تشويش على خطط الرئيس التونسي لمكافحة الفساد

تونس ـ تحاول أطراف سياسية عديدة التشويش على البرنامج الحكومي الذي وضعه الرئيس التونسي قيس سعيّد لمكافحة الفساد في سعي للتقليل من قيمته والضغط على فريقه الحكومي، خاصة وأنه يجري حاليا التجهيز لاستراتيجية وطنية بشأن الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام.
واعتبر حزب التيار الديمقراطي في تونس، وهو أحد مكونات الائتلاف الحكومي السابق في البلاد، الاثنين أن "حصيلة الحرب على الفساد ضعيفة" طيلة الشهور الثلاثة الماضية، داعيا الرئيس قيس سعيّد إلى "تحديد سقف زمني لفترة الإجراءات الاستثنائية".
وحث التيار الديمقراطي (22 نائبا من 217)، في بيان، سعيّد على "رسم رؤية واضحة المعالم تبيّن وتحدد الخطر الدّاهم والآليات الكفيلة لدفعه"، والذي استند إليه في اتخاذ قرارات الخامس والعشرين من يوليو.
كما طالب بالإسراع في فتح ملفات شبهات الفساد التي طالت بعض القضاة وإنفاذ القانون في حقهم وإعادة فتح هيئة مكافحة الفساد، بما من شأنه أن يساعد في محاربة شبهات الفساد السياسي وغيره الذي أنهك البلاد، وفق البيان.
واعتبر الحزب أن "حكومة نجلاء بودن برئاسة قيس سعيّد وتحت مسؤوليته أمر واقع لإدارة الفترة الاستثنائية، وعليها (الحكومة) السّعي للخروج منها بأقل الأضرار اقتصاديا واجتماعيا وماليا وصحيا، وفتح ملفات الفساد المالي والسياسي وتطبيق مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب".
وتأتي دعوة التيار الديمقراطي على خلفية تصريحات للرئيس التونسي استهدف بها رئيس الحزب غازي الشواشي واتهمه ضمنيا بشبهات فساد، فيما ندد التيار بما قال إنه تعمد من سعيّد لـ"تشويه الحزب في شخص أمينه العام (النائب) غازي الشواشي، والإيهام بشبهات فساد خالية من أي سند قانوني"، معتبرا ذلك سياسة واضحة لضرب الخصوم السياسيين وترذيل العمل الحزبي وتشويه وتخوين كل من يعارضه من الشخصيات الوطنية والأحزاب الصادقة والنزيهة، وفق بيانه.
ويواجه حزب التيار الديمقراطي اتهامات متصاعدة بالتورط في الفساد أو حتى الدفاع عنه، وهو ما يضع مصداقية هذا الحزب على المحك، خاصة وأنه رفع لواء الدفاع عن "الدولة القوية والعادلة" التي تكافح الفساد والمحسوبية دون تهاون.
وتقول أوساط سياسية تونسية إن عجلة مكافحة الفساد بدأت تدور في البلاد، خاصة بعد أن طالت الإيقافات العديد من المسؤولين والوزراء السابقين، وهو ما يشير إلى أن هناك دفعا لإنجاح مسار مكافحة الفساد، فضلا عن تعجيل التحرك في الملفات التي تراكمت منذ سنوات ولم تعرها الحكومات السابقة الأهمية اللازمة.
وقد ساهمت هذه الإجراءات في ارتفاع شعبية الرئيس التونسي أكثر بسبب خطواته في مكافحة الفساد وضرب الاحتكار، التي جعلته يبدو في صورة المنقذ الذي انتظره التونسيون كثيرا، وهو نجاح يزعج خصومه ومنتقديه الرافضين لقراراته الاستثنائية، زاعمين أنها عززت صلاحياته على حساب البرلمان والحكومة، وأنه يريد تعديل الدستور لتغيير نظام الحكم إلى رئاسي.
وأعرب التيار الديمقراطي عن رفضه "أي توجه لتعديل الدستور في ظل الإجراءات الاستثنائية وخارج الآليات والشروط التي نص عليها دستور 2014".
كما شدّد على أن "تعديل المنظومة الانتخابية، بما في ذلك القانون الانتخابي، يكون بالضّرورة بتشريك وبحوار جدي حقيقي ومباشر بين القوى السياسية والمدنية والخبراء في المجال".
وتعاني تونس منذ 2011 من تفاقم ظاهرة الفساد التي طالت العديد من القطاعات، رغم الحملات التي أطلقت لمكافحته، علاوة على العديد من الملفات الحساسة التي يُنتظر أن يبت فيها القضاء، على غرار الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد بعد ثورة الرابع عشر من يناير.
وكان الرئيس سعيّد قد أكد أن "الفساد عمّ واستشرى في كل المجالات"، وأشار إلى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة مختلفة تماما عن المراحل السابقة، حتى يستعيد الشعب قدراته التي نهبت منه في نطاق القانون.