تشكيل حكومة يمين إسرائيلية يعمق الفجوة مع يهود الولايات المتحدة

القدس - على مدى سنوات طويلة، كانت العلاقة معقدة بين الحكومات الإسرائيلية واليهود الأميركيين، لكنّ محللين يقولون إن تشكيل حكومة يمينية متشددة في تل أبيب ينذر بجعل العلاقة أشد تعقيدا.
واستنادا إلى معطيات رسمية إسرائيلية، فإن نحو 7 ملايين يهودي يعيشون في إسرائيل، في حين يقيم أكثر من 6 ملايين يهودي في الولايات المتحدة، فيما ينتشر بضع مئات الآلاف في دول عدة حول العالم.
وليس كلّ ما تراه الحكومة الإسرائيلية مقبولا لليهود الأميركيين، ففي حين دعم رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو الحزب الجمهوري واختلف مع الحزب الديمقراطي، فإن غالبية اليهود الأميركيين تدعم الحزب الديمقراطي وتصوّت له.
ولطالما انتقد الرئيس السابق دونالد ترامب دعم اليهود الأميركيين لمنافسه في الحزب الديمقراطي، رغم كل ما قدّمه لإسرائيل بما في ذلك نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
ويرى محللون إسرائيليون أن تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو مدعومة من اليمين المتشدد، ستعمّق الفجوة بين تل أبيب واليهود الأميركيين.
وقال الحاخام والمحلل الإسرائيلي إلحنان ميلر “التحرك نحو اليمين في السنوات الماضية في إسرائيل خلق نوعا من الفرق بين يهود إسرائيل ويهود الولايات المتحدة”.
ولفت ميلر إلى أن “اليهود الأميركيين في معظمهم ليبراليون، ويُحسبون على المعسكر الليبرالي المتقدم واليساري في السياسة الداخلية الأميركية، وهذا خلق نوعا من الفجوة بينهم وبين أقربائهم هنا في إسرائيل”.
وتابع “المخاوف لدى اليهود الأميركيين تخصّ إمكانية التجنّس في إسرائيل، فاليوم توجد إمكانية للتجنيس التلقائيّ حال وجود جدّ أو جدة يهودية لمقدم الطلب، ولكن هناك تهديدات من الأحزاب اليمينية بتغيير هذه القوانين واعتبار أن اليهوديّ هو فقط من له أم أو أب يهودي”.
ومضى يقول “هذا من شأنه أن يقلل عدد اليهود الحاليين الذين يمكنهم التقدّم بطلبات الحصول على جنسية، ما يحرم الجنسية للعديد من اليهود خارج إسرائيل، خاصة في روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة”.
وأردف أن “هذه الفئة من اليهود لا يُعتبرون يهودا حسب الشريعة اليهودية، ولكن إسرائيل تعتبرهم يهودا لأغراض التجنيس، وهو ما يتسبب بقلق كبير لديهم”.
وأوضح المحلل الإسرائيلي أنشيل بيففر أن “العلاقة بين نتنياهو واليهود الأميركيين الليبراليين كانت متوترة في كثير من الأحيان، لكنه لم يسع قط إلى قطع العلاقات، ومع ذلك فإن شركاءه في التحالف لديهم أفكار أخرى، وقد يكون عاجزا عن إيقافهم”.
وكتب في مقال بصحيفة هآرتس الإسرائيلية “لأول مرة على الإطلاق، يبدو أن إسرائيل على وشك أن تكون لديها حكومة فيها غالبية مستعدة لا فقط للمخاطرة بالعلاقات بين أكبر مجتمعين يهوديين في التاريخ، بل سيكونون في الواقع سعداء للغاية بقطع هذه الروابط تماما”.
وأضاف “النغمة السائدة للائتلاف الحاكم الإسرائيلي القادم هي: اللعنة عليكم، لليهود الأميركيين وفي الشتات بشكل عام”. وتابع “هناك موجة تقودها شخصيات مثل زعيم الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، والنائب من حزب الليكود ذو النفوذ المتزايد شلومو كرهي، الذين قدموا اقتراحين لإلغاء البند الذي يسمح لأحفاد الجدّ اليهودي بالهجرة إلى إسرائيل”.
وأشار بيففر إلى أن “مطالب شركاء نتنياهو في الائتلاف بالقفز على حكم محكمة العدل الإسرائيلية الذي اعترف بالإصلاح والتحولات المحافظة إلى اليهودية وإلغاء بند الحفيد، هي جزء من تحرّك أوسع لإنهاء العلاقات الرسمية لإسرائيل مع أيّ مجتمع أو فرد يهوديّ غير أرثوذكسي، وبعبارة أخرى، غالبية اليهود الأميركيين وبقية الشتات”.
العلاقة بين نتنياهو واليهود الأميركيين الليبراليين كانت متوترة في كثير من الأحيان، لكنه لم يسع قط إلى قطع العلاقات
وستجد الحكومة الإسرائيلية القادمة نفسها في خلاف مع منظمات يهودية في الولايات المتحدة، تعارض الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ومن بين هذه المنظمات “جي ستريت” و”أميركيون من أجل السلام الآن” وغيرهما العشرات.
وعشية الانتخابات الإسرائيلية مطلع نوفمبر، قالت جمعية “أميركيون من أجل السلام الآن” في تغريدات على تويتر “نعم أجرت إسرائيل انتخابات ديمقراطية، لكن هذا لا يعني أن هذه الحكومة مثل أي حكومة سابقة، إنها ليست كذلك”.
وأضافت أن “الحكومة القادمة تشمل أحزابا وقادة (يكاد يكون مؤكدا أنهم سيحصلون على حقائب وزارية رئيسية)، عنصريين بلا خجل، ومعادين للمثليين، ويكنّون الكراهية للأجانب وعنيفين”.
وتابعت “لن نلتقي مع بن غفير، لن نلتقي مع سموتريتش، لن نلتقي بممثلي الحكومة التي يخدمون فيها، نحن نقولها بصوت عال وواضح، لأن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للتظاهر بأنّ كل شيء على ما يرام وأن هذه الحكومة ستكون على ما يرام”.
وكان زعيم “القوة اليهودية” اليميني المتشدد إيتمار بن غفير توصّل إلى اتفاق مع “الليكود” بزعامة نتنياهو لتولّي حقيبة الأمن القومي في الحكومة القادمة.
كما يطالب زعيم “الصهيونية الدينية” اليمينيّ المتطرف سموتريتش بالحصول على حقيبة الدفاع أو المالية في الحكومة القادمة.