تصاعد المخاوف الاجتماعية يدفع الجزائر إلى تأجيل قانون للتضييق على النقابات

الجزائر- انضمت جبهة القوى الاشتراكية إلى المعسكر الذي أبدى توجسه من أن يكون قانون النقابات الجديد الذي تستعد الحكومة لطرحه على البرلمان انتكاسة لحق العمال في الإضراب والاحتجاج وممارسة الحق النقابي، وهو الأمر الذي يكون قد أجبر الحكومة على إرجاء طرح المشروع بإيعاز من الرئيس عبدالمجيد تبون.
واعتبر أمين عام حزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش أن مشروعي القانونين المتعلقين بالممارسة النقابية وحق الإضراب تمّا دون استشارة مع الشركاء الاجتماعيين والفاعلين في المشهد النقابي والعمالي، وهو ما يمثل طرحا أحاديا لا يفكر في مصالح الطبقة العاملة والممارسة الديمقراطية.
وذكر بيان للحزب أن “المشروعين يقلصان المكاسب الديمقراطية للعمال، وبدل الوعي بضرورة فتح قنوات التعبير الحر، يعمل مسؤولونا على إسكات كل صوت مخالف”.
ولفت إلى أن الحزب مستعد للعمل مع كافة القوى الوطنية من أجل تطوير الإطار التشريعي، والعمل على إلغاء كل القوانين المنافية للقانون الأساسي في البلاد، في تلميح إلى بعض النصوص التشريعية التي توجه لها انتقادات شديدة، على غرار قانون النقابات.
وبهذا الموقف ينضم الحزب المعارض إلى معسكر القوى التي حذرت من تمرير قانون النقابات الجديد الذي يستهدف حق العمال في الإضراب، على غرار حزب العمال والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبدالحميد لعباطشة.
وأشار الحزب إلى ما وصفه بـ”القرار المفاجئ القاضي بحل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان”، التي تعتبر أحد رموز التعددية في البلاد، قياسا بتأسيسها نهاية ثمانينات القرن الماضي.
وعلق بيان الحزب على القرار بالقول “نعيش منذ بضعة أشهر إستراتيجية غير مسبوقة تعمل على تركيع المجتمع من خلال التراجع عن كل الحقوق والحريات الأساسية، ومن الأمثلة التي تجسد هذه الإستراتيجية حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في ظروف غامضة وغير قابلة للتبرير”.
وكانت زعيمة حزب العمال لويزة حنون قد دعت إلى سحب مشروع القانون، ووصفته بـ”الانقلاب على المكاسب الديمقراطية والعمالية”، وعبّرت عن استغرابها من حظر القانون للنشاط النقابي والممارسة السياسية أو الحزبية.
وكان بيان لمجلس الوزراء قد أشار إلى أن “القانون الجديد يهدف إلى تنظيم وضبط الممارسة النقابية، والعزل بين النضال النقابي والفعل السياسي”. كما فتح المجال أمام إمكانية منع الإضراب عن العمل في قطاعات لم يسمّها، لتنضم بذلك إلى بعض القطاعات الرسمية وشبه الرسمية، على غرار قوات الأمن والجيش، والدفاع المدني والقضاء.
ويبدو أن الحكومة قد استشعرت خطورة الخطوة التي أعلنت عنها، وإمكانية استفزاز الجبهة الاجتماعية والنقابية، ولذلك تكون قد جمّدت مشروع القانون بإيعاز من الرئيس تبون، إلى غاية إجراء مشاورات موسعة مع القواعد العمالية والنقابية.
وذكرت تقارير محلية، نقلا عن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين سليم لعباطشة أن “الرئيس تبون أمر الحكومة بإرجاء طرح المشروع إلى غاية إجراء مشاورات موسعة مع الفاعلين النقابيين والطبقة الشغيلة”.
وذكر لعباطشة أن “مسودة قانون ممارسة الحق النقابي التي عرضتها الحكومة لم تأت لتصحيح وتعديل المشاكل الحقيقية التي تعيشها النقابات”، لافتا إلى أن المسودة تسمح للأجانب بتأسيس منظمة نقابية بينما شركات أجنبية بالجزائر لا تسمح بتمثيل نقابي داخلها.
وأضاف أن “المشروع الذي قدمته الحكومة هو نفسه الذي جاء به نورالدين بدوي عام 2019 ولم يتغير فيه شيء”.
واستغرب الأمين العالم لأكبر التنظيمات النقابية في البلاد إدراج وزارة العمل تعديلا مبكرا على مشروع قانون ممارسة الحق النقابي، وتساءل عن “جدوى إصدار منشور يسبق صدور القانون الجديد الذي لا يزال قيد الدراسة”.