تصاعد التحذيرات من مخاطر اتساع الفجوة بين الاقتصادات الغنية والفقيرة

غانديناغار (الهند) – تواجه معظم حكومات العالم تحديات كبيرة مع اتساع رقعة خارطة الفقر في بلدانها، والتي تزحف بشكل مخيف وبتسارع على إيقاع تراكم الأزمات الاقتصادية.
وحذّر رئيس البنك الدولي أجاي بانغا الثلاثاء من أن الشرخ المتزايد بين الدول الغنية والفقيرة يهدّد بتعميق الفقر في العالم النامي، وذلك خلال اجتماع لوزراء المال وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة العشرين تستضيفه الهند.
وفي عالم يتسم بمستوى لم يسبق له مثيل من التنمية الاقتصادية والوسائل التكنولوجية والموارد المالية، لا يزال الملايين من الذين يعيشون في فقر مدقع يمثلون مشكلة حقيقية.
ويقول الخبراء إن الفقر ليس مسألة اقتصادية فقط، بل هو ظاهرة متعددة الأبعاد تشمل نقص كل من الدخل والقدرات الأساسية للعيش بكرامة.
165
مليون شخص سوف يصبحون ضمن حزام الفقر العالمي بحلول نهاية عام 2023
ويعاني الأشخاص الذين يعيشون في فقر من العديد من أشكال الحرمان المترابطة والمتعاضدة التي تمنعهم من إعمال حقوقهم وتديم فقرهم، بما فيها ظروف العمل الخطيرة وغياب الإسكان المأمون والطعام المغذي ووجود تفاوت في إتاحة الوصول إلى العدالة.
ولا تزال العديد من الدول وخاصة الضعيفة ومحدودة الدخل تسعى للتعافي من تبعات أزمتين متتاليتين هما الجائحة الصحية والحرب في شرق أوروبا وتسبّبتا بارتفاع حاد في أسعار الوقود والمواد الأساسية في العالم.
وإضافة إلى ذلك، يتسبّب التغيّر المناخي بتبعات مؤلمة على الدول الفقيرة الأقل قدرة على التأقلم معه، فيما يبرز اهتمام عالمي من أجل مسح البصمة الكربونية.
وأعرب بانغا عن خشيته من أن عدم تحقيق تقدّم في هذا المجال يهدد بانقسام حاد في الاقتصاد العالمي على حساب الدول الأكثر فقرا.
وقال في كلمة أمام اجتماع مجموعة العشرين إن “الأمر الذي يثير قلقي هو غياب للثقة يؤدي بهدوء إلى إبعاد دول الشمال ودول الجنوب عن بعضها البعض في وقت نحن نحتاج إلى أن نتوحد”.
وأشار خلال الاجتماع الذي بدأ الاثنين الماضي ويستمر يومين إلى أن “الإحباط الذي تشعر به بلدان الجنوب أمر مفهوم. ففي كثير من الجوانب تدفع هذه البلدان ثمن ازدهار الدول الأخرى”.
وقال إن تلك الدول “تشعر بقلق عميق من إعادة توجيه الوسائل التي وُعدت بها إلى إعمار أوكرانيا”. وأضاف أنها “تشعر بأن تطلعاتها محدودة لأن قواعد الطاقة لا تطبق عالميًا وهي قلقة من أن جيلا آخر سيقع في براثن الفقر”.
ويأتي انعقاد الاجتماع مع إعلان روسيا انتهاء العمل باتفاقية أتاحت تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود منذ العام الماضي على رغم الحرب التي تشنّها ضد كييف.
90
مليون شخص تحت خط الفقر المحدد عند مقياس دخل يومي بنحو 3.65 دولار، وفق احصائية للأمم المتحدة
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن القرار الروسي سيجعل “مئات الملايين من الأشخاص يواجهون خطر الجوع”، وأنهم “سيدفعون الثمن”.
وأفاد تقرير حديث أصدرته الأمم المتحدة قبل أيام بأنّ هناك علاقة بين المستويات المرتفعة للدين والإنفاق الاجتماعي والارتفاع المقلق لمعدلات الفقر في العالم.
وذكر أن الأزمات الأخيرة بداية من تفشي وباء كورونا إلى غلاء المعيشة دفعت بـ165 مليون شخص إلى براثن الفقر منذ العام 2020.
وبسبب الأثر التراكمي لهذه الصدمات، سيبلغ عدد الذين سقطوا في الفقر المدقع، أي مدخولهم أقل من 2.15 دولار في اليوم، إلى 75 مليون شخص بين 2020 ونهاية 2023.
وحسب توقعات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيصبح تسعون مليون شخص تحت خط الفقر المحدد عند مقياس دخل يومي بنحو 3.65 دولار.
وقال رئيس البرنامج أكيم شتاينر في بيان إنّ “الدول التي تمكنت من الاستثمار في تدابير حماية في السنوات الثلاث الماضية منعت وقوع عدد من الأشخاص في براثن الفقر”.
لكنه أشار إلى أن البلدان التي تعاني من مديونية كبيرة برزت فيها مشاكل هيكلية تتعلق بالإنفاق الاجتماعي غير الكافي، والارتفاع المقلق في معدلات الفقر.