تشييع حارس الثورة على وقع احتدام معركة إدلب الأخيرة

دمشق- شيّع المئات، الأحد، عبدالباسط الساروت، لاعب كرة القدم السابق وأحد أبرز وجوه الاحتجاجات الشعبية قبل أن يحمل السلاح، غداة وفاته متأثراً بجروح أصيب بها خلال مشاركته في المعارك ضد الجيش السوري في شمال غرب سوريا.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه محافظة إدلب وريف حماه معارك عنيفة بين القوات الحكومية والفصائل الإسلامية والجهادية، وسط أنباء عن استعادة الأولى السيطرة على مواقع كانت خسرتها في الأيام الأخيرة.
وتعد معركة إدلب حاسمة في مسار الحرب السورية وهي المعركة الأخيرة بين المعارضة والنظام السوري، الذي نجح في استعادة معظم المناطق التي فقدها خلال سنوات الحرب الثماني.
وخلافا لمحافظة إدلب وريفي حماه واللاذقية، ليس للمعارضة وجود مؤثر على سياق الحرب، حيث ينحصر باقي حضورها في ريف حلب تحت غطاء القوات التركية الموجودة على الأرض هناك، وهو ما يجعل الكثيرين يطلقون على إدلب المعركة الأخيرة.
ونعى معارضون سوريون سياسيون وعسكريون وناشطون الساروت (27 عاماً)، الذين رأوا فيه “رمزاً من رموز الثورة”، وتداولوا مقاطع فيديو قديمة له أثناء قيادته للاحتجاجات قبل سنوات.
والساروت واحد من عشرات القتلى الذين سقطوا خلال اشتباكات عنيفة مستمرة منذ مساء الخميس في ريف حماه الشمالي. وأصيب الساروت الخميس أثناء مشاركته في القتال ضمن صفوف فصيل “جيش العزة”، ثم توفي السبت متأثراً بإصابته بعدما نقل إلى تركيا المجاورة لتلقي العلاج.
ووصل جثمانه إلى إدلب الأحد حيث استقبله المشيعون عند معبر باب الهوى الحدودي وساروا خلفه في سياراتهم وعلى دراجاتهم، وأطلق البعض النار في الهواء، وصولاً إلى بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي حيث وري الثرى. وفي بلدة الدانا، شارك المئات في تشييع الساروت. ووضع المشيعون جثمان الساروت على أكتافهم، وحمل البعض صوراً له وللعلم الذي اعتمدته المعارضة.
وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، كان الساروت (27 عاماً) حارس مرمى المنتخب السوري للشباب لكرة القدم ونادي الكرامة العريق. ويصفه ناشطون بـ”حارس الثورة”، ويرى البعض في مسيرته اختصارا لتحولات الأزمة في سوريا من حركة الاحتجاجات السلمية إلى النزاع المسلح مروراً بالتطرف الإسلامي.
والتحق الساروت بالتظاهرات في مدينته حمص (وسط)، وأضحى أحد أبرز الأصوات التي تقودها بالأناشيد. ومع تحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح، حمل الساروت السلاح وقاتل في حمص قبل أن يغادرها في 2014 إثر اتفاق إجلاء بعد حصار استمر لعامين لفصائل المعارضة في البلدة القديمة. وهو الذي خسر جراء المعارك والده وأربعة من أشقائه.
واتخذ الساروت طريقاً أكثر تشدداً قبل أن يعود ويلتحق بالفصائل الأقل راديكالية ويصبح أحد قياديي فصيل “جيش العزة” الناشط في ريف حماه. وكتب الباحث والأستاذ الجامعي في باريس زياد ماجد على صفحته على فيسبوك أن الساروت “هو أصدق تعبير عن الثورة السورية وتعرّجاتها ومآلاتها”.
وأضاف “من متظاهر ومنشد سلمي يطلب الحرّية، إلى مقاتل دفاعاً عن حمص العدية (…) إلى مواكب لتحوّلات الهويّات القتالية والمقترب لفترة من التطرف وراياته السوداء، ثم المبتعد عنها والعائد إلى ريف حماه الشمالي”.