوبولون في شمال كييف استُهدف فجرا “بنيران مدفعية” على الأرجح ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 12 آخرين.
وفي وقت لاحق تعرض حيّ آخر للقصف قرب مصنع أنتونوف للطائرات، ما أدى إلى مقتل شخص آخر.
وفي ضواحي كييف الشمالية الغربية حيث تدور معارك منذ أيام، توفي الصحافي الأميركي برنت رينو الأحد بعدما أصيب برصاصة في الرقبة من مصدر مجهول. وأكّد مستشار للرئيس الأوكراني مساء الأحد أن العاصمة باتت “مدينة محاصرة”.
وفي دونيتسك أكّد الانفصاليون الموالون لروسيا والمدعومون من موسكو والذين يسيطرون على هذا المركز الصناعي منذ العام 2014، أن قصفا للجيش الأوكراني استهدف وسط المدينة وأسفر عن مقتل 16 شخصا على الأقل بحسب وزارة الصحة المحلية، و23 قتيلا بحسب لجنة التحقيق الروسية. ونشروا صورا تظهر جثثا ملطخة بالدماء ملقاة في أحد الشوارع وسط ركام.
وإلى الغرب، في مدينة دنيبرو التي اعتبرت حتى الآن ملجأ للمدنيين الوافدين من خاركيف أو زابوريجيا، دوّت صفارات الإنذار صباح الإثنين لخمس ساعات، وذلك للمرة الأولى منذ بداية الغزو الروسي في الرابع والعشرين من فبراير.
وفي جنوب البلاد ضيّقت روسيا الخناق بحسب وزارة الدفاع البريطانية التي كتبت في تغريدة أن القوات البحرية الروسية فرضت “حصارا عن مسافة على السواحل الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، ما يجعل أوكرانيا في الواقع معزولة عن التجارة البحرية الدولية”.
وتعرّضت مدينة ميكولايف الساحلية أيضا للقصف الأحد، ما أسفر عن تسعة قتلى، بحسب السلطات.
وفي جنوب شرق البلاد لا يزال الوضع مأساويا في مدينة ماريوبول المحاصرة والتي أفادت بلديتها أنه للمرة الأولى منذ أيام تمكنت حوالي 160 سيارة من مغادرتها الإثنين عبر ممر الإجلاء باتجاه زابوريجيا.
وماريوبول مدينة ساحليّة استراتيجيّة واقعة بين شبه جزيرة القرم ودونباس، تفتقر إلى الطعام وسكّانها محرومون من الماء والغاز والكهرباء والاتصالات. وقُتل فيها أكثر من 2187 شخصا منذ بدء الهجوم الروسي بحسب البلدية.
واستؤنف الحوار الإثنين بين الوفدين الأوكراني والروسي عبر الفيديو. وفي بداية فترة ما بعد الظهر، أشار زيلينسكي إلى أن المفاوضات كانت “صعبة”.
وقال الرئيس الأوكراني في مقطع فيديو “علينا التمسك والقتال من أجل الفوز، من أجل تحقيق السلام الذي يستحقه الأوكرانيون، سلام صادق مع ضمانات أمنية لدولتنا وشعبنا تكتب خلال المفاوضات، المفاوضات صعبة”.
وأعلن رئيس المفاوضين الأوكرانيين ميخايلو بودولياك بعد ذلك “توقفا فنيا” قبل استئناف المحادثات الثلاثاء. إلا أن هذه المرة هناك بارقة أمل، بعدما فشلت الجلسات الثلاث الأولى من المحادثات التي عُقدت في بيلاروسيا ثمّ اللقاء بين وزيرَي الخارجية الروسي سيرجي لافروف والأوكراني دميترو كوليبا في تركيا الخميس.
والأحد تحدث مفاوض روسي عن إحراز “تقدّم كبير” في المفاوضات مع أوكرانيا. وقال المفاوض ليونيد سلوتسكي وفق ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسيّة “توقّعاتي الشخصيّة هي أن يتوصل هذا التقدّم قريبا جدا إلى موقف مشترك بين الوفدين وإلى وثائق لتوقيعها”.
والجمعة تحدث الرئيس الروسي عن “تقدم إيجابي” في المفاوضات فيما تحدث زيلينسكي السبت عن مقاربة روسية جديدة و”مختلفة” بشأن المفاوضات.
ورحب المستشار الألماني أولاف شولتس بالمحادثات بين المسؤولين الروس والأوكرانيين وغيرها من الجهود الدبلوماسية الهادفة لوقف الحرب في أوكرانيا، لكنه قال إن الاجتماعات لا بد أن تفضي إلى نتائج تسمح بوقف لإطلاق النار.
وقال شولتس للصحافيين بعد لقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة “يتعين علينا أن نضمن تحقيق نتائج قريبا من شأنها أن تجعل وقف إطلاق النار ممكنا”. واستدرك “على أوكرانيا أن تقرر ما تراه مناسبا بنفسها”.
وفي انتظار حدوث اختراق في المحادثات، مازال الجميع يتخوّف من خطر اتساع نطاق الصراع.
وأطلق حلف شمال الأطلسي في النرويج الإثنين تمارين عسكرية يُفترض أن تسمح بتقييم قدرة أعضائه على تقديم المساعدة لبعضهم البعض. ويشارك في التدريبات هذا العام نحو 30 ألف عسكري و200 طائرة وحوالي خمسين بارجة من 27 دولة، في المنطقة القطبية الشمالية.