تصاعد الاحتجاجات في محافظات تونسية رغم الحظر وتفشي كورونا

تونس – توسعت رقعة الاحتجاجات في عدد من المحافظات التونسية رغم الحظر العام الذي فرضته السلطات لمدة أربعة أيام للحدّ من تفشي جائحة كورونا.
وفي محافظة سليانة (شمال)، اشتبكت قوات الشرطة ليل الجمعة مع محتجين غاضبين، أضرموا النيران في إطارات السيارات ورشقوا الشرطة بالحجارة وأغلقوا الطرق، للتعبير عن رفضهم لتعرّض راعي أغنام للإهانة من قبل شرطي، في حادث فجر غضبا في البلد الذي يحتفل بالذكرى العاشرة للانتقال إلى الديمقراطية.
وقال شهود إن المحتجين أحرقوا إطارات سيارات وأغلقوا الطرق ورشقوا الشرطة بالحجارة، بينما طاردت قوات الأمن المحتجين وأطلقت قنابل الغاز.
وأظهر مقطع فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي شرطيا يوبّخ ويضرب راع دخلت بعض أغنامه إلى مقر الولاية (المحافظة). وفجر مقطع الفيديو موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال نشطاء إن من غير المقبول إهانة كرامة أي مواطن بعد عقد من ثورة التونسيين على الظلم والقهر.
وفتحت النيابة العامة تحقيقا في الواقعة. وقالت مصادر أمنية إن السلطات نقلت الشرطي وفتحت تحقيقا إداريا.
وشهدت مدينة سوسة الساحلية مواجهات خلال ليل الجمعة بين قوات الشرطة وشبان رشقوا قوات الأمن بالحجارة. وألقت الشرطة قنابل الغاز.
وقالت وسائل إعلام محلية إن اشتباكات محدودة وقعت أيضا في منطقة الكرم بالعاصمة، مشيرة إلى أن الشرطة اعتقلت عددا من الشبان، قالت إنهم كانوا يسعون إلى بث الفوضى والقيام بأعمال شغب.
والخميس، خرج شباب من العاطلين عن العمل في تونس في احتجاجات بسبب أوضاعهم في عدد من المدن رغم الحجر الصحي.
ويعيش أصحاب الشهادات الجامعية العاطلون عن العمل في تونس، حالة من الانتظار والترقب على أمل فتح باب التوظيف العمومي والتشغيل، ودخلوا منذ أشهر في اعتصام بمقر وزارة التعليم العالي.
وكشف المعهد الوطني للإحصاء في تونس (مؤسسة عمومية)، في أغسطس الماضي، أن نسبة البطالة ارتفعت من 15 في المئة إلى 18 في المئة، وهو المعدل الأعلى الذي تسجله تونس منذ ثورة 2011.
وأشار إلى أن البلاد خسرت ما يفوق 161 ألف فرصة عمل خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020، من بينها 52.7 ألف وظيفة في قطاع الخدمات، و51.9 ألف في قطاع الصناعات المعملية، و46.8 ألف في قطاع البناء.
وقبل عشر سنوات أطاحت احتجاجات حاشدة ضد الفساد والظلم والنظام القمعي بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، عقب إقدام محمد البوعزيزي على حرق نفسه بعدما صادرت شرطية عربته في سيدي بوزيد. وتوالت بعد ذلك الانتفاضات في بلدان المنطقة ضمن ما أصبح يعرف بالربيع العربي.
ورغم أن تونس تعد نموذجا للانتقال السلمي للحكم في منطقة تشهد اضطرابات، فإن مركزها الاقتصادي يزداد سوءا كما تعاني من احتجاجات متزايدة.
وينذر تفجر موجة من الاحتجاجات المطلبية المتزامنة في تونس هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بانفجار اجتماعي وشيك قد تطال حممه الأوضاع السياسية.
وتونس التي فاقمت الجائحة صعوباتها الاقتصادية، سجّلت تراجعا قياسيا بنسبة سبعة في المئة في إجمالي ناتجها المحلي.
ويرى متابعون أن هناك مجموعة من العوامل المتداخلة التي تمهد لتفجر الوضع في تونس، منها الطبقة السياسية التي تسيدت المشهد طيلة السنوات الماضية، ويعتبرها الكثير من التونسيين المتسبب الرئيسي في أزمات البلاد نتيجة سياساتها، ومنها النظام السياسي القائم على المحاصصة والتوافقات والذي شرعن الفساد ووسع دائرة عدم الاستقرار الحكومي.
ويقوم النظام السياسي في تونس، الذي حدده دستور 2014، على منح صلاحيات واسعة للبرلمان المناطة به مهام تزكية الحكومة وتمرير مشاريع القوانين، بينما تقتصر مهام رئيس الجمهورية على ملفات الأمن القومي والعلاقات الخارجية.