تصاعد الأصوات الداعية إلى تسريع الحوار السياسي في الجزائر

حالة ترقب في انتظار تأكيد نوايا السلطة حول جدية المبادرة السياسية.
الاثنين 2024/12/23
دعوات لإيجاد أرضية مشتركة حول الجزائر المستقبلية

الجزائر  - انضم حزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي للسلطة في الجزائر إلى لائحة المطالبين بفتح حوار سياسي شامل في البلاد، بغية بلورة خارطة طريق تكفل إنشاء جبهة داخلية متماسكة وتفادي أي سيناريو يستهدف ضرب أمنها واستقرارها، غير أن البعض في الطبقة السياسية بات يتخوف من تمييع المسألة في ظل دخول أحزاب السلطة على الخط، بينما ظل المطلب مقتصرا على المعارضة.

ودعا أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي بالنيابة مصطفى ياحي، الرئيس عبدالمجيد تبون إلى تقديم موعد الحوار الوطني، الذي وعد به خلال خطاب التنصيب بعد انتخابه للجمهورية للمرة الثانية على التوالي، وهو ما يوحي بأن التطورات المتسارعة داخليا وخارجيا باتت تحفز حتى الموالين للسلطة من أجل فتح حوار سياسي.

ويبدو أن مسألة الحوار السياسي في البلاد، لم تعد مطلبا حصريا لأحزاب المعارضة، بعد التحاق قوى قومية وإسلامية بالأصوات المنادية به، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة، لاسيما سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي كان يمثل أحد حلفاء النظام الجزائري، فضلا عن توترات إقليمية وأزمات مستجدة في الساحل وفرنسا.

وصرح أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي مصطفى ياحي، أمام أنصاره وكوادره بشرق البلاد، بأن حزبه “يرى أن طبيعة التحولات والتطورات المتسارعة على المستوى الإقليمي والدولي، بأبعادها الجيوسياسية والأمنية ومخاطرها المباشرة على أمن واستقرار بلادنا، تفرض علينا العمل معا من أجل حوار وطني شامل لإيجاد أرضية مشتركة حول رؤية الجزائر المستقبلية.” وأضاف “من هذا المنظور، فإننا نلتمس من رئيس الجمهورية تقديم موعد الحوار الوطني الذي أعلن عنه خلال مراسيم تأديته لليمين الدستورية”، وهي دعوة صريحة تؤكد التحاق الموالين للسلطة بالمطلب المذكور.

وعلى صعيد آخر، ندد الأمين العام لحركة النهضة الإسلامية محمد ذويبي بما أسماه بـ“الدسائس والمؤامرات التي تقوم بحياكتها بعض الأطراف في فرنسا ضد الجزائر”، في إشارة إلى قوى اليمين السياسي الفرنسي الذي يشن حملة ضد النظام السياسي في الجزائر منذ عدة أسابيع، على خلفية توقيف الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال.

لويزة حنون: توظيف المشاكل من قبل بعض الأطراف حق أريد به باطل
لويزة حنون: توظيف المشاكل من قبل بعض الأطراف حق أريد به باطل

وصرح رئيس الحركة الإسلامية المؤيدة للسلطة بأن “الشعب الجزائري واع بمختلف التحديات والرهانات وهو على إجماع في كل القضايا الكبرى، لاسيما نبذ الاستعمار ودعم قضايا التحرر العادلة في العالم وفي مقدمتها قضيتا فلسطين والصحراء الغربية.”

ورافع المتحدث لصالح تقديم موعد الحوار الوطني الذي يعتزم الرئيس تبون إجراءه قبل نهاية العام المقبل، معبرا عن أمله في أن يؤدي هذا الحوار إلى تحصين الجبهة الداخلية والدفع إلى حركية وطنية سياسية، اقتصادية، ثقافية واجتماعية تحمل كلها رسالة جزائر آمنة مستقرة ومزدهرة تحفظ الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وصاحبة السيادة والقرار.

وفي تقييم لها للمستجدات السياسية الداخلية والإقليمية، حذرت رئيسة حزب العمال لويزة حنون مما وصفته بـ“توظيف المشاكل من قبل بعض الأطراف هو حق أريد به باطل، كونه يأتي من منطلق استعمالها كمطية لبلوغ أهداف تخريبية مبرمجة من الخارج”، وذلك في تلميح إلى الأصوات المتصاعدة على شبكات التواصل الاجتماعي، سواء المنادية بالعودة إلى الشارع، أو المعبرة عن رفضها للأوضاع السائدة في البلاد.

ووصفت الحراك الإلكتروني بـ“الممارسات التي تدعي زورا ثورة، ومغالطة واضحة المعالم، كون لا وجود لثورة إلا التي تنبثق عن قاعدة داخلية عمالية أو طلابية أو غيرها.” وأضافت “أما خارج هذا المنطق، فهي مستوردة، ولا تعدو أن تكون سوى حروب تفكيكية”، في تلميح إلى سيناريو استنساخ ثورة مطابقة لما جرى في سوريا، والتي وصفتها بـ”التفكيكية”، رغم التفاعل الإقليمي والدولي مع تطورات الوضع في سوريا، والسير نحو الاعتراف بما كان يوصف في وقت سابق بـ“الحركات الإرهابية”.

ودعت حنون السلطة السياسية في البلاد إلى إحداث قطيعة صريحة وفعلية مع ما ينتج الضيق السياسي والاجتماعي، وشددت على أن “حزبها لا ينكر الجهود الرامية إلى تحسين ظروف المعيشة لفئات اجتماعية واسعة، وتطرق إليها قانون المالية للسنة المقبلة.” وأشادت المتحدثة بـ“المشاريع الكبرى التي من شأنها تحقيق نتائج”، لكنها اعتبرت تلك القرارات “جزئية” وتتم في “غياب رؤية استشرافية استباقية.”

ولسد جميع الذرائع المستعلمة من قبل الجهات الأجنبية لزرع الفوضى، دعت المرشحة المنسحبة من سباق الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى رفع القيود أمام العمل السياسي والنقابي والصحفي، وإلى فتح نقاش وطني واسع، دون قيود حول كل المسائل التي تتعلق بالبلاد، من بينها قانونا الولاية والبلدية. ولفتت المتحدثة إلى أن حزبها يعكف على دراسة مشروعي قانوني البلدية والولاية، من أجل “حل جملة المشاكل المطروحة التي تستفيد منها جهات معينة تحاول الصيد في المياه العكرة.”

ومع تزايد دعوات الحوار السياسي في البلاد، لا تزال قوى معارضة تتحفظ على المبادرة رغم ترحيبها بالدعوة المعلنة في خطاب تنصيب الرئيس تبون لولاية رئاسية ثانية، وعلل حزب جيل جديد المعارض، حالة الانتظار والترقب بانتظار تأكيد نوايا السلطة لفتح حوار حقيقي يبدأ بقرارات تهدئة وانفتاح، أو استغلال الفرصة لذر الرماد في العيون عبر جلسات بين السلطة وأذرعها السياسية.

 

اقرأ أيضا:

        • #مع_بلادي ضد #مانيش_راضي.. اشتباك هاشتاغات في الترند الجزائري

4